هذا الرجل من "نقيلات" محنة الصحافة بالمغرب (نعم قصدتها محنة وليس مهنة).. فهو من الناذرين الأصلاء الذين انزرعوا في تربة المحبة في الناس الطيبين في جغرافيات واسعة من بنغازي حتى واشنطن ومن لندن حتى تومبكتو.
صوته أشبه بالشذى الذي هو أعظم من الصدى.
مخارج حروفه غير، لا نظائر لها، بصمة عنه.. ما الإذاعي غير بصمة صوت، هوية عنه أبدية.
ياه كم سننصت إليه بمعنى آخر اليوم، صوتا للغياب نعم، لكن بقاء للمعنى أكيد. ستحبه الحياة أكثر اليوم.
سيدي عبد الصادق بنعيسى، نعم هدك الحزن وليس المرض. فأنت كالشجرة لا تحتمل أن يقتطع منها فأس القدر الفروع، وأنت اقتطع منك فلذة كبدك غدرا ذات وباء. فما الذي سيحتمله قلبك الطفل. نعم تحملت في صمت، وقلت "ما كاين باس هي الحياة هكذا" وخطوت مثلما يخطو الشهيد صوب حتفه خفيفا بلا بهرجة، صادقا مع لحظة الوجود.
نعم أبكيك يا صديقي، يا ابن الحسيمة وصلابة الريف، وأوهم نفسي أنك فقط على سفر، تماما مثل قصيدة الشاعر السوري عمر أبوريشة، مخاطبا زوجته:
"رفيقتي لا تخبري إخوتي
كيف الردى، كيف علي اعتدى.
إن يسألوا عني وقد راعهم
أن ابصروا هيكلي الموصدا.
لا تقلقي لا تطرقي خشعة،
لا تسمحي للحزن أن يولدا.
قولي لهم سافر، قولي لهم
إن له في كوكب موعدا."