محمد شيكر: رسالة مقتضبة إلى وزير الثقافة

محمد شيكر: رسالة مقتضبة إلى وزير الثقافة محمد شيكر

السيد الوزير المحترم

استسمح سيادتكم لمخاطبتكم بمناسبة انعقاد معرض الكتاب من داخل المنظومة بصفتي: مديرا لدار نشر في منتهى الصغر لم يحالفها الحظ منذ تقريبا عشر سنوات من ولوج المعرض لقلة مواردها،كاتبا وروائيا نشر إلى حد الآن خمس روايات،

باحثا درس بالجامعة المغربية لأكثر من ثلاثين سنة كأستاذ اقتصاد زائر ونشر مجموعة من البحوث،مديرا سابقا للدراسات ومراقبة التدبير بإحدى اهم المؤسسات المالية المغربية.

 

السيد الوزير المحترم

رسالتي هاته لا تروم الانتقاد ولكن التنبيه وهدفي ليست المؤاخذة ولكن التعبير عن خيبة أمل.

ما القيمة المضافة لمعرض كمعرض للكتاب إذا لم يخدم الكاتب ولم يعرف بالكتاب؟                                             أين نحن من آخر الإنتاجات داخليا وجزء كبير من المؤلفات الجادة خارج التغطية لأنها نشرت على الهامش إما على حساب مؤلفيها أو عن طريق دور نشر صغيرة.

 ما نشر برسم 2022-2023 لم يتجاوز 3500 إلى 4000عنوان. أكثر من 80 في المائة منها باللغة العربية. رغم هذا الإنتاج الهزيل فلن تجد منه في المعرض إلا القليل.                                                                                 وأين نحن مما ينشر خارجيا من أعمال في مختلف المجالات العلمية البحثة منها والاجتماعية والإنسانية.

قد لا أبالغ إن قلت لا شيء ونحن على مشارف المجتمع المعرفي. كان الأحرى أن يشكل المعرض نافدة يطل من خلالها القارئ المغربي على ما وصلت اليه العلوم في مختلف المجالات.

 ما القيمة المضافة لمعرض إذا كان القائمون عليه اختزلوه في سوق للمطبوعات واقتصروا على رقم المعاملات وعدد الزوار كمؤشرين على نجاحه؟ يكفي إن قمتم بجولة داخله لتقفوا على ما يصلنا من الشرق ليس فقط من كتب كدت أصفها بالصفراء ولكن من مؤلفات تفنن "جوجل" في ترجمتها.

المعرض زمن الكتاب بامتياز، تعودت وزارتكم على هدره بتنظيم ندوات لا تبرير لها غير التشويش على من جاء تبجيلا للكتاب وبفسح المجال لإدارات ومؤسسات لا علاقة لها بالكتاب لتزاحم الأروقة وتضيق على المطبوع وتحول الفضاء إلى فضاء بهرجة و صخب. .                                                                                        

 

السيد الوزير المحترم

أخلص إلى تشبيه معرض الكتاب هذا بنافورة قد تشدك إليها لكن مياهها عادمة تقتصر فائدتها على المظهر والإيهام بأن الأمور على ما يرام. فالمعرض وعبر السنوات ظل كدار لقمان يتعذر تفكيكه نتيجة ما جبلت عليه الوزارة من تجنب كل ما من شأنه أن يغضب بطانتها ممن تعدهم في خانة المثقف.

اقتصرت الثقافة عند الوزارة على المجالات ذات الطابع الاجتماعي وتغاضت عن المجالات العلمية التي تغدي الصراع الجيوستراتجي وحرب المواقع الحضارية. كما أن الوزارة اختزلت في رموز استهلكت بشكل أدت إلى تبخيس عملها بل وإلى الريب وعدم الثقة. فما قيمة جائزة المغرب مثلا؟ كم هي مبيعات هذه الجائزة؟

 

السيد الوزير المحترم

 كان من المفروض أن تصاحب الدينامية التي يعرفها المغرب حاليا نهضة ثقافية وأن يكون المعرض وجائزة المغرب من الأدوات التي تؤشر على هذه النهضة.

لا يكفي نقل المعرض إلى الرباط لتصبح الرباط بين صبح وضحاها عاصمة الأنوار. لابد من مؤشرات كهاته التي نعيشها والمغرب يستعد لتنظيم كأس العالم.

 

  في الختام                                                                          

ستشاطرونني الرأي إن قلت لكم إن المرحلة التي نعيشها اليوم تتطلب الجدية تطابقا وتوافقا مع التوجهات الملكية وتستوجب الفعالية. وقد لا نختلف إن أكدت لكم أن للثقافة دورا محوريا لدعم ما يحققه المغرب من مكاسب على جميع الأصعدة. في هذا الإطار، أقترح عليكم خلق شركة مختلطة تتكفل بتسويق الكتاب والتعريف به داخل وخارج المغرب. شركة تساهم فيها مؤسسات عمومية كصندوق الإيداع والتدبير والمكتب الشريف للفوسفاط وشركات خاصة (ابناك مثلا) بجانب جمعيات الناشرين مع مساهمة وزارتكم بتخصيص الدعم المرصد لاقتناء حصة من رأسمال الشركة.

 الدعم في صيغته الحالية مجرد ريع. لم يعط أكله ولم يتحقق من خلاله ما كان منتظرا منه. إننا اليوم لا نسحب أكثر من 500 نسخة من كل عنوان بدل 1000 من قبل. أصبح المخزون يزعجنا. هل في علمكم ما نعانيه على مستوى التوزيع؟ المكتبات الجادة المتمركزة في بعض المدن الكبرى لا تقبل على سبيل الإيداع أكثر من 5نسخ من كل عنوان جديد (وعلى الناشر انتظار 6 أشهر لمعرفة إن كانت الخمس نسخ بيعت أم لا).                                                                 

 السيد الوزير المحترم                                                                       

يشكل خلق شركة توزيع مختلطة تخدم الكتاب وتعمل على المساهمة في نشر النبوغ المغربي بدون خلفيات نقطة مفصلية في النهوض بالقطاع. فما يجنيه الكاتب خاصة وقطاع النشر عامة من التوزيع والتسويق قد يكون أكبر بكثير مما يوفره لهما الدعم وما يتحقق للمغرب من إشعاع قد لا يكون له مثيلا.                                      

هذا، وأدعوكم إلى أخذ الفكرة التالية على محمل الجد واقتراحها على حكومتكم الموقرة. بجعل 2025سنة الانطلاقة الثقافية تحت شعار: الارتقاء بالقلم لمنافسة القدم.

 الرباط 8 ماي 2024