مصطفى المنوزي: مشروع أرضية تأطيرية من أجل تفعيل أهداف "منتدى فن العيش وتأهيل الزمن الحر" في صيغة اعترافات إشكالية

مصطفى المنوزي: مشروع أرضية تأطيرية من أجل تفعيل أهداف "منتدى فن العيش وتأهيل الزمن الحر" في صيغة اعترافات إشكالية مصطفى المنوزي

الاعتراف الأول:

تعمدنا تسطير وبسط وترك الأهداف بشكل مفتوح وعام وشامل لكي تستغرق كثيرا من المهام الاجتماعية مع احترام ضروري للتخصص والقدرات؛ وبنفس القدر حرصنا على أن تكون الأهداف متماهية مع الوسائل على أساس أن كل غاية تتشكل في آخر التحليل وسيلة في نفس الوقت. لأنه وجب استحضار أن الأمر يتعلق بعلاقة سببية مفترضة بين الغاية والوسيلة، من منطلق أن كل وسيلة هي سبب لكل غاية، وأن كل سبب هو وسيلة لكل نتيجة وهدف.

 

إن هذا الاعتراف يحيلنا على سؤال الإمكانيات في العلاقة مع شروط التفعيل، وذلك انطلاقا من كوننا "نبني الطريق والطريق تبنينا"، وهو سؤال يثير تساؤلا آخر وهو "من يؤطر من؟".

 

الاعتراف الثاني:

إن كل هدف يتضمن أهدافا فرعية متفرعة؛ ولذلك نقر بأننا تعمدنا أن تكون كل فقرة مكثفة لكي تصلح، لوحدها، خطة عمل، لأنه من خلال كل عبارة / مفتاح نستطيع ويمكن أن نشتغل على مستوى المفاهيم والمحتويات، وعلى امتداد الزمان والمجال؛ ليتولد سؤال بيداغوجي مثار: "من يؤطر ما؟" . فأغلبنا حديثي العهد بتحمل المسؤولية والقيادة في مثل هذه الدينامية التي تتجاوز ما هو مهني أو فئوي!

 

الاعتراف الثالث:

إننا على مستوى التفعيل اعتمدنا المقارنة التشاركية، وذلك سيتجلى ويتحقق من خلال عبارات "المساهمة في التحفيز والتحسيس وتنويع وتجويد و....والتفكير الجماعي / التشاركي، من أجل بلورة ...وتبادل الخبرات وتحفيز البحث العلمي، وتعبئة الطاقات ...ودعم جميع الديناميات والمبادرات ...ويبدو أننا بصدد التأسيس لخطاب يقر بالتراكمات لكونه ينطلق من مكتسبات ومنجزات سابقة ...لكن رغم هذا التثمين وروح التواضع في باب تكريس أخلاق العناية وثقافة الإعتراف، يظل الانتظار مطروحا حول القيمة المضافة للمنتدى؟

 

الاعتراف الرابع:

إننا والحالة هاته لا مناص من أن نقارب الأمور من خلال استشراق خطوات التفعيل، لأن المنتدى سوف يعتمد لا محالة التكوين الذاتي لأطره، وبنفس الحجم والعزيمة سوف يجتهد لإشعاع ثقافة التعايش والعيش وجودة تدبير الزمن الحر؛ والذي هو في نفس الآن جزء هام مهيكل للزمن الاجتماعي العمومي، ولهذا فإنه مطلوب من أعضاء المنتدى ألا يذخروا جهدا للبحث عن صيغة لإقرار القيمة الإضافية التي من شأنها أن تميزه عن بقية المبادرات؛ ونعتقد أننا نتوسم هذه القيمة المضافة في مطلب "فن العيش" مع إضافة أداة "معا"، كلفظة تفيد المرافقة والاجتماع مع "النظراء" حتى لا نقول مع الغير. وهي قيمة إنسانية فوق نفعية غير ربحية؛ تروم الإقرار بالعيش معا بنفس الحقوق والامتيازات المواطِنة، وفي إطار تكافؤ الفرص وتساوي الحظوظ؛ لينبثق السؤال حول أولويات المنتدى المفترضة؟

 

الاعتراف الخامس:

إنه حسب السياق وحاجيات الأطر وبقية الأعضاء المنخرطين في المنتدى، والتي يمكن أن تتحدد باستمارة أو أوراق مطلبية مباشرة؛ سوف تحدد الأولويات (من خلال محادثات مباشرة فيما بين الأجهزة أو من خلال تنظيم يوم دراسي خاص بسن استراتيجية العمل والخطط المرحلية)؛ وذلك على أساس ثلاث قواعد مفترضة:

 

أ- لسنا مضطرين لتتبع تسلسل الأهداف كما وردت في نص القانون الأساسي، ما دامت الأهداف متكاملة ومتقاطعة!

ب- وكذلك لسنا مجبرين بالضرورة أن ننجز جميع الأهداف خلال سنة أو حتى خلال ولاية، ثم إن الاشتغال على الأهداف قد يتم بالمناولة أو التفويض أو بالشراكة.

ج- يمكن الالتزام فقط بما جاء في الأهداف كعناوين وخاصة

 

1 ـ المنتدى كإطار للتفكير والتداول والتشاور.

2ـ فن العيش كغاية استراتيجية وما يترتب عنها من آليات التصريف.

3ـ تأهيل الزمن الحر كمعضلة يعوق سوء تدبيره بلوغ غاية فن العيش .

وهي قواعد تلخصها فقرة طبيعة المنتدى والتي توجز المبتغى أو أسباب النزول فقد نص القانون الأساسي على : ..." طبيعة الجمعية :

فضاء مدني وغير حكومي لإشاعة حب الحياة وفن العيش بتعميم ثقافة المواطنة وقيم حقوق الإنسان والتسامح والتواصل المعرفي عبر التثقيف والتعليم وتحفيز القراءة لإنعاش الذاكرة الجماعية والذكاء الاجتماعي. بمقاربة حقوقية وبعد سوسيو ثقافي "

 

وليطرح السؤال: ألسنا بصدد عملية تأسيسية توليدية تروم تحيين أنماط التجديد والتطوير والتغيير في جوهر المنظومة التربوية، وذلك في سياق ثنائية متفاعلة أساسها "التنمية تربية، التنمية حرية"

 

الاعتراف السادس:

إن الأمر يتعلق باستهداف فئة المحاميات والمحامين وهي نخبة مجتمعية؛ غير منسجمة، لم يعد كافيا الجزم بأنها تشكل العمود الفقري للطبقة الوسطى؛ فالوضع المادي والمعنوي لأغلب المنتمين، وعلى الخصوص الشبان الوافدين من طبقة كادحة، صار يتطلب منا، جميعا، وبواسطة المنتدى، تقديم طلب التشخيص وفحص القدرات الاستراتيجية والإمكانيات البشرية والتي تعاني منها المهنة؛ وذلك من خلال "مقاربة سوسيولوجيا مهنة المحاماة" ومن زاوية "سيكولوجيا مهنة حرة مترددة في تجويد تدبير أزمنتها الحرة؛ في استقلال عن الأزمات العامة" .

 

وهنا يطرح السؤال الانطولوجي (الوجودي): كيف يمكننا أن نعمل على السمو بالشأن المهني/ القطاعي إلى مستوى الشأن العمومي، على أساس أن ما يقوم به المحامون والمحاميات هو خدمة عمومية باعتبار يساهمون في صناعة الأمن القضائي وما يرتب عنه من إنصاف وبناء دولة المؤسسات والحق والقانون .

 

الإعتراف السابع :

إن ما ينتظرنا كثير، ورهاننا يتأسس على قوة العزيمة وصفاء الطوية ، ولأن زماننا إجتماعي يتحاوز نزوات الزمن السياسي ولا الزمن الإنتخابوي حتى، لأن كلاهما لا يحققان العيش معا؛ في ظل مهنة مهددة هنا وهناك، تعيش شتاتا وتيها، وكما قال إيمانويل كانط، الذي نحتفل بالذكرى السنوية 300 على ميلاده :

 

" ولما كان سطح الأرض دائرياً، فقد استحال على الناس أن ينتشروا انتشاراً لا حدّ له، وكان لا بدّ من أن يلتقوا وأن يتحمّلوا مجاورة بعضهم لبعض، إذ الأصل أن الأرض مشاع بينهم وليس لأحد منهم أكثر من نصيب غيره" إيمانويل كانط في كتابه "مشروع للسلام الدائم ".

 

من هنا وجب التأكيد. على أنه غالبا ما يستعصي التعايش فيضطر بعضنا إلى الهجرة أو الرحيل، ولكن عندما تستحيل الهجرة والهروب إلى المجهول، يبقى الملاذ الوحيد هو العيش معا، وهذا يتطلب منا تضحيات عظيمة وكلفة كبيرة، غير أن الحكمة تكمن، ليس فقط، في حسن تدبير هذا الخيار النبيل، كمزاولة شبه مستحيلة، ولكنها تكمن أساسا في ضرورة التدرج عند بلورة سياسة فن العيش أولا كذات مجروحة الإنية (كوجيطو جريح)، والتفكير لاحقا (أو بالموازاة بالتبعية النسبية) في فن العيش معا ، وكأفق لبناء هوية جدلية، تعتمد عدة مداخل أساسية: تنطلق وتتأسس من خطوة دسترة سياسات العيش معا كشأن سيادي، ومأسسة التعاقدات المتعلقة بها، وهذا لن يتأتى سوى بأنسنة الحوار البيني (المهني الداخلي)؛ ثم عقلنة التبادل المعرفي المؤطر للتواصل في إطار المنتدى المؤسس لهذه الغاية، وذلك في أفق دمقرطة تدبير المشترك المهني والوطني، وتحصين المكتسبات ذات الصلة بحق الإختلاف وحرية الإختيار والفكر والإعتقاد في إطار الوحدة والتعددية .

هذه بعض رؤوس أقلام وإرهاصات أفكار علها تنعش تفاعلا جديا مع إنتظارات ورهانات نتمناها معقولة وعقلانية، تفاعل نوعي يستشرف مستقبلا واقعيا وعيشا مشتركا في إطار الممكن الواعد.

إعداد مصطفى المنوزي

رئيس منتدى فن العيش وتأهيل الزمن الحر