أعادت واقعة احتجاز قمصان نهضة بركان لكرة القدم، بمطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائر، بدعوى وجود خريطة المملكة المغربية على صدرها، حالة الاحتقان إلى المواجهات الرياضية بين المغرب والجزائر، وأكدت أن الخلاف السياسي القائم بين البلدين يقتحم مجال كرة القدم، بل كشفت عن إصرار الجزائر على أن تكون طرفا في النزاع.
مباريات المغرب والجزائر.. مواجهات في الملاعب وخارجها
تعددت محطات الاستفزاز الجزائري للبعثات الرياضية المغربية، وعلى امتداد تاريخ المنافسات الكروية بين البلدين، ظل الاحتقان سيد الموقف حتى أصبح التوتر قاعدة والهدوء استثناء.
للصراع امتدادات في التاريخ، ففي 30 ماي 1948 شد فريق الوداد الرياضي الرحال إلى مدينة وهران عبر القطار من أجل مواجهة فريق سيدي بلعباس الجزائري برسم نصف نهائي بطولة شمال إفريقيا، إعتبر المتتبعون هذه المواجهة "مباراة القرن" ضد فريق جزائري يتشكل في غالبيته من عناصر أوروبية ، لكن هذه المباراة تأخرت عن موعد انطلاقتها، حين رفضت العناصر الودادية الدخول إلى رقعة الملعب إلا بعد رفع العلم المغربي في الملعب. نبه عميد الوداد آنذاك قاسم القاسمي حكم المباراة لغياب العلم، وبعد دقائق تم إحضاره ورفعه في الملعب جنبا إلى جنب مع العلم الجزائري والفرنسي. كانت تلك أول مرة يرفرف فيها علم الجزائر في ملعب لكرة القدم إبان الاستعمار الفرنسي.
سلطات الجزائر تمنع رفع علم المغرب بملعب “5 جويلية” في مباراة الوداد وشبيبة القبائل
بعد حصول الجزائر على الاستقلال واجه المنتخب المغربي نظيره الجزائري، في العديد من المنافسات القارية والعربية، وكادت مباراة بين المنتخبين أن تتوقف في 10 دجنبر 1970، حين تعرض لاعب المنتخب المغربي محمد الفيلالي للاعتداء في ملعب العناصر بالجزائر، بعد طرده من مباراة برسم تصفيات كأس أمم إفريقيا، بدعوى حمل قميص المغرب رغم ولادته في الجزائر.
وشهدت مباراة مولودية وهران والرجاء البيضاوي سنة 1989 أحداث عنف من طرف الجمهور الوهراني، وتعرض مدرب الرجاء رابح سعدان للاعتداءات لكونه جزائريا، وفوز الفريق المغربي بكأس إفريقيا عمت وهران موجة عنف غير مسبوقة.
حتى خارج المغرب، يسود الاحتقان المواجهات المغربية الجزائرية، إذ شهدت مدينة صفاقس التونسية أحداث عنف تسببت فيها الجماهير الجزائرية، إثر خسارة منتخبها أمام المغرب بثلاثية، في نهائيات كأس أمم إفريقيا .2004
إعتداء على لاعبين الرجاء والإعلام المغربي بالجزائر في مباراة وفاق السطيف والرجاء الرياضي
مع وصول عبد المجيد تبون وذراعه العسكري شقرنيحة إلى سدة الحكم، ارتفع مؤشر الصراع، خاصة حين يتعلق الأمر بمباريات في الجزائر. لاسيما بعد إغلاق المجال الجوي في وجه الطائرات المغربية، وشهدت ملاعب الجزائر أحداث عنف في العديد من المباريات التي يكون فيها المغرب طرفا، بل سجلت اعتقالات في صفوف العديد من المشجعين المغاربة الذي قضوا سنوات في سجون الجزائر.
مطارات الجزائر من بوابة عبور إلى بؤرة استفزاز
تحول مطارات الجزائر إلى بوابة للاستفزاز، ففي هذا المعبر الحدودي تجد السلطات الجزائرية عشرات المبررات لتعطيل البعثات المغربية واحتجازها. فقد فوجئ الوفد الإعلامي المغربي المرافق للبعثة الوطنية المشاركة في الدورة الـ 19 من منافسات ألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022 بمنعه من مغادرة مطار وهران "أحمد بن بلة"، لأسباب مجهولة.
وفي نفس السنة تعرض لاعبو المنتخب الوطني المغربي لأقل من 17 سنة، لاعتداء شنيع من قبل لاعبي المنتخب الجزائري، بعد نهاية المباراة التي جمعت بينهما، في نهائي كأس العرب للناشئين، على أرضية ملعب ولاية معسكر.
واضطر المنتخب المحلي المغربي للاعتذار عن المشاركة في بطولة إفريقيا للمحليين في يناير 2023، لعدم الترخيص لرحلته انطلاقا من مطار الرباط سلا في اتجاه مطار قسنطينة بواسطة طائرة خاصة، ناهيك عن الخطاب التحريضي ضد المغرب ووحدته الوطنية في حفل الافتتاح من طرف حفيد مانديلا.
أغلب الفرق والمنتخبات عانت من الاستفزاز الجزائري الذي تمارس السلطات الجزائرية، وتتجلى مظاهره في إغفال رفع العلم المغربي أو التشويش عن النشيد الوطني، وكان احتجاز القمصان الرياضية لفريق نهضة بركان بدعوى حملها خريطة المملكة المغربية، حلقة أخرى في مسلسل الاستفزاز، ما أدى إلى عدم إجراء المباراة في سابقة هي الأولى في تاريخ التنافس الكروي.