يفرض استمرار التداول النقدي للمغاربة بـ"الكاش"، عوض التعامل المالي الرقمي الإلكتروني، تحديات كبرى على الاقتصاد الوطني، المسألة التي جعلت عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، يدق ناقوس الخطر، ويدعو الجهات المعنية بالبحث عن أسباب تفضيل المغاربة الأداء نقدا.
جريدة "أنفاس بريس" فتحت النقاش حول هذا الموضوع، مع خبراء في الاقتصاد، ومحللين في المجال النقدي لمقاربة الأسباب، والحلول.
رأي عمر الكتاني، الخبير الاقتصادي، ورئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي:
" يعود تفضيل معظم المغاربة إلى تعاملاتهم المالية، أوالأداء نقدا "الكاش"، عوض التعامل المالي الرقمي، أو الإلكتروني، إلى التهرب من التصريح في حساباتهم بجزء من مداخلهم لأسباب ضريبية، تتثقل كاهل المواطنين، خصوصا الضريبة على القيمة المضافة التي تحولت إلى عنصر كبير في مستنقع التضخم، والضريبة على الدخل، التي أعطت للحكومة إمكانية الاطلاع المباشر على حساب المواطنين دون استئذان، و إمكانية الحجز على هذه الحسابات لتحصيل الضريبة، و هذا ظاهريا منطقي، و عمليا في غاية السلبية.
صحيح أن هناك سيولة نقدية أحيانا غير مصرح بها، و لكنها في الغالب متواجدة في مناطق تتوفر فيها سيولة بنكية عالية، و من شأن هذه الحملة للتصريح بهذه السيولة الخفية سحب مزيد من السيولة من الأبناك، و بالتالي إعطاء نتيجة عكسية تماما على المستوى المالي.
فالدولة حين تعمل على تفتيش الحسابات الخاصة للمواطنين في الأبناك، فهي تبني بذلك حاجزا من انعدام الثقة، وكلما كبرت نسبة انعدام الثقة بين المواطن والدولة، سترتفع نسبة التهرب من التعامل البنكي، و تكثر اليولة خارج النظام البنكي وأن الكل يعرف بأن الأبناك قد تمنح كل المعلومات عن زبنائها للدولة، وهي عملية خلقت انفصاما، ومزيدا من اللاثقة، في الوقت الذي يعيش فيه المغرب ـأزمة حقيقية، ويحتاج إلى السيولة، وبالتالي كان على السياسة المالية أن تتجه نحو التخفيف من الرقابة الأمنية، التي نعتبرها ضرورية، لكن ليس بالشكل الذي تباشره حاليا، وهناك احتمال بأن يتم معاقبة المخالفين في التصاريح السنة المقبلة بغرامة تصل إلى 30 في المائة من المال غير المصرح به، الأمر الذي يجعل المواطنين يشعرون بأن علاقتهم بالدولة، علاقة ردع، وعقوبات فقط، وليست مبنية على المواطنة.
وبالتالي فالسياسة المالية للدولة سبب رئيسي في تراجع المواطنين عن وضع أموالهم في الأبناك، والتعامل بالكاش، والحال أنه كان على الدولة محاربة اقتصاد الريع، والربح غير المشروع، ومتابعة غير المصرحين والذين هم تقريبا معروفين، وهي المطالب الذي طالما دعونا إلى تفعيلها، إلا أنها نهجت سياسة التعميم.,
وبالتالي الدولة تريد شن حملة مالية على المواطنين، في حين كان عليها تحفيزه للأفضل، وتحبيبه في وطنه، ومواطنته، ولم لا فرض مشاريع خيرية لكل من لم يصرح بمداخيله المالية، خدمة لأبناء منطقتهم، وبلدهم عموما."