محمد ناعم: الحكامة الجيدة ومنظمات المجتمع المدني

محمد ناعم: الحكامة الجيدة ومنظمات المجتمع المدني محمد ناعم
يمطرنا ـ منذ سنوات ـ  كثير من رؤساء منظمات وجمعيات المجتمع المدني بمصطلحات اعتقد جازما أن العديد منهم لا يعرفون دلالاتها من الناحية المعرفية وتطبيقاتها العملية على مستويات تدبيرهم أو مشاركتهم في إدارة وقيادة مجموعة من التنظيمات الجمعوية، ومن هذه المصطلحات الحكامة الجيدة  La Bonne Gouvernance.
ـ فماذا تعني الحكامة الجيدة وما هي أهم مبادئها ؟
في ظل ما يشهده المغرب اليوم من تحولات وحراك أصبحت الحكامة الجيدة مطلبا شعبيا وحكوميا، وتأكيدا على ذلك فإن مفهوم الحكامة الجيدة نجده من أقوى المفاهيم التي جاء بها الدستور الجديد، كتعبير عن الفلسفة العامة التي أسسها من أجل إحداث التغيير المنشود والحد من الفساد وسوء التدبير الذي تعاني منه جميع مؤسسات الدولة وحتى منظمات وجمعيات المجتمع المدني. وفي هذا الإطار، خصص الدستور الجديد للحكامة الجيدة بابا كاملا، الباب الثاني عشر يتضمن 17 فصلا (الفصول من 154 إلى 171 ).  
وموضوع الحكامة الجيدة يزداد أهمية عندما يكون في ارتباط مع منظمات وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالتنشئة الاجتماعية وبرعاية وحماية الطفولة والشباب ، علما أن الشباب هو الذي حرك وتيرة الإصلاحات وقلب مجموعة من المعادلات فهو بالتأكيد يطمح أن تتجسد في العمل الجمعوي ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني محضنه الطبيعي مبادئ الحكامة الجيدة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الذكور والإناث. 
ـ لماذا حكامة أوحوكمة منظمات وجمعيات المجتمع المدني ؟
الحكامة أصبحت عنصرا أساسيا في الدستورالمغربي الجديد ؛
وجود تعهد من الحكومات المتعاقبة على تفعيل مقتضيات الدستور الجديد وعلى رأسها المقتضيات المتعلقة بالحكامة الجيدة ؛
الحاجة إلى تطوير برامج وأنشطة وخدمات الطفولة والشباب وسياساتها التي ينبغي أن تكون مبنية عل نظرة شمولية تكاملية مندمجة مواطنة ؛ 
الحاجة إلى تأهيل منظمات وجمعيات المجتمع المدني للدخول في التنافسية الوطنية والدولية و الاستجابة للمهام الرئيسية التي أناطها بها القانون .
تفعيل الشراكة والرقابة بين الدولة وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني .
ـ ماذا يعني مصطلح حكامة أو حوكمة منظمات وجمعيات المجتمع المدني ؟
بشكل عام :
يشير مصطلح حوكمة منظمات وجمعيات المجتمع المدني إلى مجموعة  الأنظمة والقوانين والقواعد والمعايير التي تحدد علاقاتها بمنخرطيها والمنتفعين من برامجها وأنشطتها وخدماتها على قاعدة الديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص بين الذكور والإناث. ومن ناحية أخرى علاقة واضحة وناضجة وعادلة وشفافة مع محيطها.
 
وبشكل أكثر تحديدا :
يُقدّم هذا المفهوم إجابات لعدة تساؤلات من أهمها: 
ـ كيف تتمكن منظمات وجمعيات المجتمع المدني من انتهاج أسلوب جديد في التدبير والتسيير يدعم تذويب الحدود ويشجع التشارك والمشاركة لمنخرطيها والمنتفعين بأنشطتها وبرامجها وخدماتها، وكذا الإشراف على التسيير والتدبير اليومي للمنظمات والجمعيات بفعالية وجودة عالية؟ 
ـ كيف يضمن المنخرطون من أن برامج وأنشطة وخدمات منظمات وجمعيات المجتمع المدني تستجيب لاحتياجاتهم؟ 
ـ  كيف يتأكد المنخرطون أن البرامج والأنشطة والخدمات تساهم في بناء قدراتهم وتساعدهم على تغيير واقع حياتهم؟
ـ ما الذي يمكن أن يتحقق بحكامة أو حوكمة منظمات وجمعيات المجتمع المدني ؟
الذي يمكن أن يتحقق هو:
ضمان الإشراف على التدبير الإداري والتربوي والمالي لمنظمات وجمعيات المجتمع المدني على ضوء قواعد الحكامة الرشيدة. 
ضمان  الالتزام بالأنظمة والقوانين والقواعد والمعايير التي تحدد التواصل والعلاقات بين مختلف الأجهزة والهياكل والمنخرطين والمحيط.
ضمان تبني برامج وأنشطة وخدمات متجددة تستجيب لاحتياجات المنخرطين، تحترم القوانين ومعايير الجودة.
كما تجدر الاشارة أن الحكامة الجيدة  La Bonne Gouvernance لا يمكن أن تتحقق إلا بتفعيل مبادئها الستة وهي:  
الرؤية الإستراتجية .
حســــن التدبيــــــر .
الإشراك والمشاركة  .
التـواصل الفعــــال  .
الشفــافيـــــــــــــة  .
المساءلة والمحاسبة. 
الرؤية الإستراتجية تعني:
ـ تقييم واقعي لمنجزات وبرامج وأنشطة وخدمات منظمات وجمعيات المجتمع المدني. 
ـ تحليل المعطيات و رصد الامكانات من أجل رسم السياسات واتخاذ القرارات .
ـ تحديد رؤية مستقبلية واعدة .
ـ تحديد أهداف قابلة للقياس والتحقق . 
ـ وضع خطة إستراتجية وبرامج عمل مضبوطة من حيث الزمان والمكان والوسائل والموارد . 
حســــن التدبيــــــر يعني: 
ـ التخطيــط الجيد .
ـ التنظيـــــم القائم على نظرة شمولية وتكاملية لأجهزة وهياكل منظمات وجمعيات المجتمع المدني وعلاقاتها وصلاحيتها .
ـ القيــــــادة الفعالة التي تقود موارد منظمات وجمعيات المجتمع المدني نحو تحقيق أهداف وغاياتها.
ـ الإشراف والمتابعة وتقييم أثر برامج وأنشطة وخدمات منظمات وجمعيات المجتمع المدني على الناس والفئات المستهدفة . 
الإشراك والمشاركة يعني:
ـ إشراك جميع الكفاءات البشرية داخل منظمات وجمعيات المجتمع المدني، والأولوية للكفاءة وليس للولاء ودرجة وحجم الانبطاح والمصالح الخاصة .
ـ إشراك أهل وآباء وأولياء الفئات المستهدفة ببرامج وأنشطة وخدمات منظمات وجمعيات المجتمع المدني. 
ـ تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الذكور والإناث. 
ـ خلق آليات تشاركية للحوار والتشاور. 
ـ إعطاء الحق لجميع الهياكل والأجهزة في منظمات وجمعيات المجتمع المدني في صناعة القرار .
ـ تمكين جميع الهياكل والأجهزة في منظمات وجمعيات المجتمع المدني من أدوات صنع القرار.
ـ الانتقال من الديمقراطية  التمثيلية إلي الديمقراطية التشاركية .
التـواصل الفعــــال ويعني:
ـ نقل المعلومات والبيانات والإحصاءات والمفاهيم عبر القنوات المختلفة بما يسهم في اتخاذ القرارات وتحقيق نجاح منظمات وجمعيات المجتمع المدني و تطورها .
ـ توجيه وتغيير السلوك الفردي والجماعي للأطر العاملة في منظمات وجمعيات المجتمع المدني ومنخرطيها، وهو ما تسعى وتدور حوله كافة الجهود الادارية والتنظيمية والتربوية .
ـ تحفيز العاملين في منظمات وجمعيات المجتمع المدني للقيام بالأدوار المطلوبة منهم . 
ـ ضمان التفاعل والتبادل المشترك بين الأنشطة المختلفة .
الشفــافيـــــــــــــة وتعني:
ـ الإفصاح عن المبادئ والقيم المحركة لمنظمات وجمعيات المجتمع المدني.
ـ الإفصاح عن البيانات المختلفة خاصة منها المالية ، سواء عن طريق نشرها في المواقع الإلكترونية لمنظمات وجمعيات المجتمع المدني أو عبر أية وثائق أخرى يطلبها المنخرطون أو تطلبها أي جهة من الجهات المعنية بالشفافية المطلوبة لتحقيق الحكامة الجيدة. 
المساءلة والمحاسبة 
ـ وضع معايير ومؤشرات لقياس الأداء. 
ـ تقييم واقعي وعادل للأداء .
ـ ربط المسؤولية بالمحاسبة . 
وباختصار الحكامة الجيدة  La Bonne Gouvernance هي أداة ضبط و توجيه اساسية لكل التوجهات الاستراتيجية الكبرى لمنظمات وجمعيات المجتمع المدني وأسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة.