تستلزم الاحاطة بمشروع قانون المسطرة المدنية التقديم له بمقدمات تساعد على فهم ما يضمره من اثار عند تطبيقه. وتساعد على محاولة فهم إرادة المشرع, أي إرادة الحكومة, مشروع قانونها. وهو التقديم المتمثل فيما يلي:
المقدمة الاولى
يظهر أن مشروع قانون المسطرة المدنية سيسجل في تاريخ التشريع المغربي كأول مشروع قانون عرف من النقاش والانتقاد أكثر من أي مشروع قانوني آخر في الفترة الاخيرة. بالنظر للمشاركة الواسعة في هذا النقاش من قبل المحامين والقضاة والاساتذة جامعيون والاحزاب وغيرهم من نساء ورجال القانون.
وهذا النقاش المفتوح يجب أن يصبح قاعدة تهم كل مشاريع القوانين لما فيه من حسنة المساهمة في تجويد تلك القوانين والاستفادة من الأطر الكبيرة القانونية في بلادنا التي لا تسمح لها الطريقة التي تمر بها الانتخابات العامة من أن تكون أعضاء في البرلمان. أي في المكان الذي يصنع فيه التشريع.
وهذه المساهمات الفكرية هي فرصة كبيرة تمكن بلادنا من الاستفادة من اراء هذه الأطر الموجودة خرج البرلمان في انتظار ان تتمكن من ان تتاح لها الفرصة لكي تساهم من داخل المؤسسة التشريعية.
غير ان السؤال الذي يفرض نفسه بعد الاطلاع على مشروع القانون هو التالي: ما هو مبرر الغاء المسطرة المدنية الجاري بها العمل اليوم بكاملها. وسن قانون مسطرة مدنية جديد.
علما ان إلغاء قانون المسطرة الجاري به العمل سيلغى معه كل الاجتهادات القضائية والعمل القضائي الذي راكمه المغرب لما يزيد على نصف قرن. وسيؤثر الغاء المسطرة الحالية على استقرار العمل القضائي وبالتبع لذلك على استقرار الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
ألم يكن من المفيد ان يتم إدخال التعديلات التي تجيب على بعض الإشكالات المطروحة اليوم وعلى رأسها معضلتي التبليغ والتنفيذ الذي لا يظهر ان المشروع قدم لها حلولا ناجعة و نهائية.
المقدمة الثانية
لكي نستوعب أي قانون كيف ما كان لا بد من إعمال الوسيلة والآلية الصحيحة لقراءته. إذ في غيابها قد لن نتمكن من الاستيعاب الكامل والحقيقي لذلك القانون. بالنظر لتعدد القوانين الجاري بها العمل اليوم في المغرب والمرشحة للتزايد. وبالتالي للتداخل فيما بينها مما يؤدي الى الصعوبة فهمها.
وبخصوص مشروع قانون المسطرة المدنية فإنه يمكن قراءته بثلاثة قراءات:
-الأولى هي قراءة المشرع.
-الثانية هي قراءة الجامعة.
-الثالثة ما اسميه بقراءة التطبيق.
فقراءة المشرع للنص القانوني, هي القراءة التي يقوم بها من يصنع القانون. أي الحكومة وأغلبيتها في البرلمان. وهذه القراءة تنطلق من البرنامج السياسي للحزب الذي يترأس الحكومة. وبالتالي فالحكومة هي العارفة بالغرض من تقديمها لمشروع هذا قانون. وهو الغرض الذي قد تعلن الحكومة وتعلن عن إرادتها وراء تقديم ذلك المشروع. وقد لا تعلن عليها إما بالسكوت المطلق. او بالإعلان عنها جزئيا او بشكل لا يتبين منه الحقيقة الكاملة وراء اقتراح ذلك القانون. كما سنرى بعض المواد المترجمة لهذا الموقف.
بينما قراءة الجامعة فهي قراءة تنظر إلى مشروع أي قانون انطلاقا من مقابلته ومقارنته مع النظريات الكبرى المؤسسة للقانون. ومع المبادئ الكبرى للقانون لتبحث هل استجاب مشروع القانون للمعايير هذه النظريات وهذه المبادئ التي تؤسس عليها كل القوانين. ام انه أخل بها. كما تبدي رأيها فيه من أجل تجويده.
ثم هناك القراءة التي أسميها بقراءة التطبيق. أي القراءة التي تحاول النظر في الأثر الذي سيحدثه قانون معين على المتقاضي أو على المواطن عندما يطبقه عليه القاضي.
وهذا التوصيف ليس إبداعا من محرر هذا المقال، بل هو إعمال للمادة 19 من القانون التنظيمي المتعلق بعمل الحكومة التي تتوجه للحكومة وتطلب منها قبل ان تقرر تقديم أي مشروع قانون جديد. او تعديل قانون جاري به العمل, ان تقوم بدراسة الأثر. أي تقوم بدراسة ما سيحدثه القانون الجديد او التعديل الجديد من تغييرات على المواطن والمتقاضي من جهة. وهل المغرب في حاجة ماسة لذلك القانون الجديد او لذلك التعديل الجديد من جهة أخرى.
غير أن الحكومة فيما يخص مشروع قانون المسطرة المدنية لم تعلن هل أنجزت دراسة للأثر لهذا المشروع ام لا.
لكن وقبل الدخول في مناقشة مشروع القانون لا بد من التذكير بالسياق السياسي الذي قدم فيه مشروع قانون المسطرة المدنية.
ان السياق السياسي الذي قدم فيه مشروع قانون المسطرة المدنية للبرلمان، وهو سياق يتميز فيه الحكومة بهيمنة كاملة لأغلبيتها على البرلمان. أي انه لا مجال لأي دور للمعارضة في أي تغيير او تعديل لمشروع القانون, إذا لم تقبل به الحكومة.
بل حتى اللجوء الى المحكمة الدستورية ليس متاحا لأي حزب من أحزاب المعارضة وحده. ما لم تتفق كلها على كلمة واحدة. وهو الامر الذي لن يتحقق كما كشفت عن ذلك المحاولة الأخيرة لتقديم ملتمس الرقابة الذي اقترحه الفريق الاشتراكي والذي لم تجتمع عليه كل أحزاب المعارضة.
لهذا السبب إذا لم تبادر الحكومة إلى إدخال التعديلات التي تلائم مشروع القانون مع الدستور فإن هذا المشروع سيصوت عليه البرلمان كما هو بكل ما يحمل من تعارض مع الدستور وتعارض مع قواعد النجاعة القضائية.
فهذا المقال, مثل غيره من اصوات نساء و رجالات القانون, هو دعوة الى رئيس الحكومة الى التريث في دفع البرلمان الى التصويت على مشروع قانون المسطرة المدنية. وان يبادر الى إعطاء تعليماته بصفته رئيس للحكومة وبصفته رئيس للأغلبية البرلمانية من اجل ادخال التعديلات التي تجعل من المشروع غير مخالف للدستور. وضامن للمحاكمة العادلة. وحامي لحقوق المتقاضين. وهي الامور الغائبة في هذا المشروع اليوم. كما سيبن مما يلي.
وفي جميع الأحوال فإن السؤال الذي يوضع اليوم ونحن أمام دستور 2011 هو هل الحكومة حرة في ان تفرض على المجتمع المغربي أي نص قانوني لأنها تستند الى أغلبيتها الساحقة في البرلمان. أم أن الدستور وضع لها حدودا لسلطتها تلك لا يحق لها تجاهلها او تجاوزها موضوعة لحماية المواطن من التعسف باسم القانون.
من المفيد التذكير بأن سلطة البرلمان في التشريع انتقلت من اختصاصه في التشريع قي ما يقارب 9 مجالات كما كان الحال عليه في دستور 1996 وما قبله من الدساتير. ليصبح اليوم في إطار دستور 2011 يملك سلطة التشريع إلى ما يزيد على 30 مجالا.
وهذا التحول نتج عن التحكيم الملكي الثالث الذي أسميه تحكيم بين الدولة والدولة. والمتمثل في دستور 2011 الذي تخلى فيه جلالة الملك على سلطة التشريع بشكل كامل في كل ما يتعلق بالعلاقات بين افراد المجتمع او علاقتهم مع الدولة او الإدارة.
لكن دستور 2011 لم يترك سلطة الحكومة في التشريع مطلقة. بل قيدها بعدة قيود هي تلك المنصوص عليها في الفصول 6 و118 و120 و121 منه. كما أحدث إمكانية الطعن في أي قانون ما عندما يخالف الدستور. وهي الإمكانية التي لازالت معلقة لأن القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية لازال لم يحل بعد على البرلمان.
وأنه لهذه الأسباب فإن من مسؤولية رئيس الحكومة توجب عليه أن يبادر إلى الامر بإدخال التعديلات التي ستجعل من المشروع غير مخالف للدستور وحاميا لمصالح المتقاضين.
إن قراءة التطبيق، المشار إليها أعلاه لمشروع قانون المسطرة المدنية تؤدي إلى خلاصات لا نتنماها وهي:
ولكي نفهم الاثر الذي سيحدثه مشروع القانون إذا ما طبق على حالته , يجب أن نعود إلى بيان الأسباب الذي قدم لذلك المشروع لنتعرف على الأسباب التي أسندت الحكومة في تقديمها له.
إن الاطلاع على بيان الأسباب يتبين منها أن الحكومة لم أبعدت وثيقتين لهما أهمية قصوى في إصلاح العدالة. وحقيقة انا لا أعرف سبب عدم الاعتماد على تلك الوثائق.
هذه الوثائق هي خلاصات التقرير المتعلق بالنموذج التنموي من جهة. الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك لأول مؤتمر حول استقلال السلطة القضائية من جهة أخرى.
وبالرجوع إلى خلاصات تقرير النموذج التنموي نجده وضع يده على الإشكال الكبير المتعلق بطريقة وشكل وصياغة القوانين الذي تطبق في المغرب. وهو الإشكال الذي تناوله تقرير النموذج التنموي تحت عنوان العائق الرابع للتنمية. إذ ورد في ذلك التقرير ما يلي:
" يتعلق العائق الرابع بالشعور بضعف الحكامة وعدم القدرة على التوقع الذي يحد من "المبادرات بسبب الهوة ما بين بعض القوانين التي تتخللها مناطق رمادية والواقع "الاجتماعي. وقضاء يعاني من انعدام الثقة إضافة إلى ثقل البيروقراطية وتعثر سبل "الانصاف.
كما يضيف تقرير النموذج التنموي في فقرات أخرى ما يلي:
"...إن الممارسات التعسفية، وإن كانت معزولة وعدم دقة بعض النصوص القانونية وتفاوتها "مع الواقع والممارسة يقوي تصور المواطنين والفاعلين بخصوص مخاطر عدم الاطمئنان "والتعرض للتعسف في منظومة العدالة. وينظر المواطنون إلى بعض حالات عدم الدقة في "الصياغة القانونية على كونها هوامش لتوظيف القانون لأغراض معينة الذي قد يمس "ممارسة الحريات العامة والفردية. مما يجعلها بذلك تحد من حرية المواطنين ومشاركتهم "كفاعلين"
وأنه يتبين من هذه الفقرات أن تقرير النموذج التنموي وضع أصبعه على الخلل في سن القوانين التي تمت في بلادنا.
غير انه يظهر أن الحكومة لم تلتفت لذلك التقرير وقدمت مشروعا متسما بكل الاختلالات التي ذكرها ذلك التقرير. من عدم الدقة والتفاوت مع الواقع ومخاطر عدم اطمئنان المواطن لها.
كما أن الوثيقة الثانية التي لم تذكر في بيان الأسباب لمشروع القانون هي الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك إلى المؤتمر الأول حول استقلال السلطة القضائية الذي عقد بمراكش في أبريل 2018 والذي ورد فبها ما يلي:
" بغض النظر عما حققه المغرب من إنجازات في بناء الإطار المؤسساتي لمنظومة العدالة "فإنه يبقى منشغلا، مثل كل المجتمعات بالرهانات والتحديات التي تواجه القضاء عبر العالم"
"ويأتي في مقدمة هذه التحديات ضمان تفعيل استقلال السلطة القضائية في الممارسة "والتطبيق باعتبار أن مبدأ الاستقلال لم يشرع لفائدة القضاة، وإنما لصالح المتقاضين وأنه إذ "يرتب حقا للمتقاضين فكونه يلقي واجبا على عاتق القاضي فهو حق المتقاضي في أن يحكم القاضي بكل استقلال وبجرد وحياد وأن يجعل من القانون وحده مرجعا لقراراته و "مما يمليه عليه ضميره سندا لاقتناعاته."
هذه الوثائق المؤطرة لسياسة التشريع الذي يمكن القاضي من قانون واضح لا وجود لها في بيان أسباب مشروع القانون.
لهذه الأسباب فإن تدخل رئيس الحكومة ضروري لتقديم التعديلات اللازمة لتجويد المشروع وحماية مصالح المتقاضين افرادا ومؤسسات.
حول مقارنة المشروع في علاقته مع الدستور ومع حقوق المتقاضين
يمكن مقاربة مشروع قانون المسطرة المدنية من الجوانب التالية:
حول المواد المخالفة للدستور
يشكل الفصل 6 من الدستور أحد الكوابح المهمة التي تحد من سلطة أي حكومة عندما تكون بصدد سن قانون جديد. او تغيير قانون جاري به العمل. وهو آلية مهمة لضمان الاستمرارية من جهة واستقرار المجتمع من جهة أخرى.
وان اهم ما ينص عليه الفصل 6 المذكور وهو انه أحدث قاعدتين دستورين لا يمكن للحكومة تجاهل أيا منهما او تجاوزها الأولى هي قاعدة عدم التمييز بين المواطنين فيما بينهم. و الثانية هي قاعدة عدم التمييز بين المواطن والإدارة وغيرها من اشخاص القانون العام. وذلك عندما نص على ان الجميع متساوون أمام القانون وخاضعون له بنفس القدر.
غير ان مشروع قانون المسطرة المدنية يحمل مظاهر التمييز بين المواطنين فيما بينهم من جهة. ويحمل مظاهر التمييز بين المواطن والإدارة وغيرها من اشخاص القانون العام من جهة أخرى.
التمييز بين المواطنين.
وجه التمييز بين المواطنين يتجلى في كون المشروع يعتمد سقفا ماليا للسماح للمواطن بالولوج للقضاء من عدمه.
ذلك ان المادة 30 من مشروع قانون المسطرة المدنية تنص على المواطن الذين يكون له نزاع حول مبلغ يصل الى 40.000.00 درهم لا يحق له في الولوج الى ممارسة الطعن بالاستئناف. وبطبيعة الحال لن يكون له الحق في الولوج الى محكمة النقض مادام المادة 375 من المشروع تمنع الولوج للطعن بالنقض عندما يكون النزاع حول مبلغ التي لا تتجاوز 100.000.00 درهم.
وهكذا سيخلق مشروع المسطرة المدنية تمييزا بين المواطنين مبني على المال سواء في نزاع بينهم كمواطنين او في نزاعهم مع الإدارة.
علما ان 40.000.00 درهم هي 10 مرات حد الأدنى للأجر للأغلبية الساحقة من المغاربة.
وانه لا يرد على هذا المأخذ بكون قانون المسطرة المدنية الجاري بها العمل هو نفسها يحدد مبلغ 20.000.00 درهم, وان مشروع المسطرة الحالي انما رفع ذلك المبلغ من 20.000.00 درهم الى 40.000.00 درهم. أي ان مبدأ تحديد سقف مالي للممارسة الطعن هو مبدا موجود وجاري به العمل وليس امرا ابتدعه مشروع قانون المسطرة المدنية.
غير ان هذا الرد مخالف للواقع لأن قانون المسطرة المدنية الحالي لا وجود فيه لأي فصل يمنع المواطن من اللجوء الى الطعن بالاستئناف. بل ان الفصل 19 من قانون المسطرة المدنية يسمح بالولوج الى الطعن بالاستئناف في النزاع لأقل من 20.000.00 درهم امام غرف الاستئناف بالمحاكم الابتدائية. أي انه لا يمنع المواطن من الولوج الى الحق في الطعن بالاستئناف.
التمييز بين المواطن والإدارة وغيرها من اشخاص القانون العام
أسس مشروع المسطرة المدنية لشكل جديد من التمييز بين المواطن من جهة وبين الإدارة وعدد من اشخاص القانون العام من جهة أخرى. ويتمثل هذا التمييز في المادة 383 من المشروع التي تنص على ان الطعن بالنقض موقف تنفيذ الاحكام الصادرة ضد الدولة وضد الجماعات الترابية وضد مجموعاتها وضد هيأتها وضد باقي أشخاص القانون العام وضد شركات الدولة وضد الاوقاف. بينما عندما تستصدر هذه المؤسسات حكما ضد المواطن فإن الطعن بالنقض الذي يتقدم به المواطن لا يوقف تنفيذ الحكم الصادر ضده لفائدة الدولة ولفائدة أشخاص القانون العام المشار اليهم أعلاه.
وهكذا فإن القاعدة المنصوص عليها في المادة 383 من المشروع هي مخالفة بشكل واضح للفقرة الأولى من الفصل 6 من الدستور التي تنص على ما يلي:
"القانون هو اسمى تغيير عن إرادة الامة ولجميع الأشخاص ذاتيين او اعتباريين بما" "فيهم السلطات العمومية متساوون امامه وملزمون بالامتثال له" .
فالمادة 383 من المشروع هي مخالفة ومتعارضة مع الفصل 6 للدستور بشكل واضح. ولا تحتاج الى أي تفسير لتوضيح ذلك التمييز.
قلب المشروع للقواعد الدستورية
ان مشروع المسطرة المدنية قلب رأسا على عقب مقتضى دستوري سنه الدستور لحماية المتقاضي سواء كان في دعوى مدنية او زجرية. وهو المقتضى المنصوص عليه في الفصل 120 من الدستور والذي ينص على ما يلي:
" لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وفي حكم يصدر داخل اجل معقول"
فهدا المقتضى الدستوري يتوجه الى المواطن ويحمي حقه في المحاكمة العادلة ويحمي حقه في صدور حكم في قضيته في اجل معقول.
لكن عندما نعود الى الصيغة التي كتبت بها المادة 5 من المشروع تبين منها ان الحق الذي سنه الفصل 120 من الدستور للمتقاضي سلب منه وأصبح المحكمة تواجه به المتقاضي اذ نصت المادة 5 من المشروع على:
" يجب على القاضي ان يصدر حكمه داخل اجل المعمول"
هذه الصيانة هي وجه من الضغط على القاضي بان يحكم بسرعة. وهي اخفت وأبعدت كل أثر لشخص المتقاضي أي للمواطن الذي اهتم به الفصل 120 من الدستور. وأصبح الاجل المعقول هو سيف على القضاة من اجل الاسراع في بالبث في القضايا والتباري بالإحصائيات في نهاية كل سنة من جهة. دون أي إشارة في تلك المادة لمصلحة المتقاضي او في غيرها من المواد.
مع ما لكل ذلك من آثار على النجاعة القضائية وجودة الاحكام. وبالتالي على ضمان حقوق المتقاضين.
هذه المادة ستزيد من الضغط الممارس على القضاة من اجل ادراج عدد كبير من الملفات وفي جلسة واحدة. ومنهم من تأخير لآجال كافية تمكنهم من الاطلاع عليها بالشكل الذي يمكنهم من اصدار حكمهم بكل مسؤولية. ويمكن الأطراف من تهيئ وسائل الدفاع على مصالحهم.
ان الحكومة لا يمكنها ان تحاول التغطية على تقصيرها في الاهتمام بالقضاء وبالشروع الطموح الرامي الى تفعيل الارادة الملكية المتعلقة باستقلال القضاء. وهو المشروع غير المسبوق في المجالات الجغرافية المجاورة لبلدنا, و ذلك عن طريق تخصيص الميزانية الكافية لتعيين القضاة الكافيين وكتاب الضبط الكافين. وتحاول حل اشكال تعدد الملفات عن طريق الضغط على القاضي بان يحكم اكثر الملفات في اقل الأوقات.
المواد التي تمس بالحق في الولوج للعدالة
الوجه الأول للمس بحق الولوج للعدالة
نص مشروع المسطرة المدنية على عدة قواعد جديدة ستحد من حق المواطن في الولوج للعدالة. اما بمنعه من ذلك الولوج بالاعتماد على تحديد سقف مالي للسماح له بممارسه الطعن. كما سبق بيانه او يمنعه من حقه في الدفاع عن نفسه بالتهديد بالحكم عليه بالغرامة.
وهكذا نجد ان المادة 10 من مشروع المسطرة المدنية تعاقب المتقاضي بغرامة لا تقل على 10.000.00 درهم. كيف ما كانت القيمة المالية للنزاع. أي حتى ولو كانت الدعوى تتعلق فقط ب 5000.00 درهم. أي اقل من مبلغ الغرامة. إذا ما اعتبر القاضي ان ذلك المواطن يتقاضى سوء نية.
وهكذا فإن هذه المادة تضيف للقاضي مهمة جديدة زيادة على مهمته في اصدار الاحكام في النزاع المعروض عليه بان يصبح طبيبا نفسيا. ليغور في نفسية المتقاضي ليتحقق هل يتقاضى بحسن نية ام سوء نية.
وان هذه المادة لا تضيف فقط للقضاء مهمة القيام بدور الطبيب النفسي فقط, وهو المثقل بعدد كبير من الملفات والملزم بالبث فيها في أقرب الأوقات. بل ستجرد القاضي من اهم صفة من صفاته وهو الحياد. لأنه عندما يقرر ان احد المتقاضين يتقاضى بسوء نية ويحكم عليه بغرامة, فإنه سيفقد حياده ولا يبقى له الحق في ان يبت في دعوى التي تتعلق بذلك المتقاضي.
تم أن الاشكال الأكثر إثارة للتساؤل هو ان مبلغ الغرامة سيحكم به للخزينة العامة. وليس لمن تضرر من التقاضي سوء نية. وهو الامر لم تقدم الحكومة أي تفسير منطقي وقانوني يبرر تعويض الخزينة على ضرر وقع على الغير وليس عليها.
الوجه الثاني للمس بالحق للولوج للعدالة
يتمثل في كون المتقاضي لن يتجرأ على أي الدفاع على نفسه بتقديم الدفوع القانونية التي متعه القانون بها للدفاع على نفسه عندما يواجه بدعوى ضده تشوبها اختلالات قانونية. لأنه في الحالة التي تصرح المحكمة بعدم قبول ذلك الدفع فإنها ستحكم عليه بغرامة لا تقل عن 5000.00 درهم.
وكما هو معمول فإن الدفوع الشكلية المتعلقة بالاختلالات التي ترتكب من أي طرف في الدعوى من حق الطرف الاخر التمسك بها امام المحكمة للدفاع عن نفسه. وبطبيعة الحال فإن المحكمة لها ان تقبلها او ترفضها. ويبقى الحق للمتقاضي في الطعن في حكم القاضي بالاستئناف او بالنقض.
فبأي حق تنص المادة 62 من المشروع على معاقة المتقاضي على ممارسته لحقه في الدفاع على نفسه, و تحكم عليه بغرامة مالية. مع انه اتى للمحكمة للحصول على حقوقه ليجد نفسه محكوما عليه بالغرامة. مع ان الدستور يضمن له الحق في الولوج للعدالة. وحقه في المحاكمة العادلة وحقه في الدفاع عن نفسه وفقا للفصول 118 و120 من الدستور.
المواد التي ستخرج المحامي من العملية القضائية
ما يثير أكثر وما يتميز به هذا المشروع منذ ان أفرج عليه في بداية سنة 2015 , لأن هذا مشروع ليس مشروع الحكومة الحالية بل هو مشروع اول حكومة بعد دستور 2011. وهو المشروع الذي توجه مباشرة الى عمل المحامي وقلص من مهامه وضيق على عمله بشكل كبير وغير مسبوع بعدما وسع عمله قانون المهنة الذي صدر في حكومة السيد ادريس جطو. وكان مشكل العدالة اليوم هو في مهنة المحاماة.
مع ان النجاعة القضائية ومشروع رقمنة الإجراءات القضائية وضمان حقوق المتقاضين كان يستلزم تعزيز مهام المحامي وتقويته ليساعد القضاء في التطبيق السليم للقانون وفي احترام الدستور الذي يلزم الدولة بضمان المحاكمة العادلة للمتقاضين وحقهم الدستوري في الولوج المستنير للعدالة. وحماية حقهم في الدفاع على انفسهم. وهو الحق الذي يضمنه لهم القانون والدستور وكل الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. بينما المشروع يسير في الاتجاه المعاكس كل ذلك كما يتبين من مواد المشروع.
الوجه الأول للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
المادة 87 من المشروع تلزم المحامي بأن يكون مساعدا للمفوض القضائي. فهي تلزمه عندما يسجل مقالا لموكله بان يتسلم الاستدعاء من كتابة الضبط وبان يوصلها للمفوض القضائي وبان يسهر على تبليغها للطرف المدعى عليه.
وهكذا سيصبح المحامي مكلفا بالقيام بالعمل الذي يجب ان تقوم به المحكمة وكتابة الضبط أي ما يسمى بالإدارة القضائية. أي السهر على تبليغ اطراف الدعوى.
غير ان الامر لم يفق عند تسخير المحامي ليقوم بعمل كتابة اضبط وعمل المفوض القضائي. بل ان المادة 87 نصت على عقاب بالحكم بعدم قبول دعوى موكله إذا لم يبلغ الاستدعاء.
فهذه المادة بالإضافة الى انها تجعل من المحامي مساعد للمفوض القضائي فإنها تؤدي الى تخلي الدولة على اهم اجراء من الإجراءات ضمان العدالة للمواطن وهي الإدارة القضائية المتجلية في السهر على سلامة تبليغ الاستدعاء باعتبار ان الاستدعاء هو وثيقة رسمية صادرة عن الدولة وهي المسؤولة على القيام به حتى لا يقع فيه أي شكل من اشكال المس بحقوق المتقاضين من تزوير او غيره. ولكي لا يصدر أي حكم ضد أي شخص وهو لم يستدع أمام المحكمة للدفاع عن نفسه
الوجه الثاني للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
ان الغرامات التي سيحكم بها القاضي إذا ما تبين ما سمي بالتقاضي سوء نية او عندما يحكم عدم قبول الدفع سيؤديها المحامي في نهاية المطاف وليس المتقاضي.
ذلك ان المحامي اليوم له التزامين اتجاه موكله الأول. الأول هو الاستشارة. والالتزام الثاني هو تمثيله في المحكمة.
فعندما يكلف متقاضي محامي للدفاع عليه فإن هذا الأخير هو الذي يحضر امام القاضي وهو الذي يكتب المقالات والمذكرات. وبالتتبع هو المعنى بما قد يعتبره القاضي سوء النية. وهو المعني عندما يحكم القاضي بعدم قبول الدفع الذي يقدمه المحامي. فالغرامات المشار اليها أعلاه سيكون المحامي هو الملزم بأدائها وليس موكله.
وهذا الامر المستحدث في المشروع لم تبين الحكومة الغرض منه. وما علاقته بالنجاعة القضائية وما علاقته بضمان المحاكمة العادلة واحترام حقوق الدفاع المنصوص عليها كلها في الدستور. مما يدفع الى استخلاص أن الغرض هو منع المحامي من تقديم الدفوع باسم موكله من جهة. وعدم اثارة أي دفع لمصلحة موكله خوفا من ان يعتبر ذلك تقاضيا بسوء نية.
الوجه الثالث للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
المادة 78 نصت على ان مكتب المحامي سيصبح مكانا لتبليغ الاحكام التمهيدية من خبرة وبحث ومعاينة وغيرها من إجراءات التحقق. مع ان هذه الاحكام التمهيدية قد تتعلق بالخبرة وقد يحدد القاضي مصاريف الخبير في مبالغ كبيرة او صغيرة ويحدد اجلا لأدائها تحت طائلة صرف النظر عن الخبرة.
وبالتالي فيصبح المحامي ملزما بأداء صائر مع ان موكله إما انه لا يريد أصل الحضور لتلك الخبرة او انه انقطع الاتصال به.
وهكذا سيسخر مكتب المحامي من اجل الإسراع في تجهيز الملفات. بينما الخبرة التي سيبلغ حكمها لمكتب المحامي. ويضطر المحامي لأداء مصاريفها من ماله الخاص, هذه الخبرة لن يستدع لها المحامي ولن يحضر إنجازها. كما سيتبين فيما بعد.
الوجه الرابع للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
المادة 127 وما بعدها من المشروع أبعدت حضور المحامي في الخبرة وحصرت للخبير وجوب استدعاء الأطراف ووكلائهم فقط. وللعلم فإن وكلاء الأطراف لا يقصد بهم مشروع المسطرة المحامي وذلك للأسباب المنصوص عليها في نفس مشروع المسطرة وهي:
كما أسندت المادة 127 للخبير اجراء الصلح بين الأطراف والتوقيع على محضر ذلك الصلح امامه بدون حضور محاميه.
الوجه الخامس للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
تغييب المحامي سيظهر كذلك في المعاينات التي قد تأمر بها المحكمة كما هو واضح من المادة 131 التي حصرت حضور المعاينة في أطراف الدعوى فقط. بينما لم تذكر تلك المادة وجوب استدعاء محا ميهم.تتتتت
الوجه السادس للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
يتجلى في كون المادة 376 مكنت المواطن العادي من تقديم عريضة النقض امام محكمة النقض عندما يكون له خصومة مع قاضي او محامي.
وهذه المادة تعني ان الشروط التي تفرض على المحامي لكي يسمح له بتمثيل الأطراف امام محكمة النقض هي شروط لا علاقة لها لا بالتكوين ولا بالكفاءة القانونية ولا بالأقدمية في التمرس امام القضاء. وهي الشروط التي يجب ان توفر في المحامي لكي ينوب امام محكمة النقض وعلى رأسها ضرورة تجاوز ممارسة 15 من الممارسة وان يقبل من طرف محكمة النقض.
كما ان المادة 376 من المشروع فتحت الباب لأي مواطن بصفته كشخص متعلم او غير متعلم كامل الاهلية او ناقصها لكي ليقدم عريضة النقض امام محكمة النقض.
مع ان تقديم مقال الطعن بالنقض يلزم القانون بان يحترم الآجال المتعددة والمختلفة للطعن بالنقض. ويلزم ان يبنى النقض على سائل الطعن المحددة قانونا. وعليه ان لا يخلط بين الوقائع والقانون في عريضة النقض.
فكيف للمتقاضي ان يحيط بكل هذه الإشكالات القانونية. اليس في هذا ضياع لحقوقه لان محكمة النقض ليس هي المحكمة الابتدائية التي لها الولاية العامة والتي يلزم القاضي بتطبيق القانون بدون ان يطلب منه. بل محكمة النقض هي محكمة قانون. ويجب ان يحضر امامها من يكون مؤهلا قانونا للتعامل معها ومساعدتها في تثبيت تطبيق القانون. وليس الشخص العادي الذي لا تكون به أي علم بالقانون.
الوجه السابع للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
المادة 376 منعت المحامي من تمثيل الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها والوصية على الجماعات السلالية طالبة او مطلوبة.
وهكذا يشكل تراجع من المشروع على التقدم التي تم في عهد الوزير الأول السيد ادريس جطو الذي أصدر تعليمات للمؤسسات العمومية والإدارات من اجل الاستعانة بخدمات المحامي وقبل الصيغة المدرجة في المادة 10 من قانون المحاكم الاستئناف الإدارية التي تنص على ان يمكن للدولة ان تختار لمحامي للدفاع على مصالحها.
وهكذا يتبين ان مشروع المسطرة المدنية يتراجع على أوضاع قانونية سابقة لم يتضرر منها أي كان. بل المحامون ساهموا في الرفع من وسائل الدفاع على كل تك المؤسسات العمومية.
الوجه الثامن للتنقيص والتضييق على مهنة المحاماة
ان المادة 395 تراجعت على حق المحامي في الترافع امام محكمة النقض وأوقفت ذلك الحق على شرط استجابة الهيئة لطلب المرافعة. بينما المسطرة المدنية الحالية تمكن المحامي ان يرافع امام محكمة كلما اعتبر ان من مصلحة موكله تقديم ملاحظات شفوية لتعزيز مقال الطعن.
المس بالمبادئ العامة للقانون
اتسم مشروع قانون المسطرة المدنية كذلك بالمس بالمبادئ العامة للقانون وهي المبادئ المؤسسة للقاعدة القانونية والتي لها صبغة كونية. أي تحترمها كل الدول الديمقراطية. وهذا المس بهذه القواعد القانونية يتجلى فيما يلي:
الوجه الأول المس بالمبادئ العامة للقانون:
المادة 13 أعطت الحق للقاضي في ان يغير من سبب دعوى للمدعي. مع انه من المبادئ القانونية العامة والأولية ان القاضي محايد ولا يحق له يغير لا من سبب الدعوى ولا من موضوعها. كما هو الحال في الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية الحالي.
وكنموذج على ذلك قد يختار شخص رجل او امرأة تقديم طلب التطليق ويصرح ان سبب التطليق هو العنف مثلا. لكن في الحقيقة قد يكون هناك أسباب لا يريد الكشف عنها.
فبأي حق يلزم المشروع القاضي بان يتدخل ليغير سبب الدعوى الذي اختاره المدعي. وبناء على اي مبرر. وهل نتوفر على إحصائيات تبين ان هناك اضرار كبيرة تدفع الى إلزام المدعي بتغيير سبب عواه بسبب لم يرد ذكره في مقاله.
الوجه الثاني المس بالمبادئ العامة للقانون
المادة 27 تنص على قاعدة جديدة تدخل في إطار الضغط على القضاة للبث في القضايا بأكثر سرعة.
هذه المادة تنص على ان المحكمة ما عندما تصرح بعدم اختصاصها النوعي لفائدة محكمة أخرى لا يمكن لهذه المحكمة الأخيرة ان تصرح بعدم اختصاصها.
مثلا قد تصرح المحكمة التجارية بعدم اختصاصها خطأ للبث في نزاع بين شركاء في شركة مساهمة لفائدة المحكمة الإدارية.
فالمحكمة الإدارية ستكون ملزمة بالبث في النزاع التجاري بين الشركاء:
الوجه الثالث المس بالمبادئ العامة للقانون
المادة 76 من المشروع نصت على ان الدعوى تقام بمقال مكتوب من المدعي. فهذه المادة تخلط يبن المسطرة الكتابية التي يجب ان تقدم فيها كل المقالات والمذكرات مكتوبة. وبين المسطرة الشفوية التي لا يشترط فيها ذلك. بل يكفي التصريح لكتابة الضبط بما يطالب به المدعي في المسطرة الشفاهية. كما هو منصوص عليه في الفصل 31 من قانون المسطرة الحالية
الوجه الرابع للمس بالمبادئ العامة للقانون
مشروع قانون المسطرة المدنية أجهز على حق طالما طالب به القضاة والمحامون. وهو حق القاضي الذي لا يتفق مع زملائه على حكم معين بان يسجل رأيه المعارض. وهو الرأي الذي يوضع في غلاف سري يحتفظ به لدي رئيس المحكمة لغاية التفتيش إن كان له مبرر. هو الحق الذي كرسته المادة 16 من التنظيم القضائي.
الاختصاصات الجديدة للنيابة العامة
لكن مشروع المسطرة المدنية ابى إلا ان يضيف للنيابة العامة مهام جديدة. وهذه المهام هي:
أن النيابة العامة سيصبح من واجبها مراقبة الاحكام التي سيصدرها القضاء الجالس للتحقق هل خالفت النظام العام ام لا.
وعندما يظهر للنيابة العامة ان ذلك الحكم مخالف للنظام العام عليها ان تقدم طلبا للقاضي من اجل التصريح بطلان حكمه او حكم قاض آخر. فهذه المادة تعطي للنيابة العامة سلطة مراقبة قاضي الحكم الذي, حسب تلك المادة, قد يصدر حكا ضد النظام العام. وهو ما سيؤدي مراجعة مفهوم استقلال القضاء.
ان هذا الحق يمكنها ان تقوم به بخصوص أي حكم كيف ما كان سواء كانت النيابة العامة طرف فيه او ليست طرفا فيه.
ان النيابة العامة يمكن لها ان تتقدم بطلب بطلان أي حكم في أي وقت بدون احترام أي اجل.
ان هذا الاجراء ليس لا تعرضا ولا استئنافا ولا نقضا. فهو أجراء مستحدث سماه مشروع المسطرة المدنية ب " طلب التصريح ببطلان حكم " مع ان هذا الحكم سبق ان صدر باسم جلالة الملك وطبقا للقانون.
ان هذه المادة ستهدم القاعدة القانونية التي تنظم حجية الشيء المقضي به وقوة الشيء المقضي به المنصوص عليهما في الفصلين 450 و451 من ظهير الالتزامات والعقود.
ان هذا المادة توجد في مشروع قانون المسطرة المدنية. اي في قانون الشكل الذي لا يخضع لقاعدة عدم رجعية القوانين. وهو ما سيسمح للنيابة العامة بان تطلب بطلان اي حكم صدر منذ بداية الاستقلال الى اليوم.
ان الشرط الوحيد الذي تشترطه المادة 17 على النيابة ان يكون طلبها مبني ما تعتبره مخالفة للنظام العام. وهو ما يطرح السؤال القديم والجديد وما هو النظام العام الذي سيتهم قاضي الحكم بكونه أصدر حكمه في مخالفة لذلك النظام العام.
وما هو المعيار الذي ستعتمده النيابة العامة للقول بأن حكما معينا صدر في مخالفة للنظام العام.
وهل القاضي الذي أصدر الحكم غير مؤهل لمعرفة هل حكمه مطابقا وغير مطابق للنظام العام.
كما ان المادة 17 من المشروع تعيد طرح السؤال ومن يمثل النيابة العامة أمام المحكمة المدنية والمحكمة التجارية والمحكمة الادارية, والذي سيكون مختصا لتحدد حالة النظام العام التي خالفها حكم معين.
وان مشروعية هذا السؤال يفرضها القانون 17-33 المتعلق بنقل اختصاصات وزير العدل الى الوكيل العام لذلك الى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة. وهو القانون الذي حصر الاختصاصات المنقولة من وزير العدل الى الوكيل العام بمحكمة النقض في الدعوى العمومية. ولم يتطرق القانون لمهام النيابة العامة امام المحكمة المدنية او التجارية او الإدارية. التي سينظمها مشوع المسطرة المدنية.
ولكل هذه الأسباب فإن السيد رئيس الحكومة بصفته هذه وبصفته رئيس الأغلبية في البرلمان مدعو الى العمل على التقدم بالتعديلات التي تلائم مشروع قانون المسطرة المدنية مع ما ينص عليها الدستور من حقوق تحمي حقوق المواطنين والمتقاضين.
وللملاحظات بقية.