إن السياق العام لمصادرة أقمصة نادي نهضة بركان وتجاوزات واعتداءات الأمن الجزائري واحتجاز اللاعبين داخل المطار، وإقحام الوحدة الترابية لدول الجوار في الرياضة، يتمثل في كون الغاية هي التشويش ومحاولة صرف النظر عن حدثين تاريخيين مهمين، تزامنا مع تاريخ المقابلة، أحدهما سياسي وهو الإعلان عن قيام دولة جمهورية القبايل بنيويورك من طرف رئيس جمهورية القبايل فخامة الرئيس فرحات مهني، والثاني حدث رياضي يتمثل في نهاية كأس إفريقيا للأمم في رياضة كرة القدم داخل القاعة التي حضرها أكبر مدبري شأن كرة القدم على المستوى الدولي والقاري والمحلي، وهي النهاية التي كانت نتيجتها معروفة ومحسومة سلفا بالنظر إلى المستوى العالي للفريق الوطني.
أما على المستوى القانوني البحث، وكما جاء في بيان "نادي المحامين بالمغرب"، فقد كان موقف السلطات الجزائرية مجانبا للصواب بل وقمة في التعسف والمغالات لأن لوائح الفيفا لا ترى أي مانع في استخدام عناصر تزيينية تمثل الخارطة والعلم الوطني من خلال المادة 10.4 من لوائحها المطبقة على جميع الملابس والمعدات، والتي تتيح وتبيح الإمكانية لهذا العنصر التزييني أن يضم معالم تحدد هوية الفريق، وأن يتضمن عناصر من خارطة البلد أو العلم الوطني أي أنه لا وجود لأية قيود قانونية على حجم أو موضع هذه العناصر التزيينية سواء على القميص أو أي ملابس أخرى أو المعدات.
ومن جهة أخرى فقد سبق وأن صادقت الكاف على تصميم قميص نادي نهضة بركان تماشيا مع مقتضات المادة 6 من لوائح كأس الكونفدرالية الأفريقية، التي تستوجب أن تكون أقمصة الفرق المشاركة قد حصلت على الموافقة القبلية، وقميص نادي نهضة بركان تمت المصادقة عليه وقبوله بشكل صحيح وصريح من قبل لجنة تنظيم الكاف، واعتمده النادي في خوض مجموعة من مبارياته لمدة طويلة دون أدنى إشكال أو تحفظ من أي كان.
كما أنه لا يمكن تنزيل خريطة المغرب منزلة الإعلان التجاري لأن الإعلان، هو طريقة ترويج مدفوعة الأجر لشركة أو منتوج، يختلف عن خرائط الدول، فلوائح الكاف تميز بوضوح بين الإعلان التجاري والرموز الوطنية، من خلال الفقرات 6، 7، 8 من المادة السادسة من لوائح كأس الكونفدرالية الأفريقية.
فخارئط الدول لا تعد شعارًا سياسيًا لذلك فإدراج العلم المغربي على أقمصة نادي نهضة بركان لا يعكس أي شعار سياسي، وبالتالي تكون ادعاءات ومزاعم سلطات الدولة المعنية غير صحيحة لأن قوانين الفيفا والكاف تحددان أن هذه الهيئات الرياضية هي التي تعود لها حصريا، سلطة تنظيم المعدات الرياضية، وليس البلد المضيف.
من جهة أخرى لم نسمع ولم نقرأ أي تبرير قانوني من قبل جمارك الدولة المعنية حتى الآن، ولم يصدر عنها أي بيان رسمي يشرح المبررات والأسس القانونية التي تم الاستناد إليها لمصادرة أقمصة نادي نهضة بركان، مما يثير تساؤلات حول قانونية هذا الإجراء، بل ويعكس بجلاء طابعه التعسفي.
وبالتالي يكون سلوك سلطات الدولة المعنية ماهو إلا شكل من أشكال، ومظهر من مظاهر، التمييز وانتهاك قواعد اللعب النظيف، فتصرفاتها هي في الحقيقة تمييز جغرافي ضد اللاعبين المغاربة، وهو الأمر الذي يتعارض مع مبادئ الفيفا التي تنص على ضرورة عدم التمييز وبالتالي تخرق قواعد اللعب النظيف، وتسعى إلى التشويش على استعدادات الفريق الضيف بشكل غير لائق وغير مقبول ومقزز قبل مباراة حاسمة.
لا شك إذن أن ما صدر عن السلطات الجزائرية من تجاوزات وتعسفات لا تمت إلى الرياضة بصلة هي استمرار للممارسات الاستفزازية المتواترة التي نشهدها بمناسبة كل لقاء لنادٍ أو منتخبٍ مغربي فوق التراب الجزائري والتي حتما مست وتمس بسمعة هذا البلد أكثر مما تمس بمصالح الأندية المغربية وتكشف للعالم حقيقة سياسية باتت واضحة، لمن كان يحتاج إلى توضيح، وهي أن الجزائر هي طرف أصلي ووحيد في قضية الصحراء المغربية، وهي التي طالما صدعت رؤوسنا بكونها غير معنية وطرف محايد، والحال أنها ممعنة بشكل يائس في الإضرار بالوحدة الترابية للمملكة الشريفة مع ما يكلفها ذلك من مجهودات وأموال.
لا شك أن إمعان السلطات الجزائرية في تصريف حقدها الدفين على كل ماهو مغربي قد كلفها الشيء الكثير، لكن ولله الحمد، في كل مرة ينقلب السحر على الساحر، ألم يقل المولى عز وجل أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله، ألم تفشل الجزائر في كل محاولاتها السابقة!؟، ألم يزدد المغرب، يوما بعد يوم إلا قوة وصلابة في مواقفه!؟، لذلك نقول لهم من هذا المنبر ما قال أحد الشعراء:
يا ناطح الجبل الأشم بقرنه..
رفقا بقرنك لا رفقا بالجبل.
عبد اللطيف أيت بوجبير/نائب رئيس نادي المحامين بالمغرب