الحسن زهور: أي إسلام نريد؟

الحسن زهور: أي إسلام نريد؟ الحسن زهور
الضجة التي أثارتها المشاورات الأخيرة حول إصلاح مدونة الأسرة، وما رافقها من حملات مغرضة وغير أخلاقية ٱلتجأت إليها بعض التيارات الإسلامية والسلفية وبعض رموزها كعادتها في مواجهة معارضيها لضعف خطابها الذي تجاوزه العصر، يقودنا إلى طرح سؤال رئيسي وهو: 
ما الاسلام الذي نريده في بلدنا؟
هل هو الاسلام المغربي الذي طبقه أجدادنا والذي حاولوا فيه الفصل بين وظيفة الفقيه(المسجد) ووظيفة أمغار وئنفلاس أي الإحتكام إلى القوانين الوضعية التي وضعوها لتسيير حياتهم الإجتماعية والإقتصادية بما نسميه اليوم ب  "علمانية مغربية"، وينقحونها حسب مستجدات واقعهم الإجتماعي؟
أم الإسلام الوهابي السعودي؟ الذي يرى في المرأة انسانا قاصرا تحتاج دوما إلى ولي أمرها (الأب أو الزوج، أو أخ...) في أغلب أمورها الإجتماعية، وناقصة العقل والدين، ومثيرة للغرائز فما "اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما"، لذلك اجتهد الإخوان المسلمون في مصر لحل هذا "المشكل الفقهي" بفتوى الإرضاع، اي أن ترضع الموظفة رفيقها الموظف في نفس المكتب ليصبحا أخوان في الرضاعة ام إسلام الطالبان؟ فبمجرد استيلائهم على الحكم حرموا على الفتيات التمدرس وأغلقوا التعليم الثانوي والجامعي في وجه الفتيات الأفغانيات، واعادوا المرأة إلى عصر القرون الوسطى بدعوى أن المرأة عورة وناقصة العقل والدين، وبمجرد استيلائهم على الحكم سارع السلفيون المغاربة إلى تهنئتهم بدعوى أن الحكم الاسلامي يعود من جديد إلى أفغانستان.
أم إسلام بكو حرام والجماعات الجهادية؟ التي ترى في تمدرس الفتاة حرام وفق منظورهم السلفي للإسلام(بوكو حرام)، وبالتالي إرجاع المرأة إلى عصر القرون الوسطى.
أم إسلام داعش التي طبقت حرفيا ما شرعه الفقهاء القدامى بدون اجتهاد فأعادوا أسواق النخاسة (ما ملكت أيمانكم) بيعا وشراء في نساء وفتيات الايزيديات، وارجعوا النساء إلى دور الحريم... ولم نسمع من الأزهر وغيره من الحركات السلفية والإسلامية موقفا يحرم هذه التجارة في النساء.
أي إسلام يريد هؤلاء الذين ملأوا وسائل التواصل سبا وقدحا ونبشا في أعراض من جاهروا ووقفوا لإصلاح مجتمعهم بإصلاح اوضاع المرأة؟
عندما نادى قاسم أمين بتحرير المرأة في مصر، كانت جماعة التخلف والتزمت من المشايخ ورجال الدين وغيرهم تطالبه بأن يسمح لزوجته -باسم الحرية- بمرافقة الرجال ومنحها حرية معاشرتهم، لأن عقليتهم عقلية دينية متخلفة لا ترى في المرأة إلا وسيلة للاشباع الحيواني.
وانتصرت أفكار قاسم أمين، واضطر المشايخ والفقهاء المعارضون لحرية المرأة إلى تدريس بناتهم في المدارس والجامعات العصرية الوطنية أو الأوروبية والأمريكية…
إذن، أي إسلام نريد؟
نريد اسلامنا المغربي المرتبط بثقافتنا المغربية بعمقها الأمازيغي، إسلام يرعى مصلحة الناس وتطورهم الحضاري، فقد احتكم الأمازيغ (وكل المغاربة أمازيغ ثقافة) إلى ثقافتهم ووضعوا قوانينهم المتوافقة مع روح وغاية الإسلام التي تصب في مصلحة الإنسان (لم يقطعوا يدا، ولا رجموا رجلا ولا امرأة، ولا قتلوا باسم القصاص، وأعطوا للمرأة حقها في الإنتاج قبل تقسيم الإرث مما يعارض الشرع كما يقول الفقهاء...)رغم وجود النص الذي يحتج به اليوم بعض السلفيين والاسلاميين ومن تبعهم من التابعين لمعارضة إصلاح المدونة بدعوى (لا اجتهاد مع وجود النص).
 أقول الذين يعارضون إصلاح مدونة الأسرة اليوم، إذا كانت الشريعة هي ما يهمكم فعلا (شريعة الفقهاء القدامى) فهؤلاء يعتبرون المرأة عورة وناقصة العقل والدين ومثيرة للفتنة "لا تخرج المرأة من بيتها إلا إلى بيت زوجها، أوإلى قبرها، وبين ذلك زيارة أهلها بمرافقة ولي أمرها) فلماذا سايرتم العصر بالنسبة لأسركم؟ (أتومنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)؟
لنعط مثالا ما أجمع عليه الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء قديما حول عدم إلزام الزوج شرعا بمداواة زوجته.
لنقرأ ما كتبه بعض الأئمة كشرع: 
في كتاب" شرح منتهى الإرادات" ج 3، ط1, مطبعة عالم الكتب، سنة 1993, لفقيه الحنابلة الشيخ منصور بن يونس عن الزوج إذا مرضت زوجته:
" ولا يلزمه دواء ولا طبيب إن مرضت لأن ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة بل لعارض فلا يلزمه" ص227.
وقال النووي في "روضة الطالبين" (6/ 460) دار الكتب العلمية، لبنان،  :
[ لا تستحق الزوجة الدواء للمرض ، ولا أجرة الطبيب والفصاد والحجام والختان، لأن هذه الأمور لحفظ الأصل ، فكانت عليها كما يكون على المكري ما يحفظ العين المكتراه. ] .ففي نظر جمهور الفقهاء القدامى، المرأة مثلها مثل أرض مكتراة.