حسن طارق يقارب " الوطنية المغربية: تحولات الأمة والهوية" في مؤلف جديد

حسن طارق يقارب " الوطنية المغربية: تحولات الأمة والهوية" في مؤلف جديد حسن طارق واصداره الجديد : «الوطنية المغربية تحولات الأمة والهوية"

يرى الأستاذ الجامعي حسن طارق في إصداره الجديد الموسوم ب «الوطنية المغربية تحولات الأمة والهوية"، أنه لا مناص اليوم من التفكير في " الوطنية المغربية "وسط مشهد عالمي مفارق، " تلتقى داخله إيديولوجية السوق وأفكار التطرف الديني حول حربها المقدسة على الدولة الوطنية".

إن إستراتيجيات الانكماش الهوياتي تغذي في الآن نفسه، أشكال جديدة من التعصب الوطني، وتعود الدولة الوطنية - باعتبارها الفاعل القوي - في الساحة الدولية، كما لو كانت تمثل ثأرا مشهديا للأمم والثقافات والرموز من التخيلات التنميطية للعولمة، كما لاحظ الأستاذ طارق في مقدمة الكتاب الذي يتضمن ثلاثة فصول، هي " سياقات تأسيس الوطنية المغربية"، و" الوطنية المغربية أفقا للتفكير"، و" الوطنية المغربية وسياقات التحول"..

بيد أن الكاتب عبر عن اعتقاده، بأن الإشكالية الأكثر مطابقة لسؤال المرحلة، مغربيا، تتلخص، في كيفية استثمار الخفوت اللافت لتوترات الهوية، وأجواء ما بعد الحوار العمومي الواسع، حول إعادة التعريف الجماعي للأمة، لاجتراح مقاربة لا تقف عند حدود تمجيد التعدد، ولا تتوقف عند عتبة الاحتفاء بالمكونات الفرعية والروافد، لكنها تلتفت إلى الأهم متمثلا في ترصيد المشترك الوطني الجامع.

 

تاريخ وطني مديد

وتكمن أهمية الكتاب في استقصائه الموثق لما كتب في قضايا أساسية، منها ارتباط تاريخ الوطنية المغربية بالتاريخ المديد للدولة بالمغرب، وعلاقة الدولة بالأمة، وقضية الهوية المغربية ومكوناتها، وارتكاز الوعي بالوطنية المغربية على تاريخ وطني مديد ودولة ضاربة الجذور فيه. كل هذا مقترنا بتتبع قراءات المغاربة والأجانب لتاريخ المغرب ودولته، كما جاء في  تقديم الكتاب الذي دبجه الأستاذ علي أومليل الذي أوضح كذلك، أن حسن طارق يعرض في هذا الكتاب لموضوع هام وهو الوطنية المغربية، وأهميته، ليس في موضوعه وحسب، وإنما أيضا في بسطه ومناقشته لما وضع بشأنها من آراء وتنظيرات.

و يعود الأستاذ حسن طارق، الى التوضيح على صفحات كتابه بأن " الوطنيات " ستستطيع التخلص التدريجي من عقدة " القطرية" و" وصم " التجزئة " لتتحول إلى الإطار الطبيعي والشرعي للسياسة والانتماء والكينونة، دون أي مركب نقص تجاه باقي عناصر الانتماء ضمن محددات الشخصية العربية الإسلامية، وذلك مقابل تآكل الأيديولوجيا القومية، ومشاريعها السياسية، وهامشية الماركسية التي ظلت معلقة بين الأزمة والنخبوية، وقدرة الدولة على استيعاب تيارات الإسلام السياسي".

 

الاستثناء المغاربي

غير الكاتب يلح في ظل هكذا وضع، كان  يتعين الإشارة إلى دائرة الاستثناء المغاربي، المشكل بالأساس من التجربة التاريخية لكل من المغرب وتونس ، حيث تشكلت لفترة طويلة من الزمان جماعات سياسية، مستقرة ومحددة، ولها " حدود " ليست إشكالية تماما كما في دول بلاد الشام والمشرق العربي عموما.

 وفي معرض حديثه عن ما وصفه ب"المدار الثاني" لانشغال الفكر العربي المعاصر بقضايا الدولة الوطنية، ذكر حسن طارق بأنه يعود إلى عقد التسعينات وبدايات الألفية ، في إحالة على سيبق أن عالجه بتوسع في كتابه بعنوان " الديمقراطية وقضايا الانتقال السياسي بالمغرب" ( 2019 )، حيث ستطرح تحت تأثير الأبحاث الغربية حول الانتقالات الديمقراطية، إشكاليات أجزاء كبرى من الفكر العربي، قد عزز من أطروحة الإشكال الهوياتي في الدول العربية كأحد أسباب العجز الديمقراطي.

 

الانتصار للدولة الوطنية

وبعد ذلك وبمناسبة التفاعل مع أحداث 2011 - يقول الكاتب - ستطرح من جديد الأسئلة حول ما إذا كانت الدينامية التي رافقت تلك اللحظة التاريخية، تعنى الوداع النهائي للإيديولوجيا القومية والانتصار الحاسم للدولة الوطنية بكيانها الخاص كأفق وحيد للتغيير السياسي والانتماء الجماعي -  وهو ستعيد بذلك حسن طارق ما سجله في كتابه تحت عنوان " المثقف والثورة: الجدل الملتبس: محاولة في التوصيف الثقافي لحدث الثورة" الصادر سنة 2016.

عموما، يصرح الكاتب بأنه لن ينشغل هذا الكتاب ، بمدارات "الوطنية " داخل الفكر العربي المعاصر، في ضوء الاتجاهات النظرية والممارسة والأطروحات الايديولوجية، " بقدر ما سيحاول إعادة  تركيب سياقات بناء الوطنية المغربية كما تحددت خلال زمنية التأسيس، وقبل ذلك الوقوف على أبرز صيغ حضور الوطنية المغربية كأفق للتفكير والمعرفة المتعددة الحقول والخلفيات،  وأن سؤال الهوية الوطنية، يحتفظ "براهنية مثيرة، كموضوع للتفكير والتأمل، موضحا أن الانتماء الوطني بالرغم من كل تحولات الهوية وسياسات الانتماء، وكل الوعود الكونية للعولمة، حافظ على موقعه داخل سلم التفضيلات الهوياتية المتقدمة.

 

دولة وطنية موحدة

ولفت حسن طارق الانتباه في كتابه الصادر عن " المركز الثقافي للكتاب" في  248 صفحة من القطع المتوسط إلى أن الوطنية المغربية " وجدت لحظة انبثاقها كجواب على سؤال الوجود والهوية، كما فرضته سياسات الاستعمار... ثم ستجد بعد الاستقلال نفسها بعد الاستقلال كجواب على سؤال ترسيخ الدولة الوطنية الموحدة، قبل أن تنطلق سريعا داخل النخب الحضرية المثقفة، ديناميات الادعاءات الهوياتية المتفاوتة".

للأستاذ حسن طارق العديد من المؤلفات، منها " الديمقراطية وقضايا الانتقال السياسي بالمغرب"و" العودة الى الثقافة " و" حقوق الانسان أفقا للتفكير" و" التواصل بين المجتمع المدني والبرلمان " و"المثقف والثورة :الجدل الملتبس، محاولة في التوصيف الثقافي لحدث الثورة" و"هيئات الحكامة في الدستور: السياق ،البنيات والوظائف " و"من الثورة إلى الدستور؛ الهوية والديمقراطية في دستورانية الربيع العربي" و"الدستور و الديمقراطية :قراءة في التوترات المهيكلة لوثيقة 2011" و"السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد" و"المجتمع المغربي و سؤال المواطنة والديمقراطية و السياسة "و"الشباب السياسة و الانتقال الديمقراطي" و"اليسار وأسئلة التحول".