بالضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، والمنطقة الخارجة تماماً عن سيطرة الدولة اللبنانية وجيشها.. و بإحدى قاعات أحد فنادقها التي استضافت يوم الخميس 5 يونيو 2024 ندوة تحت عنوان "من الصحراء الغربية إلى فلسطين الإبادة مستمرة"، بدعوة مما يسمّى "تمثيلية الجبهة في الشرق الأوسط" إلى جانب حزب يدعى "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، فرع لبنان باعتبارهما طبعا واجهة للنظام الجزائري عبر سفيرها بلبنان الذي وفّر كل الدعم المادي واللوجستيكي لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الأحزاب العربية القومية، في ما وضع حزب الله أذرعه الإعلامية للتسويق لهذه الندوة، بما فيها قناتي المنار والميادين دون الحديث عن الحماية الأمنية ضد أي تدخل من الدولة اللبنانية الرسميّة..
ومع كل الدّعم والحشد والترويج فقد اصطدم الرّعاة لهذه الندوة بعدم تلبية العديد من الدبلوماسيين والشخصيات وقيادات سياسية من مختلف البلدان العربية رغم تواجدهم ببيروت على هامش فعاليات المنتدي القومي العربي..واقتصر الحضور فقط على المنابر الإعلامية المقربة من دوائر الحكم في حزب الله ودبلوماسيّون جزائريون إلى جانب بعض الأسماء من فصائل فلسطينية صغيرة وغير مؤثرة على الإطلاق..
وهو اعتراف بالفشل الدبلوماسي الذريع للأطروحة الإنفصالية من خلال الرهان على مواقف أحزاب غير مؤثرة وخاضعة لأجندات خارجية معروفة، ولقرار يُصنع في طهران، فلم ينعكس ذلك فقط على المنابر الإعلامية في اليوم الموالي فحسب واعتبرته " لا حدث " بل كانت الضربة موجعة وقوية من خلال بيان وزارة الخارجية اللبنانية باسم الوزير عبد الله بوحبيب:
“ إن لبنان يؤكد على أواصر الأخوة التاريخية والمتجذرة التي تربطه بالمملكة المغربية الشقيقة وشعبها الكريم، وإذ يشدد على موقفه الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها، يعبرعن حرصه على أمن المغرب ورفضه أي مساس به ".
إذا كان هذا البيان الواضح يجبّ ما قبله، فإنّه يقرّ حقيقة وزن القوة الضاربة في أزهى تجلياتها الإنهزامية جعلها تقنع بأحزاب صوريّة للترويج لعدائها الإنفصالي لبلدنا، مقابل هذا الزخم الدولي للمقترح المغربي كحل سلمي لهذا النزاع المفتعل..
هو الإستنتاج العام خلال هذا الأسبوع فقط وأبلغها قوّة زيارة وزيرة خارجية سلوفينيا لبلدنا، والتأكيد على مغربية الصحراء مباشرة بعد 48 ساعة من زيارة مماثلة للجزائر، وتحريف تصريح وزيرها الأول المعادي لقضيتنا الوطنية..
ماذا يجدي كل ذلك أمام هذه القوّة الدبلوماسية وباسم الدول.. وليس الأحزاب كما في ندوة ضاحية بيروت غير الشفقة على داعميها وخاصة نظام الجار الذي وضعه السفير المغربي عمر هلال أمام خيارين :
" إما أن تحترم مبدأ حسن الجوار والتسوية السلمية للنزاعات، أو التمادي في الإخفاق الذريع وباهظ الثمن لأجندة البوليساريو..أما الصحراء فهي مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها" وقبله السيد بوريطة الذي طالب الأمين العام مباشرة بالخروج من هذه الدائرة المغلقة بعد القناعة الدولية المتزايدة والداعمة للاقتراح المغربي بكل وضوح.. لكن إذا سلمنا أن جبهة البوليساريو كما يعرفها المهتمون كيان ميلشياوي صُنع على عين جنرالات الجزائر ،كناية في المغرب واستقراره فهي بهذا الوصف تتقاطع اطروحته التخريبية مع ميليشيات إيران بدولة لبنان الشقيقة، وغيرها من الدول المجاورة وخاصة سوريا حيث ثم توظيفه من قبل بشار الأسد في معاركه ضد الشعب الثائر، وارتكب فعلا مجازر فظيعة في القصير وحمص وحلب ومناطق أخرى،وكيف مارس دغدغة مشاعر البسطاء من عامة الشعوب العربية والإسلامية بشعارات "المقاومة" و"الممانعة" و"القضية الفلسطينية" كغطاء فعال على الأجندة الحقيقة للحزب الصفوي حتى استطاع بناء ذاته ومد أذرعه في مفاصل الدولة والمجتمع في لبنان وبات يهدد كيانها وكينونتها الشامل..
ومن يتابع كلمة مندوب إيران باللجنة الرابعة اول امس الخاصة بقضية الصحراء المغربية سيقف عند اللهجة الجديدة لهذا النظام الملاوي "إن دولة إيران تقف إلى جانب شعب الصحراء الغربية وحقّه في تقرير المصيرعلى النحو المبيّن في القرارات ذات الصّلة" إذا أضفنا إلى هذا التصريح العدائي لبلدنا ماجاء في كلمة السيد قاسم دحرج موفد حزب الله إلى مخيمات تيندوف قبل شهرين قائلا:
"أتشرف أن اكون على هذه الأرض وأن تقبلوني كمقاوم صحراوي إلى جانبكم و إن كانت يدكم قاصرة فيدي موجودة استخدموها ،وأُعيّن نفسي سفيرا لهذه القضية أمثلكم في كل المحافل إن شاء الله”.
ونحن بدورنا نتشرّف باستقبال انت ونظامك وبجميع فصائل ألويته التخريبية وبنفس الحفاوة لمن سبقوك من جيش بوخروبة وميليشيات القذافي وصواريخ كوبا وغيرهم كثير..
بل ولن نكون أقل شراسة من أجدادنا في عمق تاريخ هذا الوطن الذى أوقف زحف العثمانيين يوم خرّ الجميع لهم ساجدين..
لن نكون أقل ضعفاً منهم.. خاصّة وانكم دخلتم المعركة في الوقت بدل الضائع.. والعالم على موعد بإغلاق القوس قريباً..
فلسنا في بلد الغروب بل في بلد.. شروق وإشراق..
يوسف غريب كاتب /صحافيّ