يبدو من خلال تحليل معطيات الأزمة التي افتعلتها الجزائر ضد المغرب عموما ، وضد نهضة بركان بالخصوص ، أن صناع هذا القرار غير المحسوب كان مسخرا لخدمة أجندة سياسية داخلية غير معلنة ، فالمسكوت عنه أكبر بكثير من المعلن ، وهذا الموقف الأهوج والأرعن يتجاوز فريق مولودية الجزائر ويتجاوز ماهو رياضي .
لكن باحتساب لغة الأرقام وبتعداد المغانم والمغارم، فإن المغرب خرج رابحا من هذه القضية على جميع المستويات رياضيا وسياسيا، ويمكن رصد ذلك ، وفق مقاربة ثلاثية الأبعاد:
أولا _ البعد السياسي :
حيت ثبت بالملموس وبجميع القرائن والأدلة تفسخ أكذوبة حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، وأن ذلك مجرد ذريعة تتستر من ورائها الجزائر لإخفاء مطامعها الهوجاء غير المشروعة لاقتطاع الصحراء المغربية من وطنها الأم وأن هذا الإدعاء المقنع المضمر والمستتر انفضح بشكل غير مسبوق ، إذ أضحت الجارة تصرح علانية وبشكل صريح أن عقدتها المركبة والمزعجة هي الأقاليم الجنوبية، ومصدر القلق والإنزعاج يتمثل في الطفرة التنموية التي عرفتها هذه المنطقة كجزء اصيل من تراب المملكة .
ثانيا _ البعد الرياضي :
تموقع المغرب في هياكل الإتحاد الإفريقي والفيفا، والثقة التي أصبح يحضى بها من قبل المنتظم الدولي الرياضي باحتضانه لمجموعة من الملتقيات الرياضية وريادته الكروية افريقيا ودوليا ،كل هذه الإنجازات مقابل إخفاق الجيران ، لا شك أن ذلك ،سيفرز لا محالة مجموعة من الأحقاد ، وسيدفع بالطرف الآخر إلى حياكة ونسج العديد من الفخاخ والمؤامرات التي تم تفكيكها بنوع من النضج والعقلانية .
ثالثا _ البعد الإنهزامي :
لعل العودة إلى الإتحاد الإفريقي واعتراف العديد من الدول بوجاهة الطرح المغربي المتمثل في نجاعة ومصداقية الحكم الذاتي، واقول مرحلة الإعتراف بجبهة البوليساريو منذ سنة 2004، حيت أضحى هذا المشروع المزعوم محنطا ومجرد رصيد متحفي طاله الصدا والغبار، حيث اثبت التاريخ بالملموس أن مهندسيه وصناعه لا يمتلكون الرؤيا السديدة للأمور، باعتبار أن السحر التوسعي انقلب على الساحر ، لكن رغم ذلك ، لازال الإعلام الرسمي للجزائر متماديا في الترويج للأكاذيب.. آخرها إعلانه بتأهل مولودية الجزائر إلى المباراة النهائية التي ستقام بملعب نيلسون مانديلا ضد فريق الزمالك المصري بدون حياء .
تاسيسا على ذلك ، فطبيعة المرحلة تقتضي أعمال الحكمة والتعقل عسى أن يصلح العطار ما افسده الدهر..