فاجأ أحد الحكماء بعض الشباب من الأهالي في الأعالي وهم يتحدثون عن تفاهة برامج بعض القنوات التلفزيونية، وينددون بمحتواها، معاتبا إياهم تسرعهم في إصدار أحكام قيمة على هذه القنوات، موضحا لهم أن تحليلهم قد يكون جانب الصواب.
ولإقناعهم بما يقول، دعاهم على الفور لزيارة مقر إقامته؛ ليتأكدوا فعلا أن محتوى بعض هذه القنوات وبعض النوافذ الافتراضية الأخرى يقدم خدمة للمجتمع.
عندما حلوا بعين المكان استقبلهم هذا الحكيم بحفاوة، ورحب بهم حول مائدة جادت بما لذ وطاب من الطعام، في جو معطر بمعنى الفوائد ومغزى الحكم، قبل أن يتطرق لموضوع الزيارة.
بعد ذلك دعاهم إلى مأوى اغنامه وهي تشاهد أحد البرامج على شاشة كبيرة مثبتة على الحائط المحاذي للسياج الذي يحمي المزرعة، حيث كان المنظر رائعا في ذلك المساء.
شاهد الشباب كيف تتابع البقر وباقي الأغنام هذه البرامج وهي تجتر (تعيد الأعشاب إلى الفم لمزيد من المضغ لإتمام عملية الهضم) بجانب الكلاب المكلفة بالحراسة، ليتأكد هؤلاء الشباب أن تلك البرامج موجهة ومفيدة فعلا للحيوانات وليس للإنسان، لينصرفوا إلى حال سبيلهم مقتنعين وحال لسانهم يقول: "لقد صدق الحكيم".
كان المشهد يقول إن القنوات حرة في برامجها حسب دفاتر تحملاتها لتقدم على شاشاتها ما تشاء وقت ما تشاء، لكن على العاقل أن يختار توجيه ذلك حسب ما يشاء، كما ينتقي السلع في الأسواق، يتخيّر ويصطفي ما هو مفيد للإنسان وما هو صالح للحيوان.
بلقاسم أمنزو