رشيد لزرق: إجراء التعداد السكاني مرة واحدة كل عشر سنوات بغية التأسيس للحكامة الجيدة..

رشيد لزرق: إجراء التعداد السكاني مرة واحدة كل عشر سنوات بغية التأسيس للحكامة الجيدة.. رشيد لزرق
وجه جلالة الملك رسالة إلى رئيس الحكومة باعتباره رئيس الإدارة، وذلك كي تتجند مختلف المصالح الإدارية للقيام بالإحصاء العام السابع للسكان والسكنى، الذي تم تقرير إجرائه في نهاية صيف 2024. وهي خطوة أخرى ضمن مسار المملكة في اتجاه التنظيم الدوري لهذه العملية بشكل دوري كل عشر سنوات، تنفيذا لتوصيات الأمم المتحدة، التي تفرض ضرورة إجراء التعداد السكاني مرة واحدة كل عشر سنوات، بغية التأسيس للحكامة الجيدة وبلورة سياسات عمومية وتخطيط التنمية المستدامة واستباق حدوث الأزمات.
 
بات الإحصاء العام للسكان بالمغرب يتميز بالدورية، تنزيلا لأهداف رسمها الملك، أهمها بلوغ مصاف الدول الصاعدة. لهذا، فإن الرسالة الملكية تنبه إلى ضرورة التعجيل به حتى تتمكن الدولة من تقديم السياسات العمومية ومقاربة التطورات السكانية التي عرفها المغرب، واستشراف المتطلبات والتطلعات المتغيرة للمغاربة، واستثمار ذلك في صياغة سياسات عمومية تتلاءم مع التطورات والتطلعات، بتوفير البيانات التي ينبغي أن تشكل أرضية هامة من المعلومات حول السكان. وهي معلومات قيمة لمختلف الجوانب المرتبطة بالسكان وحاجياتهم، سواء الإدارية أو السياسية أو الحكومية، فضلا عن المعلومات الديموغرافية والإجتماعية والإقتصادية في لحظة محددة من الزمن. تعطي معطيات مهمة يستفاد منها لتحيين المعلومات الموجودة لمختلف المتدخلين في رسم السياسات العمومية ورصد المتغيرات السكانية للمغاربة بشكل دقيق، يؤدي إلى فهم الواقع السكاني بغاية معالجة التحديات والتحسين من الإقتصاد الوطني.
 
حددت الرسالة الملكية خارطة الطريق لمختلف الفاعلين في الإحصاء العام للسكان لتحقيق هذا الورش الوطني. إذ راكمت الإدارة المغربية خبرة وحنكة في مجال الإحصاءات العامة المتعاقبة في عمليات إحصاء السكان والسكنى، وباتت لها خبرة وكفاءة دولية تمكنها من تحيين البيانات السكانية، وتفعيل الآليات التكنولوجية الحديثة في مجال الإحصاء السكاني، وتمكن من المعطيات والبيانات الإحصائية بشكل أكثر دقة بغية الوصول إلى سياسات عمومية متلائمة أكثر مع التحديات الحالية والمستقبلية على صعيد جميع الأصعدة.
 
وأكيد أن التصور الملكي يروم بناء منظومة إحصائية مستقبلية بناء على أسس تهم موضوع السكان والتنمية المستدامة، من خلال معرفة ميدانية تمكن من قياس جدوى تنزيل السياسات العمومية، التي تم نهجها في ظل حرص الملك على تنزيل الدولة الإجتماعية التي تهم الصحة والتعليم والتفاوتات المجالية والترابية.
 
لا شك أن الإطلاع على هذه المعلومات من خلال الإحصاء العام للسكان يمكن من تطوير السياسة العمومية للوصول إلى الهدف الجماعي، وهو أن يكون المغرب في مصاف الدول الصاعدة.
 
ما هي نواحي التجديد الممكن اعتمادها في نسخة 2024 من عملية الإحصاء العام؟
 
تتولى المندوبية السامية للتخطيط عملية إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى وفق برنامج مستقبلي ابتداءً من فاتح شتنبر 2024. حيث تم الإنتهاء كلياً من صياغة محتوى الإستمارة ومعالجتها المعلوماتية، والانتهاء من الأعمال الخرائطية التي تعتبر ركيزة أساسية في عملية تجميع المعطيات لدى الأسر المغربية. على اعتبار أن الإحصاء ليس مجرد تجميع للأرقام، بل يمثل فرصة لتحقيق تواصل ذي معنى مع المواطنين.
 
وتعد الثقة والتعاون في صلب منهجنا، ونعتقد اعتقاداً راسخاً أن نجاح هذه العملية يعتمد على هذا الأساس، مع التركيز على استثمار المكاسب التي وفرتها الرقمنة لإغناء استمارات الإحصاء بمواضيع جديدة ومعطيات مكثفة حول ظروف عيش السكان. وذلك من أجل توفير مجموعة واسعة من المؤشرات التي من شأنها التمكين من وضع حصيلة منجزات وتخطيط آفاق التطور في المجالات الديموغرافية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، على جميع المستويات الترابية (وطنية، جهوية، إقليمية ومحلية).
 
**رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية.