البراق شادي عبد السلام: المغرب و"بيكاسوس" نهاية المؤامرة وسقوط الأقنعة

البراق شادي عبد السلام: المغرب و"بيكاسوس" نهاية المؤامرة وسقوط الأقنعة البراق شادي عبد السلام
التقرير الأخير لوحدة مكافحة التجسس الإسبانية التابعة للمركز الوطني للإستخبارات الإسبانية ( NSI) و الذي إعتمده مجلس الأمن القومي الإسباني في آخر إجتماع له، حيث تم تأكيد حقيقة أن المغرب لا يمارس أي أعمال عدائية داخل التراب الإسباني هو في نفس الوقت تأكيد لكل من في قلبه مرض على الموقف الثابت والمسؤول للمملكة المغربية إزاء هذه الإتهامات المغرضة التي روجتها جهات ودوائر معادية في الخارج بإسناد ودعم من طرف عناصر مشبوهة في داخل أرض الوطن خدمة لأجندات خارجية لا زالت تحن إلى ماضيها الإستعماري من خلال محاولات يائسة لدق إسفين في العلاقات المغربية - الإسبانية و وقف المسار التصاعدي والمتميز  لهذه العلاقات بشكل خاص بعد تجاوز المنحدر  "الخطير" الذي أتخذته بعد "أزمة بنبطوش" الشهيرة.
 
هذا التقرير هو هو الرد الأوروبي المناسب لسياسة عدائية مستمرة أصبحت تشكل مشروع عقيدة ديبلوماسية دائمة تنتهجها أطراف فاعلة في المجموعة الأوروبية مختبئة وراء ستار المنظومة التشريعية الأوروبية لإتخاذ قرارات ومواقف ودبج تقارير معادية  بهدف الضغط وتحجيم الدور الإقليمي والدولي المتصاعد للمملكة المغربية الشريفة، فما يحققه المغرب من إنجازات تنموية في ظل الإستقرار وسط مناخ إقليمي وعالمي مضطرب يجعله مستهدفا بشكل دائم من طرف الدوائر الإستعمارية الجديدة بغية تركيعه وفرض إملاءات إستعمارية تخدم مصالحها الضيقة بإستخدام شماعة حقوق الإنسان وقضايا حرية التعبير والهجرة ومقاربة النوع و حقوق الأقليات و إتهامات لا أساس لها بالتجسس ومحاولة إختراق منظومات سياسية إستنادا على  مزاعم غير حقيقية ومعلومات مغلوطة وغير موثقة مصدرها منظمات خارجية فاقدة لكل مصداقية و تقارير شركات حقوقية عابرة للقارات تخدم مصالح محاور عالمية و كذا مقاولات حقوقية محلية تخدم أجندات محلية.
 
إتهامات التجسس التي روجتها جهات معادية للمغرب كانت جزءا من مخطط كبير و مؤامرة كبرى تستهدف الشراكة الإستراتيجية المغربية - الأوروبية و الدفع لمواجهة جيوسياسية مغربية - أوروبية بأبعاد متعددة و إختلاق أزمة سياسية توقف المسار المتميز للشراكة الاستراتيجية القوية بين المغرب والاتحاد الأوروبي  المطبوعة بالندية والموثوقية والمصالح المتبادلة والقيم المشتركة، لذلك فرغم محاولات  التشويش إستمرت العلاقات الديبلوماسية بين الرباط وبروكسيل مرتكزة على بعدها التاريخي المتفرد وحجم وأهمية الملفات المشتركة الموضوع فوق طاولة صناع القرار السياسي سواء في الرباط العاصمة أو باقي العواصم الأوروبية، هي أزمة مفتعلة إستطاع العقل الإستراتيجي المغربي إدارتها بإقتدار كبير مرتكزا على الثبات الإنفعالي والهدوء الإستراتيجي وإدراكه الكبير على إلتزامه الدائم بالثوابت المؤسسة لعقيدته الديبلوماسية كالوضوح والشفافية والمسؤولية والتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والمساهمة الفعالة في الحفاظ على السلام والأمن العالمي والإقليمي .
 
هذا التقرير هو نهاية لأوهام مروجي الفكر التيئيسي و العدمي  ولحظة سقوط الأقنعة عن بعض الوجوه المكفهرة المغلفة بالنضال و الوطنية لمناضلي اليوتوب و تجار الأزمات وطريطورات الإحتجاج الذي إرتضوا أن يكونو لعبة بئيسة في أيادي مخابرات دول معادية من أجل إستهداف صورة المغرب والإضرار بأمنه القومي والتأثير على المصالح العليا للشعب المغربي، حملة بيكاسوس كانت مؤامرة متكاملة الأركان بأبعاد متعددة و بأهداف محددة من خلال إستهداف أحد أهم عوامل قوة المملكة المغربية إقليميا ودوليا والمتمثلة في النموذج الأمني المتفرد بأسلوبه المهني و حرفيته العالية ومشاركته الفاعلة في الحفاظ على ميكانيزمات الأمن البشري في منطقة جغرافية تعج بالمخاطر المهددة للأمن الإقليمي والدولي سواء مكافحة التنظيمات الإرهابية أو الميليشيات الإنفصالية و التهديدات المرتبطة بالتنظيمات الإجرامية العابرة للقارات والهجرة والتهريب .
 
إستهداف النموذج الأمني للمملكة المغربية ظل هدفا مستداما أمام بعض الدوائر الدولية عن طريق ترويج الأكاذيب والترهات ونشر الأخبار الزائفة وتسخير مرتزقة اليوتوب وتمويل الحملات الإعلامية المغرضة والعمل على رسم صورة مغايرة لأسلوب عمل  الأجهزة السيادية و الأمنية و المصالح الخارجية المغربية بالسعي لمحاصرتها ميدانيا و تضييق المساحات والساحات الجيوسياسية لإشتغالها، حيث لا يخفى على متتبع بأن الأجهزة السيادية المغربية التي لطالما مارست مهامها الوطنية بكل مهنية وإلتزام أخلاقي وساهمت  بشكل جدي ولا زالت تساهم في بناء منظومة أمنية إقليمية متكاتفة ومتضامنة وبإنخراطها الدائم في كل المبادرات الوطنية والفوق وطنية المساهمة في تحييد جميع أشكال المخاطر العابرة للحدود والأنظمة التي تهدد الإستقرار الإقليمي والأمن الدولي  بمختلف أبعاده .
 
المملكة المغربية الشريفة تتعرض منذ عقود لتحرشات ومزايدات ومؤامرات تستهدف أساسا وحدتها الترابية والوحدة الوطنية الجامعة سواء بتسخين جبهات إجتماعية بتواطئ مع تجار الأزمات ومروجي الخطاب التيئيسي والعدمي وبقايا إيديولوجيات يسارية بائدة أو مريدي فكر خرافي غير واقعي و متلاشيات عشرين فبراير أو بإستخدام الطابور الخامس من الجواسيس والعملاء والمسترزقين  ومن والاهم في داخل الوطن وخارجه لخلق أزمات خارجية وإنهاك المغرب ديبلوماسيا بهدف الإجهاز على مشروعه الوطني التحرري السيادي والتدخل في شؤونه الداخلية والمس بإستقلالية قراه السيادي.
 
بالعودة ل "مؤامرة بيكاسوس" وفي محاولة لتفكيك شيفراتها وخطورة إمتداداها  الداخلية والخارجية نجد أن المملكة المغربية الشريفة طوال تاريخها الممتد عبر قرون مجيدة واجه و سيواجه عدوا خارجيا متعدد الأوجه بهدف وحيد وأساليب وأدوات مختلفة حاول بشكل دائم  تقزيم طموحات الشعب المغرب وعرقلة مساره التاريخي المتميز تحت قيادة الدولة العلوية المجيدة، الفكر الإستعماري وإن غير أسلوب إشتغاله من قنبلة الموانئ والحصار والمؤامرات الكولونيالية  مرورا بالإستعمار المباشر بالإستغلال البشع لمقدرات الوطن طوال عقود، اليوم يعود إلى إستخدام أسوء الأساليب في زمن الرداءة بإستخدام أدوات بشرية من مرتزقة اليوتوب و بؤساء الأدسنس ومعارضي المناسبات وتجار الأزمات وخونة الداخل من مرتزقة البوليساريو لإستهداف مؤسسات الوطن وأمنه وإستقراره خدمة لأجندات خارجية وإقليمية مفضوحة .
 
منذ بداية المؤامرة، المملكة المغربية كانت واضحة في مواقفها  حيث إلتجئت الدوائر المعادية إلى أسلوبها الرخيص بتمويل حملات التضليل ونشر الأخبار الزائفة والتضخيم الإعلامي المبالغ فيه لإستهداف مؤسسات الدولة ومصداقية عقيدتها الديبلوماسية بسعي هذه الدوائر إلى بناء صورة ذهنية حول المغرب كنظام شمولي متآمر على محيطه الخارجي من خلال السعي للإضرار بمصالح دول الجوار بإستخدام البرمجيات الخبيثة للتنصت على الأصدقاء قبل الأعداء وهو الأمر الذي فندته الوقائع والأحداث اللاحقة بعدم تردد الدولة المغربية في الإلتجاء إلى القضاء في أكثر من عاصمة أوروبية ضد كل من تجرأ على التشهير بالمغرب أو الإضرار بمصالحه من منطلق ثقة المغرب الكاملة في نزاهة مواقفه ولإدراكه العميق لخطورة التداعيات الممكنة لهذه الأكاذيب على مستقبل علاقاته الخارجية مع شركاؤه الموثوقين.
 
لايمكن فصل مؤامرة "بيكاسوس" عن النجاحات الإقليمية والدولية التي حققتها الديبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة و تمكنها في إدارة العديد من الملفات الأمنية الإقليمية بدعم وتأمين من طرف الأجهزة السيادية والمصالح الخارجية المغربية و اليوم بعد توضح جزء من خارطة الطريق المغربية سواء من خلال المبادرة الملكية بالإنفتاح أكثر على الفضاءات الأطلسية المتعددة الأبعاد التنموية أو بتعميق علاقاته الإستراتيجية مع جواره الإقليمي من خلال شراكات إستراتيجية فاعلة كالإحتضان المشترك للعرس العالمي لكرة القادم 2030 مع مدريد و لشبونة و مشروع الربط القاري بين المملكتين العريقتين في مضيق جبل طارق وأنبوب الغاز الإفريقي - الأطلسي و مشروع الربط الكهربائي المغربي - الاوروبي وغيرها من المشاريع المهيكلة العابرة للقارات .
 
فإن النجاحات التنموية الإقليمية للمملكة المغربية كانت رسالة صريحة إلى المنتظم الدولي بأن التسوية الأقليمية المرتكزة على ثلاث مبادئ هي الأمن والسلام والتنمية وفق الرؤية الملكية المستنيرة أفقدت الدوائر الإقليمية المعادية ثباتها و قدرتها على تقدير موقف متناسب مع التطورات الإيجابية المتلاحقة التي يحققها المغرب في إدارة العديد من الملفات الإقليمية بكثير من الذكاء والهدوء الإستراتيجي حيث ظلت خطوات الفاعل المؤسساتي المغربي طوال سنوات تحكمها بروتوكولات صارمة تعتمد على التشبث بالشرعية الدولية و دعم جهود السلام العالمي والإقليمي وديبلوماسية تصفير المشاكل وفتح الحوار المسؤول والصريح والمواجهة الحازمة  بكل شرف وأمانة في إطار القانون الدولي الإنساني والأعراف الدولية ضد كل من تجرأ على معاداة المغرب أو القيام بأعمال عدائية تستهدف الأمن القومي للمملكة.
 
هذا التقرير يأتي في زمن إنتخابي "أوروبيا" على بعد أشهر قليلة من إنتخابات البرلمان الأوروبي المزمع عقدها في الفترة من 6 إلى 9 يونيو 2024 ومن المتوقع أن تكون هذه الإستحقاقات واحدة من أكثر الإنتخابات إثارة للجدل في تاريخ البرلمان الأوروبي، يعود ذلك إلى صعود حظوظ الأحزاب اليمينية المتطرفة في إستطلاعات الرأي و تقارير أغلب مراكز البحث والتفكير الإستراتيجي؛ من جانب آخر فهذا التقرير ينهي عمليا الجدل العقيم داخل أروقة البرلمان الأوروبي التي تحاول بعض الاطراف الأقليمية تحويله إلى محكمة أوروبية مفتوحة لإدانة المغرب والتأثير عليه لإبتزاز مواقفه الثابتة ومبادئه الراسخة في معالجة العديد من القضايا المشتركة بين الإتحاد الاوروبي والمغرب كملف الهجرة والتبادل التجاري وإتفاقيات الصيد البحري والفلاحة وملف حقوق الإنسان وغيرها من الملفات المشتركة، كما أن هذا التقرير بالنظر إلى الموثوقية التي تتميز بها الجهة التي أصدرته فإنه سيشكل بلا شك أحد العوامل المساعدة للكتل الاوروبية والأحزاب الصديقة للمغرب في الإتحاد الأوروبي من أجل تعزيز شراكتها مع الرباط و فتح آفاق جديدة للتعاون في جميع المجالات ومن المنتظر صدور تقارير مماثلة لأكثر من جهة في الإتحاد الأوروبي  تؤكد على ما ورد في التقرير الإسباني حيث سيشكل هذا التقرير دافعا اخلاقيا أمام العديد من الاطراف في الإتحاد الأوروبي التي صدقت الأخبار الكاذبة والروايات المضللة من أجل توجيه أصابع الإتهام بغير دليل إلى المملكة المغربية.
 
منذ سنوات عايشنا معارك ديبلوماسية وسياسية كبرى خاضها المغرب بكل جرأة و قوة متسلحا بثباث موقفه وصدق حجيته وإلتزامه الكامل بمبادئ القانون الدولي الإنساني ومقررات الأمم المتحدة وإلتفاف شعبي وجماهيري مستدام حول الرؤية الملكية السديدة التي يستمد منها الفاعل الديبلوماسي إستراتيجية الفعل ورد الفعل المناسب في الزمان والمكان المناسب والحمد لله كل هذه المعارك تنتهي بإنتصار الشرعية التي تمثلها قيم ومبادئ المملكة المغربية الشريفة.
 
ولا غالب إلا الله .