إدريس المغلشي: مسيرة طنطنة

إدريس المغلشي: مسيرة طنطنة إدريس المغلشي
الطنطنة أسقطت كل العناوين ومعها قيمة المضامين إذا لم تحمل رسالة وقضية انسانية. كثيرة هي الأحداث التي تسارعت بشكل خاطف لم نعد نقوى معها على التمييز. في خضم عالم مليء بالضعف والهوان والخذلان والنفاق. ما أصعب اليوم الذي أصبحت فيه كل القوانين تنتهك وبأسامي وألقاب متعددة..!
ما هذا الصمت المريب الذي جثم على صدورنا ونحن نشاهد تلك الصور القاسية والمستفزة، وقد بلغ مستوى الإدانة مداه دون أن ننتفض مستنكرين بشاعتها.
ما هذا التواطؤ المفضوح إزاء تلك الجرائم المناهضة للاإنسانية، والتي تتنافى مع الأخلاق. ألم يصبح صمتنا واللامبالاة التي انتشرت فينا دون أن نلقي لها بالا وكأنها شيك على بياض أو رخصة مفتوحة للكيان الصهيوني من أجل أن يبيد شعبا أعزلا؟ كيف السبيل لإحياء جذوة الانتماء للقضية واستنكار كل هذه الافعال المشينة من أجل وقف النزيف؟
الطنطنة صوت جماهيري انبعث من شوارع البيضاء باعتبارها القلب النابض للتعبير عن الموقف الطبيعي للشعب المغربي، مساندا ومنحاز للقضية الفلسطينية بعدما عم التواطؤ وساد الصمت كل ثنايا البلدان العربية. صوت الملاعق والأواني بعدما خان الساحة صوت العقل والضمير، فتعالت نبرته في شوارع وأزقة الدار البيضاء ليقول: لا لتجويع غزة ...لا لتركيعها ...لا لإبادتها..!
الاحتجاج بآلات المطبخ على هامش المسيرة الأخيرة له دلالات عميقة ورسالة لمن يهمه الأمر. وهي إشارة واضحة ومنددة بتجويع أهل غزة، بعدما تكالبت عليهم أنظمة مطبعة لتركيعهم حد الخذلان. والسعي لإبادتهم في مخطط صهيوني، بعدما عجزت آلاتهم الحربية على تحقيق الهدف وعدم القدرة على مواجهة بطولية أبناء هذه الارض المقدسة والعزيزة. وإخفاقها في تحقيق أهداف استراتيجية ضربت في العمق الصورة المزيفة للشعب الذي لا يقهر .
لقد ظهر جليا أن كل التحالفات الظاهر منها والخفي غير قادرة على كسر كبرياء المقاومة والمس بالدفاع عن الأرض والعرض. لقد فشلت عسكريا وأخلاقيا أمام كل المسيرات المنددة عبر أصقاع العالم وأمام كل القوى الحية والحناجر المدوية والمنددة.
لم تعد قضية شعب أعزل لوحده بعدما تخلى عنه أقرب الناس إليه، بل قضية الإنسانية جمعاء التي ثارت ضد السلوك الهمجي الصهيوني الذي فتك بكل ما هو إنساني ولم تعد هناك قدرة على التتبع والمشاهدة لكل الصور الهمجية والمشينة التي تطعن في الأجهزة العسكرية التي أصبحت يقينا عصابات اجرامية لا يضبطها لا قانون ولا أخلاق .
الطنطنة بديل حضاري حر يسعى لإسماع صوته بعدما عم الصمت كل المنابر. وصرنا لا نقوى على الاحتجاج في زمن خانتنا فيه المواقف.