محمد حبيب: الضغوط النفسية لامتحانات القسم السادس وما الجدوى منها؟

محمد حبيب: الضغوط النفسية لامتحانات القسم السادس وما الجدوى منها؟ محمد حبيب
قال محمد حبيب، الاخصائي الاجتماعي، أن الضغط النفسي لامتحانات السادس الابتدائي، رغم أنه يندرج في تقييم جاهزيتهم للانتقال إلى التعليم الإعدادي، يشكل عبئًا ثقيلاً على كاهل الأطفال، مما يثير تساؤلات جادة حول جدوى هذه الامتحانات ومدى ضرورتها في هذا السن المبكر.
 
وأضاف الأخصائي الاجتماعي، أن ضغوط الامتحانات في السادس الابتدائي تجمع بين الخوف من الفشل والقلق من النتائج المتوقعة، وهو ما يسيطر على أذهان الأطفال بشكل كبير، مما يؤدي إلى ظهور آثار نفسية سلبية تشمل القلق والتوتر وفقدان الثقة بالنفس واضطرابات النوم والتعب والعزلة الاجتماعية.
 
ويتنامى القلق بشكل ملحوظ في هذه الفترة، حيث يصبح الأطفال ضحايا للضغط النفسي، وينعكس ذلك على سلوكياتهم وحالتهم الصحية. كما يصبح الأطفال عرضة لفقدان الثقة بأنفسهم نتيجة للمقارنات المستمرة مع أقرانهم والشعور بأنهم مطالبون بتحقيق نتائج معينة لإرضاء تطلعات المجتمع والأسرة. إلى جانب ذلك، يعاني الأطفال من اضطرابات في النوم نتيجة للقلق المتواصل، مما يؤدي إلى شعورهم بالتعب والإرهاق الجسدي والنفسي. يلجأ بعض الأطفال إلى الانطواء والعزلة عن الأنشطة الاجتماعية، مفضلين البقاء وحيدين للتفرغ للدراسة، مما يؤثر على توازنهم النفسي والاجتماعي.
 
إن ضغوط الامتحانات تسلط الضوء على الحاجة الملحة لإعادة النظر في نظام التقييم المعتمد في المرحلة الابتدائية.
 
هل تحقيق النجاح الأكاديمي يستحق تعريض الأطفال لكل هذا الكم من الضغوط النفسية؟ وهل تكون نتائج هذه الامتحانات مؤشرًا حقيقيًا لمستوى الكفاءة والقدرات الفردية للأطفال؟
 
وتساءل محمد حبيب عن الجدوى الحقيقية من وراء هذه الامتحانات. هل هي فعلاً تقيس مستوى الفهم والاستيعاب أم أنها مجرد وسيلة لفرض رقابة أكاديمية صارمة؟ الواقع يُظهر أن هذه الامتحانات غالبًا ما تركز على الحفظ والتلقين بدلاً من تعزيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الأطفال. من الممكن استبدال نظام الامتحانات الحالي بطرق تقييم أكثر شمولية وإنسانية، تأخذ في الحسبان تطور الطفل بشكل شامل، وتعزز مهاراته وقدراته دون تعريضه للضغوط النفسية.
 
واقترح محمد حبيب، أنه يمكن تبني أساليب تقييم مستمرة تعتمد على مشاريع عملية وأنشطة تفاعلية تُشرك الأطفال في عملية التعلم بشكل ممتع وفعّال، معتبرا أن الدعوة لإلغاء امتحانات السادس الابتدائي ليست مجرد دعوة للتخفيف من الأعباء النفسية على الأطفال، بل هي دعوة لتبني نظام تعليمي يُراعي الحاجات النفسية والتربوية للأطفال، ويهدف إلى تنمية مهاراتهم وقدراتهم بعيدًا عن ضغوط الامتحانات التقليدية.
 
إن إعادة النظر في جدوى هذه الامتحانات واستبدالها بطرق تقييم أكثر إنسانية وشمولية، يُعد خطوة ضرورية نحو مستقبل تعليمي أفضل لأطفالنا. إن هذه الدعوة تتجاوز مجرد الاهتمام بالجانب النفسي للأطفال لتشمل نظرة شاملة إلى النظام التعليمي ككل، داعية إلى تغييرات جذرية تضمن بيئة تعليمية صحية ومتوازنة للأطفال، بحيث يتم التركيز على النمو الشامل والمتوازن لقدراتهم ومهاراتهم، مما يُعزز من فرص نجاحهم في الحياة بعيدًا عن الضغط النفسي.
 
ينبغي على المؤسسات التعليمية وصانعي السياسات أن يدركوا أن نجاح الأطفال لا ينبغي أن يُقاس فقط من خلال امتحانات تقليدية تفرض ضغوطًا هائلة عليهم، بل من خلال منهجيات تعليمية تُراعي الجوانب النفسية والاجتماعية، وتُعزز التفكير النقدي والإبداعي لدى الأطفال.
 
وقال الأخصائي الاجتماعي أن إعادة النظر في جدوى امتحانات السادس الابتدائي واستبدالها بأساليب تقييم حديثة تتماشى مع التطورات التربوية والنفسية الحديثة ليس فقط أمرًا مرغوبًا، بل ضرورة ملحة لضمان مستقبل أفضل للأطفال. هذه الأساليب الجديدة يجب أن تركز على التطوير الشامل للأطفال، وتُعزز من قدراتهم على التفكير النقدي والإبداعي، وتُهيئهم لمواجهة تحديات الحياة بثقة واقتدار.