..ومتى كان محمد بودريقة رئيسا لمقاطعة مرس السلطان حتى يتم عزله؟!
هذا هو السؤال الجوهري الذي كان على سلطة الوصاية والقضاء الإداري والانتخابي الجواب عليه؟
إن حالة بودريقة (وقبله حالة سعيد الناصري، رئيس مجلس عمالة البيضاء)، تنهضان لتساءلنا حول هذا التواطؤ الجماعي للإبقاء على منظومة انتخابية متعفنة لا تفرز إلا "الناطحة والمنطوحة وماعاف السبع (نستثني هنا بعض الإشراقات من السياسيين والمنتخبين القابضين على الجمر في زمن الرداءة)، آخر انشغال نخبها الحرص على تجويد عيش السكان بالمدينة وتحسين مستوى مؤشراتها، لترتقي في نادي المدن الجاذبة للعيش وللرواج وللاستثمار الوطني والأجنبي.
إن قرار عزل محمد بودريقة، لا وزن ولا قيمة له، إن لم يشمل العزل والتشطيب كل هذا البناء الفاسد الذي أفرز لنا "نخبا" فاقدة للأهلية وللمشروعية بالعاصمة الاقتصادية.
من العار أن مدينة من حجم الدارالبيضاء، الحاضنة لثلث الناتج الداخلي الخام للمملكة والحاضنة لربع الساكنة الحضرية بالمغرب، تسيرها عمدة لم تحصل لائحتها بالكاد سوى على 7000 صوت من أصل 4 ملايين ساكن ببلدية البيضاء. أي أن العمدة لا تمثل سوى 0،1% من سكان البلدية، وبالكاد تمثل 0،3% من مجموع ناخبي البيضاء.
بالله عليكم أتوجد مدينة في العالم تتحكم في رقابها عمدة حصلت على 0،1% من أصوات السكان، وتدبر موارد مالية تقترب من 6 ملايير درهم في السنة؟! (أدمجنا الميزانية السنوية وكذا البرامج الحائزة على ترخيص خاص من وزارتي المالية والداخلية).
بربكم، أتوجد مدينة في العالم تسيرها عمدة حازت على 0،3% من أصوات الناخبين وتتحكم في موارد بشرية تقارب 11 ألف موظف جماعي، وتشرف على العلاقة مع شركات التدبير المفوض للمرافق المحلية، التي يقارب رقم معاملاتها 10 ملايير درهم سنويا؟!
برب موسى ودين محمد، أتوجد مدينة في العالم حازت فيها العمدة على "كمشة" من الأصوات عددها أقل من ساكنة عمارة كبيرة بالبيضاء (نموذج: "الباطيما العوجا" بالبرنوصي أو "عمارة تيتانيك" بحي الأزهر، أو بلوك واحد بحي سيدي الخدير)، يسهل استمالتها بشراء الذمة أو بالوعود الخادعة البراقة، وتقرر في مصير 4 ملايين نسمة: في تصاميمهم وعمرانهم وطرقاتهم وإنارتهم ومقابرهم؟!
إن الدارالبيضاء المقبلة على أوراش كبرى بمناسبة مونديال 2030، لا تحتاج إلى برامج لتأهيل البنية التحتية والرياضية وحسب، بل تحتاج بالدرجة الأولى إلى تأهيل بنيتها سياسيا وإداريا وانتخابيا، حتى يستعيد السكان مدينتهم وحتى تستعيد المدينة سكانها.
انظروا إلى المدن العالمية المزدهرة: هل يسيرها عمداء تم إسقاطهم وفق "تقطيع مخدوم" ونظام انتخابي مفصل على المقاس؟! أم على العكس يسرها عمداء متجذرون في تربة مدنهم وصوتت عليهم الأغلبية الكاسحة من الناخبين وفق تعاقدات واضحة ومرقمة؟!
هل علينا استلهام تجارب مدن: تولوز ونيويورك وبرشلونة وكوبنهاغن وفرانكفورت؟! أم البقاء رهائن نموذج مدن سلفادور وميانمار وطورابورا بأفغانستان ؟!
إن حالة محمد بودريقة (ومعه حالة سعيد الناصيري)، ليست سوى شجرة تخفي غابة من العبث واستحمار ذكاء المغاربة الذين يعانون من عذاب أفظع من عذاب الآخرة!!
ألا يعتبر اختطاف تدبير المدن وإسقاط دمى على الأجهزة البلدية لتسييرها، أشد عذاب من نار جهنم؟!