بمناسبة اليوم الوطني للإعاقة الذي يحتفل به المغرب كل سنة و الذي يصادف 30 مارس صدر عن مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم كتاب موسوم ب:
"من التربية الدامجة إلى المجتمع الدامج : أي مسارات ممكنة ؟ "
وهو سؤال للسياسات العمومية في بلدنا عن وضعيات اغلب الاشخاص ذوي الإعاقة، إذ لم تسعفهم المقتضيات الدستورية والقانونية من ضمان الحقوق كاملةً، وهو الامر الذي رصدته تقارير وطنية ودولية في تناقض مع منطوق دستور المملكة، والذي يؤكد في المادة 34 منه على السلطات العمومية ان تقوم ب : ( وضع وتفعيل سياسات موجهة الى الأشخاص والفئات من ذوي الإحتياجات الخاصة.. ولهذا الغرض تسهر هذه السلطات خصوصا على ما يلي: معالجة الاوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات والأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها. واعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من اعاقة جسدية أو حسية حركية أو عقلية وإدماجهم في الحياة الإجتماعية والمدنية وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع )، ومضمون و مقتضيات الخطب الملكية، نذكر منها ما جاء في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش في 30 يوليوز 2002 اذ قال جلالته:
«ونجدد التأكيد في هذا الشأن على الأهمية الخاصة التي نوليها للأشخاص المعاقين باعتماد برامج مندمجة تؤهلهم للإنخراط التام في الحياة العامة من خلال تكوين ملائم يوفرلهم اسباب العيش الكريم» .
وانطلاقا من هذا التطور والمسارات ايجابا وسلبا حاولت القطاعات الحكومية ملاءمة مجالات تدخلها وبرامجها، للإنتقال من منطق خيري صرف إلى منطق الحقوق والحريات في المجالات السياسية والإجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية بغية تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الإستفادة الكاملة من خدمات التربية والتكوين والصحة والإدماج المهني والمجالات الترابية.
ومما لا شك ان كل مسؤولي المؤسسات الدستورية من مجالس وحكومة ومنتخبين وفاعلين مدنيين وسياسيين راضون عن المستويات التشريعية التي بلغتها المملكة والمستوى الرفيع لنصوص الدستور والقوانين والمراسيم وغيرها، وفي المقابل اغلبهم غير راض عن مستوى تحقيق تلك المشاريع القائمة على هاته النصوص!؟ مما يجعلنا نسال عن السبب في الهوة الموجودة بين التشريع والتنفيذ؟ و ما الذي يتسبب في كون اغلب المشاريع لا تبلغ مداها ولا اهدافها المسطرة على الورق.
صحيح ان الترسانة القانونية والتنظيمية الخاصة بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة غير مكتملة، بسبب عدم صدور المراسيم التطبيقية أساسا وعدم شموليتها، وما يقال عن الجوانب التشريعية يقال عن الموارد البشرية المنفذة للمشاريع سواء ارتبط الامر بالقطاعات الحكومية ام بالمجتمع المدني، الأمر الذي يمكن اختصاره في انعدام الإختصاص عند اغلب هؤلاء مع تسجيل كثرة القطاعات والتنظيمات المدنية المتدخلة في المجال وغياب رؤية استراتيجية شاملة وشمولية وموحدة للمجال ،مما يؤدي الى عدم بلوغ كل الاهداف المرجوة من هاته المشاريع.
وتضمن الكتاب المجهودات التي تبذلها المملكة المغربية منذ سنوات تجاه هاته الفئة من المواطنات والمواطنين من خلال مبادرات ومشاريع المؤسسات الدستورية المختصة والقطاعات الحكومية المعنية وجمعيات المجتمع المدني..
يذكر أن الكتاب نتاج ندوة دولية نظمتها مؤسسة فكر للتنمية الثقافة و العلوم بدعم من قطاع الثقافة و جمعية جهات المغرب و مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الإجتماعية للتربية و التكوين،ومشاركة محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة و العلوم ويوسف البقالي وئيس مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الإجتماعية للتربية والتكوين وعواطف حيار وزيرة التضامن والإدماج الإجتماعي والاسرة وعبد اللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومحمد يحياوي عن وزارة الداخلية (مديرية الجماعات المحلية) ورقية الشفقي عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وفؤاد شفيقي عن وزارة التربية الوطنية والأساتذة والخبراء مولاي إسماعيل العلوي والخبراء محمد منصوري من تونس وعبد الباسط عزب من مصر ورشيد الكنوني ونادية بيروك وصباح بنزرهوني ولحسن وزين وعبد المجيد صديقي ونوح رابي وعثمان أحمياني ورضوان نحال وعزيز دمير ونبيلة الوافي وأحمد وارغي وعبد الكريم آيت القائد وعبد الرزاق حاجيوي وقاسم لعويمري وادريس بلعابد وخلود السباعي ومحمد التاقي وبشرى مومن ومحمد ألويز وهشام العباس وحنان الزعفراني ومحمد الشتاوي ومصطفى لكزيري وهشام الدمناتي وجمال الوافا ومحمد بلعمرية.
كما أن الكتاب يضم مشاركات من الجمهورية المصرية الجمهورية التونسية وأساتذة و باحثين من جامعات محمد الخامس و الحسن الثاني والقاضي عياض ومحمد الاول ومولاي إسماعيل وسيدي محمد بن عبدالله ومن قطاع التربية الوطنية ورئاسة الحكومة.
والكتاب من تنسيق الأستاذ محمد الدرويش، وهو من الحجم المتوسط من 398 صفحة صادر عن منشورات فكر.