قبل فترة جد وجيزة، خرج السيد "جياني أنفانتينو" رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الفيفا، ليدلي بتصريح لوسائل الإعلام العالمية زف فيه خبر اختيار المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي المملكةَ المغربيةَ كمُضيف فريد لنهائيات كأس العالم للأمم، للمنتخبات النسوية لأقل من 17 سنة، خلال خمس دورات سنوية متتالية، من 2025 إلى 2029، منتهزا الفرصة ليشكر المغرب والجامعة الملكية لكرة القدم على تفضّلهما بهذه الاستضافة المتكررة، وكرّر بالمناسبة شكره بالفرنسية والإنجليزية والعربية، ثم هنأ المغرب باللغات ذاتها قائلا: "مبروك للمغرب، وألف مبروك على احتضان هذه الكأس الرائعة"... ثم ختم تصريحه بالعبارة الشهيرة: "ديما مغرب" (افتح الرابط أدناه)!!!
https://www.youtube.com/shorts/QGk6-izn_oE
في الواقع، فإن هذا الثناء لم يعد يشكل بالنسبة لنا كمغاربة أدنى مبعث للاعتزاز والافتخار، فقد ألفنا أن نعطي بلا مقابل، وأن نسمع عبارات الشكر والامتنان من جميع من يتعاملون معنا وبجميع اللغات... وإنما أوضحتُ هذا الحدث، بتفاصيله أعلاه، لسبب واحد، وهو أنه أصاب جيراننا الشرقيين في مقتل، وسيظل يصيبهم بذلك طوال خمس سنوات مقبلة على التوالي، ولا أعتقد أن أعصاب أكثر مسؤوليهم تعقّلا ورزانةً يمكن أن تصمد أمام هذا التشريف العالمي، الذي ناله المغرب عن جدارة واستحقاق، ليس فقط بما أبان عليه من علوّ كعبٍ في نهائيات قطر قبل سنتين، بل أيضا بما قدّمه لعالم الكرة المستديرة من بنيات أساسية رياضية يُقام لها ويُقعَد، بمناسبة اختياره لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم برسم دورة 2025، ونهائيات كأس العالم برسم 2030، وما أنتجه في أكاديمياته الرياضية من منتخبات وطنية من مختلف الأعمار، ومن الجنسين معاً، سيشارك أغلبها في النهائيات العالمية، وفي طليعتها بطل إفريقيا على الإطلاق، المنتخب الوطني المغربي للفوتصال، الذي احتل الرتبة السادسة عالميا، والأولى عربيا وإفريقيا وبدون منازع، وشكّل ظاهرة فريدة تتحدث عنها كبريات المؤسسات الإعلامية العالمية المختصة...
والأهم دائما من كل ذلك، أن هذا يصيب جيراننا الشرقيين بكل أنواع المغص والألم لأنهم يعيشون على الحقد والحسد والضغينة، ولا يتغذّون إلا على هذه الموبقات حتى صاروا مضرب المثل في كل أنحاء المعمور!!!
المصيبة العظمى، أن الجزائريين قاطبةً لا يحسّون بذلك ولا يَعُونَه لفرط غبائهم وبلادتهم، ولفرط ما تلقّوه من غسل للدماغ بكل أنواع المُبيدات البيداغوجية (!!!) بل يحتفظون بموقفهم الناشز ذاك في انتظار أن يدورَ العالمُ برُمّتِهِ وتتغيّرَ وِجْهَتُه ورأيُه وموقفُه ويصيرَ في نفس جهالتهم العمياء... فكل العالم على خطأ، وهم وحدهم على صواب، وسيظل الأمر على ذي الحال في وعيهم الجمعي، الذي أصبح في حد ذاته ظاهرة قياسية تستحق صفة "العالمية"!!!
في الواقع أيضاً، أعتقد أن الجزائريين سيصفون سلوك السيد جياني أنفانتينو الطبيعي والراقي هذا، بكونه "مَسّاً بسيادتهم الوطنية"، لأن كل ما يحققه المغرب من مَناقبَ ومَفاخِرَ لابد أن يمس السيادة الجزائرية، والعبرة بقضية قميص نهضة بركان، الذي أصبح بدوره عالمياً، والذي حقق بفضل غبائهم رواجاً إعلامياً وتجارياً لا يضاهيه إلا قميص البارصا أو الريال أو الباييرن... ولأن كل نجاحاتنا هي بالنسبة لهم ضربا مُبرحاً ومؤلماً في نرجسيتهم القياسية، التي لم يعرف العالم لها نظيراً منذ ذهاب مهندس النازية الأحمق أدولف هتلر، وبعده بعقود، الدكتاتور المريض "ملك ملوك إفريقيا" معمر القذافي!!!
على السيد جياني أنفانتينو، إذَنْ، أن يعلم أنه أقدم على توجيه خمس ضربات مجتمعة، وفي آن واحد، للسيادة الوطنية الجزائرية، بإعلانه ذاك، عن احتضان المغرب لخمس دورات متتاليات لنهائيات كأس العالم لكرة القدم النسوية للفئة العمرية "لأقل من 17 سنة"، فما بالنا بالضربة الأخرى الأكثر إيلاما وتقتيلا، والمتمثلة في ترشيحه لرئيس جامعتنا لكرة القدم السيد فوزي لقجع لمنصب رئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الكاف، خلفا للرئيس الحالي موتسيبي المنتهية ولايته!!!
تلك طامة أخرى، وستحتاج بالتالي إلى وقفة منفصلة، وإلى قافلة من سيارات الإسعاف العقلي والنفسي الجماعي... وللحديث حتماً صلة!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي