سعيد العنزي تاشفين: حكومة أخنوش هي مجرد مكتب دراسات يفكر فـي كيفية تحويل الشعب إلى زبناء للأثرياء!

سعيد العنزي تاشفين: حكومة أخنوش هي مجرد مكتب دراسات يفكر فـي كيفية تحويل الشعب إلى زبناء للأثرياء! سعيد العنزي تاشفين، باحث سوسيولوجي
في سياق انشغال الراي العام برفض حكومة أخنوش فرض الضريبة على الثروة على الأغنياء، "أنفاس بريس" فتحت نافذة على هذا الموضوع من خلال طرح السؤال على سعيد العنزي تاشفين، الباحث السوسيولوجي، الذي عبر عن موقفه من خلال المقال التالي:
 
علينا‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬أولا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬تتشكل‭ ‬أولا‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬أغلبي‭ ‬ولد‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الإدارة‭ ‬بحر‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭  ‬(1977)؛‭ ‬وهو‭ ‬حزب‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار،‭ ‬الذي‭ ‬لعب‭ ‬أدوارا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أحزاب‭ ‬مثله‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬التوزان‭ ‬في‭ ‬معترك‭ ‬الفعل‭ ‬السياس،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬الأصالة‭ ‬والمعاصرة‭ ‬الذي‭ ‬وصف‭ ‬سابقا‭ ‬بالوافد‭ ‬الجديد،‭ ‬ثم‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيفه‭ ‬ضمن‭ ‬اليمين‭ ‬المحافظ‭.‬

‮ ‬ويبدو‭ ‬لي‭ ‬مبدئيا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬ذات‭ ‬نفَس‭ ‬رأسمالوي‭ ‬مكشوف،‭ ‬بحيث‭ ‬إن‭ ‬الإطلاع‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬يفيد‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬استنتاج‭ ‬واضح‭ ‬مفاده‭ ‬أننا‭ ‬امام‭ ‬“حكومة‭ ‬الباطرونا“،‮ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬التوجه‭ ‬الحكومي‭ ‬الاغلبي‭ ‬هو‭ ‬المتحكم‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬بغرفتيه‭ ‬وفي‭ ‬جلّ‭ ‬مجالس‭ ‬الجهات‭ ‬وفي‭ ‬مجالس‭ ‬الأقاليم‭ ‬والعمالات‭ ‬وفي‭ ‬الجماعات‭ ‬الترابية‭ ‬المحلية؛‭ ‬وبذلك‭ ‬نعيش‭ ‬لعمري‭ ‬أسوء‭ ‬تجربة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬الإستقلال‭.‬

‮ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬السؤال‭ ‬المركزي: “لماذا‭ ‬ترفض‭ ‬الحكومة‭ ‬فرض‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الثروة؟“،‭ ‬والذي‭ ‬تقدمتم‭ ‬به،‭ ‬أجيب‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬غرو‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬يستأسد‭ ‬فيها‭ ‬“الباطرونات“‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬بفرض‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬لكون‭ ‬التوافق‭ ‬الأكبر‭ ‬المضمر‭ ‬هو‭ ‬التحالف‭ ‬بين‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والسياسة‭ ‬من‭ ‬مدخل‭ ‬حزب‭ ‬الحمامة‭ ‬والجرار،‭ ‬بمقربة‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الميزان‭ ‬الفاقد‭ ‬لأية‭ ‬سلطة،‭ ‬وبذلك‭ ‬نجد‭ ‬كل‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬الحكومة،‭ ‬ومنها‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬غاز‭ ‬البوتان‭ ‬باسم‭ ‬دعم‭ ‬الفئات‭ ‬المعوزة،‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬قواعد‭ ‬الليبرالية‭ ‬المتوحشة‭ ‬التي‭ ‬تنتصر‭ ‬للأثرياء‭ ‬وتمأسس‭ ‬للتسول‭ ‬باسم‭ ‬الدعم‭ ‬الإجتماعي‭ ‬على‭ ‬أشلاء‭ ‬ميزانية‭ ‬المقاصة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مكتسبات‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى،‭ ‬وبما‭ ‬يجعل‭ ‬السواد‭ ‬الأعظم‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬يتسول‭ ‬بمقياس‭ ‬العيش‭ ‬بالدعم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عتبة‭ ‬الفقر‭ ‬بمقياس‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬“أقل‭ ‬من‭ ‬دولار‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬اليوم“‭.‬

‮ ‬وبدل‭ ‬أن‭ ‬تتسلح‭ ‬الحكومة‭ ‬بفرض‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬تصاعديا‭ ‬نجدها،‭ ‬بالأحرى،‭ ‬تقدم‭ ‬تحفيزات‭ ‬للأثرياء،‭ ‬وتعجز‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الآن‭ ‬،‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬قانون‭ ‬منع‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان،‭ ‬وتواصل‭ ‬إعفاء‭ ‬الفلاحين‭ ‬الكبار‭ ‬من‭ ‬الضرائب؛‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬ضمن‭ ‬منحى‭ ‬رأسمالي‭ ‬“شبه‭ ‬فيودالي“‭ ‬يستقوي‭ ‬على‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬ويحول‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬فئات‭ ‬عريضة‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬على‭ ‬عتبات‭ ‬الدولة‭ ‬باسم‭ ‬الدعم‭ ‬الإجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يخلق‭ ‬مجتمعا‭ ‬كسولا‭ ‬وغير‭ ‬مبدع‭.‬

‮ لذلك‭ ‬فبدل‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الثروة‭ ‬وتحفيز‭ ‬قدرات‭ ‬الشعب‭ ‬ودعم‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى،‭ ‬نجد‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬توسّع‭ ‬البون‭ ‬بين‭ ‬طبقات‭ ‬المجتمع‭ ‬عبر‭ ‬إجراءات‭ ‬مقياسية‭ ‬عناوينها‭ ‬الكبرى‭ ‬التأويل‭ ‬الفيودالي‭ ‬للأرض‭ ‬عبر‭ ‬“توزيع“‭ ‬أراضي‭ ‬القبائل‭ ‬على‭ ‬المحظوظين‭ ‬من‭ ‬الأثرياء،‭ ‬والتحفيز‭ ‬الليبرالوي‭ ‬للإقتصاد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬الإستثمارات‭ ‬الكبرى‭ ‬وفرملة‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‮ ‬PME،‭ ‬مع‭ ‬تحويل‭ ‬الأغلبية‭ ‬السفلى‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬إلى‭ ‬متسولين‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الثروة‭ ‬كنا‭ ‬يقع‭ ‬بالصين‭ ‬واليابان‭ ‬والبرازيل‭ ‬كدول‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭.‬

وصفوة‭ ‬الكلام‭ ‬هنا‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬تعدو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مجرد‭ ‬مكتب‭ ‬دراسات‭ ‬يفكّر‭ ‬لصالح‭ ‬الأثرياء‭ ‬بما‭ ‬يقدم‭ ‬الدولة‭ ‬كمقاولة‭ ‬والشعب‭ ‬كزبون‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬نكهة‭ ‬التسول‭ ‬الذي‭ ‬يضعف‭ ‬كل‭ ‬فرص‭ ‬الإنعتقاء‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬الإقتصاد‭ ‬التّبعي‭ ‬الهجين‭. ‬وختاما‭ ‬أؤكد‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬كما‭ ‬بينت‭ ‬منظمة‭ ‬أوكسفام‭ ‬سيعزّز‮ ‬‭ ‬الموارد‭ ‬الجبائية‭ ‬للبلاد‭ ‬وسيغنم‭ ‬المغرب‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬الأن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬مليار‭ ‬درهم!!‭ ‬فهل‭ ‬تستطيع‭ ‬حكومة‭ ‬الباطرونا‭ ‬فعل‭ ‬ذلك؟!‭ ‬حتما‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬مطروح‭ ‬للنقاش‭.‬