خلال جلسة مشتركة عقدها البرلمان و مجلس المستشارين قال أخنوش، وهو يقدم حصيلة الحكومة في نصف فترة ولايتها " إن مشروع الدولة الإجتماعية "ليس شعارات، بل قرارات فعلية وإجراءات ملموسة"، مضيفا أن نصف فترة ولاية حكومته شهدت "تحقيق ثورة اجتماعية غير مسبوقة" على مستوى تعميم مشروع التغطية الصحية الإجبارية.
يتكلم السيد أخنوش و كأنه ليس على علم بالواقع الإجتماعي و الإقتصادي الذي تمر به البلاد . و لكنه اعتاد الهروب إلى الأمام من الواقع البئيس الذي تعيشه الطبقة الفقيرة والطبقة الوسطى، وذلك حتى لا يجيب على أسئلة الواقع الملموس و منها:
1- أين تجلت الحصيلة الحكومية في محاربة الفساد و نهب المال و الحد من مظاهره ،التي أصبحت هي القاعدة ، في تسيير الشأن العام . و أصبحت الحكومة تحمي الفساد و المفسدين و تسعى إلى تكميم أفواه الجمعيات المناهضة للفساد ونهب المال العام و الإفلات من العقاب ؟. بل أصبحت وزارة العدل من الوزارات المدافعة عن الفساد و الحاملة لمشاريع تلغي أنشطة الجمعيات الجادة في مناهضة الفساد ، ومنها الجمعية المغربية لحماية المال العام ، و تدفع وزارته هذه بالرجوع إلى الوراء، أي أيام الجمر و الرصاص ، ضدا على دستور 2011 والذي كيفما كان الحال أصبح ضحية تنزيل خاطئ و مقصود لبنوده من طرف الحكومات المتعاقبة منذ المصادقة عليه في استفتاء 2011 ومنها حكومة أخنوش؟
2 - ما هي حصيلة الحكومة في الحد من الفقر؟ حيث لم يستطع أخنوش أن يكشف للعالم بأن معدل الفقر في صفوف المغاربة قفز من ٪1,2 سنة 2022 إلى ٪6،6 سنة 2023 . مما يدل على أن حكومته لم تستطع الحد من تنامي ظاهرة الفقر بفعل اتباع سياسة الريع و الإسراف في التسيير و سوء التدبير وعدم القدرة على خلق فرص للشغل للشباب والشابات، إذ بالمقابل تم تدمير 181 ألف فرصة عمل صافية خلال سنتين دون الإهتمام بأسباب هذا الإنهيار على مستوى الشغل والذي مرده إلى إفلات الشركات، خاصة شركات المناولة ، من المحاسبة والمراقبة وإفلاس المقاولات الصغرى . و أن نسبة البطالة وصلت الى 13٪، وهو رقم قياسي حسب ما كشفت عنه مؤسسة الحليمي ،وأن 4،3 ملايين من شباب المغرب لا يشتغلون ، وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين عن " المجلس الإقتصادي و الإجتماعي والبيئي ،رضا الشامي" مع ارتفاع نسبة إفلاس المقاولات ب15% السنة الماضية. جاءت هذه النتائج في ظل نسبة نمو متواضعة لا تتجاوز 3%. هل يريد أخنوش أن يخفي الأزمة التي تعيشها البلاد، خاصة و أنها ليست أزمة عابرة أو ظرفية؟ .بل هو تضخم قد يصبح واقعا و دائما، لأن مستوى الأسعار الحالية مستمر و ليس عابرا، نتيجة سوء التدبير و العشوائية في التسيير . و نتيجة استنزاف مواردنا المائية من أجل إنتاج فلاحي موجه إلى الأجانب مقابل إهمال دعم المنتوج الوطني الموجه لتلبية حاجيات البلاد الداخلية.
3 - الدولة الإجتماعية و بيع المنشآت الإجتماعية :
لما يتكلم السيد أخنوش، رئيس الحكومة المغربية عن الدولة الإجتماعية قائلا "إن مشروع الدولة الإجتماعية ليس شعارات، بل قرارات فعلية وإجراءات ملموسة" و هو يسعى إلى استبلاد المغاربة و المثقفين منهم و اليساريين الذين يعلمون جيدا ما هي الدولة الاجتماعية ودورها في الإرتقاء بالمجتمع إلى مستوى الرفاهية ؟
إن تبني شعار الدولة الإجتماعية يجب أن يكون منسجما مع البنية الأساسية للدولة وفي مقدمتها السياق العام لتطور الدولة وحاجات المجتمع والديمقراطية الحقة و المناخ الملائم للإستثمار على مستوى الموارد الطبيعية و البشرية والتوزيع العادل للثروة و تكريس العدالة الجبائية . إن استخدام مصطلح " الدولة الاجتماعية"، المصطلح الألمانيّ Sozialstaat («الدولة الاجتماعية») منذ عام 1870 لوصف برامج دعم الدولة التي وضعها «السياسيون والاجتماعيون» «Sozialpolitike» وهو ترجمة مباشرة لـ «دولة الرفاهية» بالإنجليزية. و من تم بدأ تنفيذ خطّة (الدولة الإجتماعية ) كجزء من الإصلاحات الوقائيّة التي قام بها بسمارك.وهو رجل دولة وسياسي - بروسي - ألماني، شغل، منصب رئيس وزراء مملكة بروسيا بين عامي 1862 و1890، وأشرف على توحيد الولايات الألمانية وتأسيس الإمبراطورية الألمانية أو ما يسمى بـ "الرايخ الألماني الثاني"،. عن ( تاريخ ألمانيا النازية)
إن رئيس الحكومة حينما استعمل شعار الدولة الإجتماعية دون مراعاة أسباب نزول هذا الشعار في أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى، إنما يريد تضليل الرأي العام الوطني فقط ،لأن الرأي العام الدولي سيتخذ من كلامه هزؤا ، لأنه يقوم بقتل شعار الدولة الإجتماعيةحينما بدأت حكومته بعملية تفويت المستشفيات العمومية للقطاع الخاص مما جعل الأطباء يفرون مكرهين إلى الخارج في اتجاه كندا أو فرنسا أو المصحات الخصوصية. إن حكومته تغتال شعار الدولة الإجتماعية من خلال قتلها للتعليم و تحويله إلى حقول تجريبية و إلى منشآت يسودها الجمود و التخلف التربوي و العلمي .حكومة أخنوش تقتل المواطن والمواطنة كل يوم في صحته ،وفي كرامته و في عيشته بفعل فوضى الأسعار للمواد الغذائية جراء احتكار اسعار المحروقات من طرف رئيس الحكومة الذي يمتلك شركات الإستيراد و التوزيع و يرفض إعادة تشغيل منشأة لاسمير الوطنية . أين هي حكومة أخنوش من شعار الدولة الإجتماعية في ظل الفوارق الطبقية الإجتماعية و الفوارق المجالية؟ وفي ظل قمع الحريات العامة والتضييق على جمعيات من المجتمع المدني المناهضة لسياسة الفساد و نهب المال العام والافلات من العقاب؟.
على رئيس الحكومة السيد أخنوش أن يدرك بأننا لسنا بصدد دولة اجتماعية في ظل آلية تنموية معطوبة ، بل في « مرحلة الإنتقال من الخصاص التنموي والتفاوت الطبقي، إلى مرحلة جديدة عنوانها الاندحار الجماعي لجميع الفئات الاجتماعية (باستثناء الفئة الناجية العليا).» كما جاء على لسان أحمد الحليمي.إن شعار الدولة الإجتماعية ليس بلعبة سياسية قابلة للشحن و المغالطة،و إنما هو شعار له أبعاده الإجتماعية و السياسية و الثقافية والفنية و الرياضية والبيئية .