لما نجد مدنا في المغرب في كل صباح يتنفس سكانها في هذا الفصل عبير ورود الربيع والعطر الحسن الفائح، ونفحات زهور الحدائق، وتفتح عيونها على صباح صافية سماؤه، ومشرقة أنواره تبشر بيوم سعيد، نجد أنفسنا في مدينة قلعة السراغنة نتنفس الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح البلدي للنفايات المنزلية، والذي أصبح في تماس مع أحياء جديدة للمدينة (تجزئة الهدى والحي الصناعي) من الناحية الشرقية، وهي روائح خانقة والمؤدية إلى إصابة مرضى الصدر بالاختناق وبالأزمات التنفسية. منذ عقود والمطرح البلدي للنفايات يجود على الساكنة بهذه المتاعب التنفسية، ومنذ عقود وأصحاب الحل والعقد في هذه المدينة في غياب تام عما يعانيه السكان مما أصبح يسببه هذا المطرح من مخاطر بيئية على المدينة وعلى الساكنة على المستوى الصحي والبيئي..
وكانت وعود المسؤولين على الشأن المحلي، كلما استيقظ بركان هذا المطرح تتجلى في أن المشكل سيتم حله على مستوى المطرح الجهوي للنفايات المنزلية، وهو المشروع "المنتظر"، والذي عمر طويلا لكي يرى النور في ظل غياب إرادة حقيقية ومسؤولة من طرف السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة والمجلس الإقليمي ..وبين هذه الوعود وتلك التي وعد بها رئيس المجلس الجماعي لقلعة السراغنة تستمر معاناة ساكنة قلعة السراغنة من تبعات هذا المطرح ..
فأي لعنة أصابت هذه المدينة المناضلة والصامدة حتى تصبح في عزلة عن التطور البيئي والعمراني والحضاري الذي تعرفه مدن المملكة؟ أي لعنة هذه أصابت ساكنة قلعة السراغنة حتى يستيقظ كل صباح سكانها على إيقاع حوافر بغال العربات المجرورة التي تجمع النفايات المنزلية بشكل عشوائي، مخلفة روائح كريهة، وتتبعها كلاب ضالة تخيف الأطفال وهم في طريقهم الى المدرسة؟
أي لعنة هذه أصابت هذه المدينة حتى لا يفتح المسؤولون من سلطات محلية وإقليمية أبوابهم و نوافذهم حتى يروا القلعة بعين مجردة، وليس بأعين متربصة والتي تردد كل صباح "قولوا العام زين" ؟ إن للمدينة أسلافها و جنود لها في الخفاء لن يتركوها لذئاب لا ترى فيها إلا لحومها و دماؤها؛ إن عاقبة التاريخ لن يسلم منها أي مسؤول خان القسم في هذه المدينة..