وتوصلت جريدة "أنفاس بريس" بأرضية الندوة التي ستشارك فيها فعاليات عربية وافريقية وكذا من المغرب، من عالم الفكر والأدب:
إن طرح موضوع البعد التنموي الثقافي الافريقي، الجسور والتحديات في الثقافات العابرة للحدود يكتسي أهمية بالغة في النهوض بالعلاقات جنوب جنوب.
كما أن هذا الموضوع الهام ينطلق من قناعاتنا في رابطة كاتبات افريقيا والمغرب، بأن الرأسمال الثقافي التراثي والمعرفي هو العامل المشترك القوي في تحديد كافة الخرائط التنموية للنهوض بالمجال، والدفع باستقراره وتطوير آليات تقدمه وتطوره وإعادة الاستثمار في رأسماله البشري، والاشتغال على موضوع أنسنة الضفاف، من أجل ضمان عدالتها الاجتماعية والمجالية، وذلك بخلق سبل التعاون والتضامن بينها، وتقوية التشارك في مختلف الواجهات التي بإمكانها أن تقود إلى الترافع عن كل أذرع الحوار الحضاري والفكري والثقافي بين مختلف الهويات.
كما ينطلق موضوع الندوة التي ستشهد نقاشا وتبادل أفكار بين محاضرات ومحاضرين من دول إفريقية وعربية، وهي الندوة التي تنظمها رابطة كاتبات افريقيا والمغرب وبشراكة مع المجلس الإقليمي لمدينة أسا الزاك يومي 21، 22 ماي 2024 بالمركب الثقافي أسا الزاك، من قناعتنا أن التراث الثقافي في علاقته بالمدينة وتجلياتها المجالية وذاكرتها ونقط التشابه في محيطها، هو المنطلق القوي لتطوير أي عمل تنموي تضامني يعتمد الإنتاجية والمردودية.
إن عامل التنمية الثقافية في أبعاده الإفريقية والعربية يشكل زاوية النظر إلى تبادل التجارب لبناء مدن آمنة ومستقرة، وتضامنية، وحالمة بالتغيير الجذري لكل العوامل السلبية التي كان لها الأثر البالغ في ظلم الإنسان وقتل جمال المجال، بناء على أن الثقافة في كافة أبعادها ومنها المعرفية والتراثية، تحتفظ دائما بأثرها البالغ في تحسين الأوضاع المجالية، باعتبارها ذرعا يؤمن ويقي الهوية ويعزز من ثقافة الإختلاف، لما للفعل الثقافي بصفة عامة من آثار عميقة على الأذهان وتصويب أفكار الأجيال، التي تم ترسيخها بناء على تصورات مغلوطة تحكمت فيها عوامل تاريخية حان الوقت لطي صفحتها والتوجه إلى المستقبل، من أجل بناء مدن مستقرة وآمنة وعادلة وكريمة تؤسس للجمال في الثقافات العابرة للحدود بإطلاق مسلسل ربط الثقافة بالإقتصاد والسياحة والمعيش اليومي، بعامل التنمية المنتصر للتقدم والتطور والتغير الاجتماعي الإيجابي للإنسان والمجال.
إن التفكير في خرائط ثقافية مدروسة، تتوفر على معطيات مادية في المشترك القوي بين أوطاننا الإفريقية والعربية، أصبح ضرورة للترافع بين مختلف القوى الثقافية والفكرية العالمة والعارفة بمجالات الإشتغال على التنمية الثقافية، والبحث في التراث اللامادي، من أجل نشر الوعي واشراك الجميع لإنتاج مجتمعات افريقية وعربية تعتمد الثقافة والتراث لتأسيس مدن الإنفتاح والإنتاج عوض تكريس الاتكالية والاستلاب ونقل ثقافة الآخر دون قراءتها وفهم أرضية اشتغالها.
إن دولنا العربية والإفريقية، ملزمة اليوم قبل أي وقت مضى، إلى الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والإجتماعية، ولن يتأتى ذلك إلا بإقحام العامل الثقافي والتراثي والفكري والمعرفي في كل مبادرات التي لن تكون اليوم في حدود أوطاننا، بل سنترافع كنخب ثقافية افريقية وعربية عالمة وعارفة بأهمية التضامن الثقافي، عن أهميتها لتتخذ أبعادا في محيطنا القاري، بخلق دينامية ثقافية تتجه جنوب _جنوب، ترسخ الانتماء المشترك وتقوي الروابط وتعزز عوامل الوحدة وتعمق هويتنا الافريقية والعربية، بالتكامل والحوار وتقوية أوجه التشابه بين كل أركان مدننا وعاداتنا وتقاليدنا، ونجعلها بوابة لثقافتنا السياحية، وأنشطتنا الفكرية والأدبية في الشعر والرواية والمسرح والسينما والتشكيل، وفي الصناعة التقليدية، وما تنتجه أيادي المبدعين والحرفيين على حد سواء، وتحويلها إلى أنشطة تنموية منتجة، كما جعل كل أبحاث الإنثربولوجيا والسوسيولوجيا والتاريخية أبحاثا تنتج طرقا للإرتقاء بالمجتمع وبالانسان افريقيا وعربيا.