شكلت مشاركة وسيط المملكة في افتتاح الندوة المخصصة لمناقشة موضوع "الإفراج المقيد بشروط بين متطلبات التفعيل وتحديات توسيع فرص الإفراج وإعادة الإدماج"، تمرينا عمليا لتدبير التقاطعات التي يفرضها العمل المؤسساتي المشترك بين مختلف المتدخلين لصالح تحقيق أهداف متكاملة تروم خدمة المواطنين بمختلف فئاتهم، حين اعتبر موضوع الإفراج المقيد، بالنسبة لمؤسسة الوسيط، فرصة لإبراز جوانب أخرى من مجالات تدخلاتها المتعددة، في إطار المهام التي تضطلع بها لفائدة مرتفقي الإدارة العمومية، والمتمثلة أساسا في الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين.
وأكد محمد بنعليلو على أن تواجده، إلى جانب أهم المتدخلين التقليديين في موضوع إعادة الإدماج، يعكس التزاما معلنا من مؤسسة وسيط المملكة لأجل المساهمة في إيجاد الظروف الارتفاقية الملائمة لـ "إعادة الإدماج"، بما يتوافق مع سيادة القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان من جهة، وبما يتماشى وقواعد العدل والإنصاف التي ينبغي أن يستند إليها الارتفاق العمومي الجيد من جهة ثانية.
مضيفا أن حضور وسيط المملكة لهذه المناقشة يتجاوز مجرد المشاركة الرمزية إلى انخراط وظيفي، يجسد تعهدا قويا بتكثيف الجهود، من أجل دفع الإدارة إلى الوفاء بفعالية بالتزاماتها اتجاه الانتظارات الحقوقية الآنية والمقبلة المرتبطة بفئة "المفرج عنهم"، باعتبارها فئة من المواطنات والمواطنين متسمة بالهشاشة، تستحق إيلائها العناية اللازمة وإيجاد الحلول لما تطرحه حقوقها الارتفاقية من تحديات إدارية وأحيانا تشريعية.
ويرى بنعليلو في هذه الندوة فرصة سانحة لتأكيد حرص مؤسسة وسيط المملكة على فتح "بُعد جديد" في موضوع إعادة الإدماج، وهو ما أطلق عليه "البعد الارتفاقي في إعادة الإدماج"، كونه بعدا لا يقبل التجسيد إلا من خلال مبادرات إدارية هادفة إلى تدبير الضغوطات الاجتماعية، والقانونية أحيانا، وتحقيق الدعم الإداري لفئة المفرج عنهم، عبر تبسيط المساطر ذات الصلة بالوثائق والشواهد الإدارية، وضمان حقوقهم الأساسية على قدم المساواة مع غيرهم من المواطنين، من أجل اندماج حقيقي قائم على علاقات ارتفاقية سليمة في مجتمع "ما بعد الإفراج" .
وفي هذا السياق، شدد وسيط المملكة على كون الاشتغال عبر "بوابة الارتفاق العمومي" يعتبر مدخلا آخر من مداخل تخطي الصعوبات التي تفرضها التعقيدات القانونية والإجرائية التي قد يواجهها المفرج عنهم، مع ما تكون عنهم من ترسبات اجتماعية محكومة بأفكار مسبقة تشكل ما وصفه "بالآثار الارتفاقية للعقوبة"؛ وبالتالي دعا محمد بنعليلو من خلال مداخلته إلى إرساء منطق توجيه ارتفاقي ذكي يزاوج في معالجة الموضوع بين الاحتياجات الفردية المعبر عنها من قبل المفرج عنهم، والبعد المتكامل الضامن لنجاح عملية إعادة إدماج هذه الفئة.