ادريس المغلشي: زماننا وزمانهم..

ادريس المغلشي: زماننا وزمانهم.. ادريس المغلشي
لكل زمانه، لكن زماننا ممتد في التاريخ غارق في ماضيه لايتزحزح، شبهه أحد الظرفاء بمد طويل حين غنته أم كلثوم ياليل في سهرة دامت ثلاث ساعات ونصف، مواويل طالت حتى دوخت الكل، هي تكرر نفس اللازمة والجمهور يرد يا عين، فلا الليل تغير بصبح جميل ولا أعين توقفت عن دمع يسيل. الجمهور يتمايل صفا كأنه بنيان مرصوص. 
يحكى والعهدة على الراوي .
أننا في زمن مضى لم تتغير ظروفه رغم كل ما نشاهد من مظاهر الحضارة في بلداننا العربية. وكيف يلاحظ الآخر طريقة زيارتك لبلده ومدى انضباطك لطقوس تلك الحضارة من خلال احترام الملك العام والتعامل مع المؤسسات. وكيف تقاس الوطنية من خلال ممارسة حقوقك في مرافق الوطن بدون تجاوز. يحترم زمن الانجاز بشكل لايجعلك تموت كمدا في قاعة الانتظار، فلا يستجيب لك أحد وانت مغمض العينين غارق في أوهامك أنك في وطن .لأن البعض يعتبر زيارتك نوع من الشغب المرفوض ويجعل من بقائك سرمدا تعيد فيه طرح الأسئلة ولن تجد لها جوابا فتستغني عن الخدمة وطرح الأسئلة لأنك ترفض مطلقا كل الخدمات التي تحط من آدميتك وكرامتك. دقات الزمن في الإدارة بطيئة حد الموت فلا تكاد تنظر إلى الساعة دون أن تجد حلا،  فلا العمل انجز ولا الزمن توقف لينصفك.
لازلت اذكر في إحدى الدول الأوروبية تأخرت الطائرة عن موعدها نتيجة الظروف المناخية السيئة. السيدة صاحبة الصوت الجميل بعد اعتذار لبق وكلمات مجاملة متكررة بشكل يسمح بتوزيعها على الحاضرين فردا فردا ...
تخاطب عموم المسافرين باعتذارها كون الطائرة المتجهة نحو المغرب لن تنطلق إلا في الساعة الثانية بعد الزوال، بتأخر سيدوم لأربع ساعات ملتمسة من المسافرين التوجه إلى المطعم الفلاني من أجل أخذ مايطلبون من مشروبات ومأكولات إلى حين اقلاع الطائرة. وكم كان مستفزا والبعض يهرول بسرعة نحو المقصف ليأخذ طعاما وفاكهة وماء وبعض قطع حلوى..! وكم كان المشهد مثيرا أن الأغلبية كانوا من افريقيا ..! بينما الآخرون اكتفوا بفنجان قهوة أوعصير برتقال مع جريدة.  
مشهد يختزل كل شيء. فعلمت يقينا أننا غرقى في المواويل حد البكاء، ولم نكن ندري انها تخذير عطل  كثيرا من جاهزيتنا. لم نعد قادرين على الاستفاقة معها لنعي وجودنا فوق هذه البسيطة .