فيما يتعلق بمستوى الرقي بوضع المرأة في مجالي المساواة ومواجهة العنف والتمييز، هناك تقدم ملموس على مستوى الخطاب وأيضا في عمل المؤسسات الحكومية، لكن ذلك ليس له صدى مؤثر في المجتمع مما يحيلنا على إشكال تضخم الخطابات حول وضعية المرأة، بموازاة حقوقها داخل المجتمع.
فالملاحظ من خلال عدة حقول (الشغل، الصحة، الأمية، التعليم) أن جميع المؤشرات والإحصائيات تفضي إلى استنتاج واحد هو أن المرأة إلى جانب شريحة الشباب، تعيش وضعية تمييز سلبي، بيد أن جميع النصوص الدستورية والمؤسساتية تهدف إلى خلق وإبداع تمييز إيجابي لصالحها على الطريقة المغربية.
كما أنه في وقت تؤكد مختلف الدراسات، بما فيها تلك الصادرة عن المؤسسات الحكومية، ارتفاع نسبة العنف الجسدي والاقتصادي والنفسي والاجتماعي والثقافي الممارَس ضد المرأة المغربية، هناك كذلك عنف جديد يمارس على المرأة، ويتعلق بالعنف في العالم الافتراضي.
فالعنف الممارس ضد المرأة في العالم الافتراضي هو تكريس للعنف الممارس ضدها في العالم الواقعي، حيث يتم إسقاط المقولات المتداولة في العالم الواقعي على تفاعُلات العالَم الافتراضي؛ وفي المُحصّلة فإنَّ مكوّنات خطاب العُنف اللفظي ضدّ المرأة في العالم الافتراضي مُكتَسبة من الوسَط الاجتماعي كما تبرزه بعض التفاعلات حول بعض المبادرات النسائية (مثال مبادرة الصفارة).
فالخلفية الثقافية للعنف اللفظي ضدّ النساء في الفضاء الافتراضي المغربي ترتكز على عدة أسباب، منها لا للحصر، التطرّف القيمي المؤسس على منظومة اختزالية تختزل صورة المرأة في إطار نمطي معيّن، وتعميم هذا التصوّر كآلية لانتشار وإعادة انتشار خطاب الكراهية. أما وقود نشر هذه الكراهية إزاء المرأة فيتمّ باستعمال خطاب غرائزي وقدحي يتمّ باللغة العامّية (“كوفرا” “هيشة”…) مما ينتج عنه تراجع مقومات العيش المشترك، وتصلّب التمثلات الاجتماعية، إضافة إلى تجذر فوبيا المساواة بين الجنسين في المجتمع، وعدم استيعاب مسارات المواطَنة العادلة.
سعيد بنيس/ أستاذ علم الاجتماع