الصورة الأولى تظهر مواطنون بمدينة تارودانت يؤدون صلاة عيد الفطر؛ والصورة الثانية تظهر مواطنون يحضرون سهرة موسيقية من مهرجان تيميتار بمدينة أگادير...
لا يمكن الحكم بالجزم على الصورتين، بكون المجتمع محافظ أو متدين أو كونه حداثي غير متدين أو غير مؤمن، لأنه جزء كبير من المواطنين إن لم نقل جلهم؛ سنجدهم قد حضروا في ساحة المهرجان وفي ساحة المصلى، بدون عقد وبدون مشاكل، الذين لم يستوعبوا تاريخ المغرب وطبيعة المجتمع المغربي وتحولاته هم الذين يتسرعون في إطلاق أحكام متسرعة...
فالأمر لا يتعلق هنا لا بالإيمان ولا بالاعتقاد ولا الايديولوجيا ولا الدين، بل بشيء أعم هو الثقافة... فالدين نفسه يعني الإسلام أصبح ثقافة، يعني شأن ثقافي، فالإنسان المغربي كائن ثقافي يعشق الرموز والطقوس، قد لا يصلي صلوات الخمس، لكنه يحب صوم رمضان، يشرب الخمر طوال السنة ولكنه يرفض شربه في شعبان احتراما لرمضان، الإنسان المغربي لا يذهب إلى المسجد إلا في ليلة القدر فقط، كما يعشق كثيرا الذهاب ليلة العيد لشراء ملابس جديدة جلباب وقميص ابيض لارتدائه صبيحة العيد أثناء ذهابه إلى المصلى، ليس لأنه مؤمن يسهر على أداء الفريضة وإنما هو حريص على التقاط صورة بهندام العيد قصد نشرها على منصات التواصل الاجتماعي فورا حتى قبل إتمام الإمام الصلاة... والدليل على هذا، فجميع مساجد البلاد عادت إلى حالتها العادية، قبل رمضان، بالرغم من أن الحكومة مددت عطلة العيد، فيوم أمس، لاحظنا أن المقاهي مكتضة بالناس لحظة آذان صلاة العشاء ولم نلاحظ تهافتهم على المساجد؛ لذلك؛ فالمجتمع حر في ممارساته الثقافية، والدولة يجب أن تسهر وتضمن له الحرية كاملة في ذلك... والاسلام الامازيغي هو النموذج الأساسي لهذا التعايش المتين بين الدين والثقافة... لأنه الخيار السليم للعيش الحكيم...