هدأت النفوس بالفوز الصغير للنهضة البركانية أمام الزمالك المصري، وقلل الإعلام المصري من حجم الخسارة (2/1)، التي مني بها الفريق الأبيض في مباراة ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم.
قبل المواجهة بين الفريقين اندلعت معارك إعلامية خاصة من الجانب المصري، الذي كان سباقا لتقديم الشكاوي إلى الاتحاد الإفريقي للعبة، فقد احتجت إدارة الزمالك على تعيين حكام تقنية الفيديو من تونس، وربطوا الاحتجاج بوجود مدرب تونسي على رأس الفريق المغربي، كما اعترضوا على ملتمس الصفح على اللاعب المغربي العرجون، دون أن ننسى التوتر الذي عرفته العلاقات بين الناديين في أعقاب نهائي سنة 2019 الذي عرف ضغطا مصريا رهيبا على الحكام.
في المباريات التي جمعت المغرب بمصر ليس فقط في مجال كرة القدم بل رياضات أخرى، ظل التوتر حاضرا قبل وأثناء وبعد المباراة، كما لم يسلم الحكام المغاربة من الغارات الإعلامية المصرية كلما مني منتخب أو فريق مصري، ونتذكر جميعا ما تعرض له الحكمان المغربيان لاراش والعرجون من هجمات إعلامية وشكاوي إدارية بسبب خسارة الأهلي المصري.
نستحضر في هذه الورقة مجموعة من الوقائع التي طبعت تاريخ المواجهات الكروية المغربية المصرية، صحيح أنها لم تصل إلى ما وصل إلى إليه الأمر مع الجزائر، لكن محطات التوتر حاضرة، لكننا سنكتفي بأهم المنازعات التي لم تنته بنهاية المباريات، بل استمرت لشهور عديدة بعد أن تحولت إلى مادة إعلامية دسمة.
المغرب يقاطع النسخ الأولى من "الكان" بسبب طبخ مكتب "الكاف"
بدأت أولى خيوط النزاع الرياضي المغربي المصري، عام 1956 حيث أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم آنذاك رغبته في تأسيس اتحاد في كل قارة يكون تابعا للفيفا، فاجتمع ثلة من الرياضيين لاختيار أول ممثل لهم، فتم الاستقرار على اسم المصري عبد العزيز عبد الله سالم برغم أن السوداني عبد الحليم محمد كان الأكثر نشاطا وحماسا إلا أن صغر سنه حال دون طرح اسمه لشغل المنصب. من هنا خرجت فكرة إنشاء "الكاف" إلى الوجود، وتقرر تنظيم أول بطولة لأمم إفريقيا لكرة القدم.
غاب المغرب عن أول اجتماع للكاف، واقتصر الحضور على عبد العزيز عبد الله سالم ومعه يوسف محمد ومحمد لطيف من مصر وعبد الحليم محمد وعبد الرحيم شداد وبدوي محمد من السودان وتسيما من إثيوبيا وفيل من جنوب إفريقيا، وتمت في إقامة بطولة أمم إفريقيا عام 1957 في السودان.
غضب المغاربة من رئيس الكاف المصري، بعد أن أقصى المغرب وكثير من الدول الحديثة العهد بالاستقلال، وظل الغضب ساري المفعول ما جعل المنتخب المغربي يقاطع هذه البطولات الإفريقية من تأسيسها إلى غاية سنة 1972.
احتجاج مصري بسبب ديانة ملاكم مغربي
طالبت بعثة مصر مجلس الجامعة العربية، لتوقيع عقوبات على المغرب، بسبب سوء تنظيم دورة الألعاب العربية سنة 1961، وعرض رئيس الوفد المصري تقريرا تضمن ما اعتبره مجموعة من الخروقات التي ميزت التظاهرة العربية. سيقرر مجلس الجامعة العربية إنزال عقوبات على المغرب صدرت في بيان للجامعة العربية إشارة لعجز المملكة المغربية عن تحقيق الأهداف المتوخاة من الدورة العربية، إذ زكت الانشقاق بدل أن تكون فرصة لرص الصف العربي.
اعترف المغرب بالأخطاء التنظيمية، وبررها بظروف الإعداد، إذ أن المغرب عوض تونس التي تراجعت عن قرار تنظيم الدورة، بسبب انتفاضة بنزرت. لكن النقطة التي أفاضت كأس النزاع بين المغاربة والمصريين، هي المواجهة التي جمعت في رياضة الملاكمة بين ملاكمين مصري ومغربي وانتهت لفائدة هذا الأخير بالضربة القاضية في الجولة الأولى، حينها اعترض المصريون وهددوا بالانسحاب من الدورة لأن الفائز بذهبية البطولة العربية يهودي الديانة مغربي الجنسية، ويتعلق الأمر بماكس كوهين، وهو الحدث الذي كاد أن ينسف التظاهرة، بل وشكك في الانتماء القومي للمغرب، كما ورد في كتاب «الرياضة المغربية، شواهد وأسرار»، للكاتب الصحفي الحسين الحياني.
المغرب يهدد بالانسحاب من دورة 1986 بسبب طاهر أبو زيد
في مارس 1986 استضافت مصر فعاليات النسخة 15 من كأس الأمم الأفريقية، وعرفت هفوات تنظيمية كثيرة أثارت استغراب المنتخبات المشاركة، خاصة حين تم الصفح على نجم الفريق المصري طاهر أبو زيد وتم إشراكه في تشكيلة المنتخب المصري خلال المواجهة القوية ضد المغرب، رغم أنه ممنوع قانونيا من حوض هذه المباراة لأنه مطرود.
حصل طاهر أبوزيد أحد أبرز نجوم الفريق حصل على بطاقة صفراء ثانية في مباراة الموزمبيق بالدور الأول، بعد احتفاله مع الجماهير بعد إحرازه الهدف الثاني. لكن المنتخب المصري تقدم بالتماس لرفع الإيقاف عن طاهر أبوزيد وتم بالفعل رفع الإيقاف، أمام استغراب الجميع ما مكنه من المشاركة في لقاء نصف نهائي بطولة أفريقيا أمام المغرب الذي هدد بالانسحاب قبل أن يتم العدول على القرار.
زاد غضب بعثة المنتخب المغربي حين كان اللاعب طاهر أبوزيد وراء الهدف المسجل في مرمى بادو الزكي حارس مرمى المنتخب المغربي في الدور قبل النهائي لبطولة أمم أفريقيا، عن طريق تنفيذ ضربة خطأ قبل أن يعلن الحكم الإثيوبي إشارة تسديد الخطأ، أمام أكثر من 95 ألف متفرج في ملعب القاهرة الدولي ليعلن صعود المنتخب المصري للمباراة النهائية، بينما اكتفى المنتخب المغربي بالصف الرابع.
صراع مغربي مصري حول مقر الكونفدرالية
حين نشب خلاف بين عيسى حياتو الرئيس الأسبق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، ورئيس الاتحاد المصري هاني أبو ريدة، روج عيسى لإمكانية نقل مقر الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم من مصر إلى المغرب، بسبب الخلافات التي تعمقت بين الطرفين. تلويح حياتو بالرحيل إلى المغرب أقحم رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع في جدل المقر.
وحين اشتد الصراع بين الرباط والقاهرة، قال أبو ريدة من خلال الصفحة الرسمية للإتحاد المصري لكرة القدم، إنه يرفض كل محاولة للإيقاع بين الإتحاد المصري والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مشيدا بالعلاقات الطيبة التي تجمع بين مسؤولي الاتحادين.
وقال هاني أبو ريدة، أن مسألة نقل مقر الكونفدرالية الأفريقية من القاهرة، لم يتم التطرق إليها نهائيا من ممثلي الاتحادات الموجودين في اجتماعات الكاف. علما أن الإتحاد المصري لكرة القدم هو من كشف عبر موقعه الرسمي على الانترنت، أن عيسى حياتو رئيس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم يسعى لنقل مقر الكاف من مصر إلى المغرب.
ومن مضاعفات هذا الجدل ظهور محللين رياضيين مصريين أعلنوا استعدادهم للدفاع عن أبو ريدة، وإطلاق النار على فوزي لقجع، رغم أن هذا الأخير لم يعبر عن رغبته في "جر" المقر من القاهرة إلى الرباط. وظهر أحمد حسام «ميدو»، نجم الزمالك الأسبق، ليصف رئيس الاتحاد المغربي بـ «الديكتاتور»، قبل أن يتراجع مؤخرا عن تصريحاته ويصف لقجع برجل المواقف.
مرتضى منصور يتهم المغاربة بالسحر
اتهم رئيس نادي الزمالك المصري السابق، مرتضى منصور، الدولي المغربي وليد أزارو، نجم الأهلي وهداف الدوري المصري لكرة القدم، بـ «السحر والشعوذة».
وقال منصور إن اللاعب المغربي يستعين بـ «السحر والشعوذة» لهز شباك الخصوم وتسجيل مزيد من الأهداف. وأضاف رئيس الزمالك أن أهداف أزارو في الدوري المصري، كانت بفضل «السحر والشعوذة» على حد تعبيره مستغربا في ذات الوقت عن السهولة التي يسجل بها أزارو الأهداف.
ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي اتهم فيها مرتضى منصور المغاربة بممارسة هذه السلوكات في المجال الرياضي. وقال عقب مباراة، جمعت الزمالك مع فريق سموحة، رجح أسباب فشل الفريق إلى أن خصومه يستعينون بساحر دجال مغربي محددا ثمن خدمته في 5 ألاف جنيه لكسب المباريات المحلية و5 ألاف دولار للمواجهات الإفريقية.
اعتقد الإعلاميون أن مرتضى يمازحهم، لكن تبين أنه جاد في ما يقول، قبل أن يواجهه المغرب بالصمت. ولم يكتف رئيس الزمالك بذلك بل زاد في تصريحاته عبر برنامج «ملعب الشاطر» قائلا: «فرج عامر حكى لي عن السحر المغربي مرتين، آخرهما في منزلي بالإسكندرية خلال البطولة العربية». ليرد عامر من جهته عبر أثير إذاعي بعد ذلك قائلا: «لو كان هذا الأمر موجودا لفازت غانا وإفريقيا على ريال مدريد، وفاز المغرب بكأس العالم».
رئيس نادي الزمالك ليس المرة الأولى له، التي يتهم فيها المغرب باستعمال الشعوذة والسحر في المباريات، إذ سبق له أن صرح بعد مباراة الزمالك أمام الوداد الرياضي في إياب نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا، والتي انتهت بخسارة الزمالك، أن فريقه لم يكن في المستوى «بسبب استعمال الوداد البيضاوي السحر». كما سبق له اتهام مدير التعاقدات في النادي الأهلي بأنه «استخدم سحر مغربي بعدما قضى 21 يوما في المغرب».
واقعة المباراة النهائية الفاصلة تصل إلى محكمة "طاس"
بعد إعلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، عن إجراء نهائي كأس عصبة الأبطال الإفريقية 2022، بملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء في مباراة فاصلة، انتفض المصريون وسجلوا اعتراضهم على القرار، قبل أن يعلنوا اللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضي الدولية، ضد الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بشكل استعجالي. لكن المحكمة رفضت طلب نادي الأهلي المصري، بتأجيل نهائي دوري الأبطال، بين الوداد الرياضي والفريق المصري.
رفضت المحكمة الدولية ملتمس الأهلي المصري، وأصرت على خوض النهائي في الدار البيضاء، استنادا إلى دفوعات الكونفدرالية الإفريقية التي أصدرت بلاغا توضيحيا حملت فيه إدارة الاتحاد المصري مسؤولية التقصير في التعامل مع مذكرة سابقة للكاف، والتي نصت على أن الفائز بدوري أبطال أفريقيا سيتم تحديده من خلال مباراة نهائية واحدة، وتم منح استضافة نهائي دوري أبطال أفريقيا للمغرب بعد أن سحبت السنغال عرضها والتي كانت الدولة الأخرى الوحيدة التي استوفت شروط الاستضافة". وواصل الكاف «نلتزم بمبادئ الإنصاف والعدالة والمساواة بين جميع الأندية والاتحادات الأعضاء وسيعامل في جميع الأوقات جميع الأندية والاتحادات الأعضاء بشكل عادل وعلى قدم المساواة".