محمد عزيز الوكيلي: إلى من يفتخرون بعرض وثائق تُثبِت مغربية تندوف وما جاورها!!

محمد عزيز الوكيلي: إلى من يفتخرون بعرض وثائق تُثبِت مغربية تندوف وما جاورها!! محمد عزيز الوكيلي
هناك أمر لا يعيه كثيرون.. أو قد يتغافل عنه معظمُهم.. مِمَّن يعرضون بين الحين والآخر ما تقع عليه أيديهم من وثائقَ وصوَرٍ ونُسَخٍ وتسجيلاتٍ صوتيةٍ.. وما أكثرها.. تُثْبِت أنّ الصحراء الشرقية أو بالأحرى.. الصحراء الجزائرية الغربية المحتلة.. مغربيةٌ أباً عن جِدّ.. ويلوّحون بتلك الوثائق في وجه الذباب الإلكتروني الجزائري.. بل وفي وجهنا نحن المغاربة أيضاً.. معتقدين أنهم أصابوا بذلك صيداً ثميناً.. أو هدفاً عزيز المنال.. بينما هم لم يفعلوا سوى أنهم عرّفوا الماء بالماء... فكيف ذلك؟!.
 
إن الجزائر وماماها فرنسا.. التي لم تفطمها بعد.. والتي تواطأت مع العسكر الجزائري واشتركت معه في جرائم إنسانية كثيرة.. منذ أن خطف بو خروبة الثورةَ الجزائرية وقتل صُنّاعها الأوائل... هذه الجزائر وماماها.. تعرفان أكثر من غيرهما.. ومعهما إسبانيا الصديقة.. التي مازالت تبحث عن مَخرج مُشَرّف من قضية سبتة ومليلية والجزر.. بأنّ الصحراءَ الغربيةَ الجزائريةَ مغربيةٌ بكل وثائق التاريخ وأحداثه ووقائعه.. وأنها استُقطِعت من التراب المغربي يوم كانت الجزائر "مقاطعة فرنسية لما وراء البحار".. مثل تلك الموجودة بالمحيط الهندي والمتمتعة بحكم ذاتي أو ما شابَه... 

وهل جزائر اليوم إلا مقاطعة فرنسية مُكتسِبة لميزة شبيهة بالحكم الذاتي.. بمقتضى "استفتاء تقرير المصير" وليس الاستقلال بالمرة.. علما بأن ذلك الاستفتاء رفضت ساكنةُ الصحراء المغربية الشرقية المشاركةَ فيه لانتمائها في الذاكرة الجمعية إلى المملكة المفربية الشريفة.. سواء قَبِل العالمُ كلُّه بذلك أم أباه!!.
 
الواقع أيضاً.. أن الجزائر وماماها فرنسا تعترفان بالانتماء التاريخي والإثني لساكنة صحرائنا الشرقية إلينا أبا عن جد... ولكنهما تتحججان بمبدإ "الحدود الموروثة عن الاستعمار".. وهو المبدأ الوضيع الذي لا يتحجج به إلا فاقدو السيادة والكرامة والذمة.. لأن الاستعمار ما دام مرفوضاً في القوانين والأعراف الدولية.. فمِن بابِ أَوْلى أن تُعامَلَ مُخَلّفاتُه جميعُها بنفس الرفض والإقصاء... فما بال الجزائر تحديداً تتمسك بذلك المبدإ تمسُّك الغريق بالغريق.. رغم أن الضمير الإنساني العالمي بستنكف منه ويعتبره من مخلفات ماضٍ فائتٍ بلا أدنى رجعة؟!.
 
إنّ خير مَن يُجيبنا على هذا السؤال الحارق لَهُوَ الرئيس الجزائري نفسه.. المرحوم أحمد بنبلة.. الذي قال في أحد أحاديثه الصحافية المرئية بعظمة لسانه: إن الصحراء المغربية الشرقية "هدية قدّمتها لنا فرنسا.. وقد قبلناها لأن الهدايا لا تُرَدّ"... فيا لها من بجاحة.. وياله من فقدان متأصّل للضمير.. وللذمة.. لدى رئيس يُفترض.. يا حسرة.. أنه من صُنّاع ثورة "المليار شهيد" (!!!) قبل أن يختطفها عسكر بوخرّوبة.. لتظل بين أنيابهم وأضراسهم المنكسرة والمُسْوَدَّة إلى غاية يومه!!!.
 
المشكل إذَن.. لا يكمن في عدم علم الجزائر وماماها بالأدلة التي تثبت مغربية تيندوف وبَشّار ومحيطَيْهما الشاسعَيْن.. بل يكمن في إصرار هاتين الدولتين الاستعماريتين.. الأولى بالميراث من ماماها.. والثانية بالممارسة الاستعمارية الفعلية والملموسة.. على التمسك بمبادئ ومفاهيم استعمارية عفا عنها الزمن.. ولَفَظها الضميرُ الإنساني والعقلُ الجمْعِيُّ الدولي كما تُلفَظ أعقابُ السجائر والجِيَف النافقة!!!.
 
المشكلُ.. مرة أخرى.. ليس مُشكلَ علمٍ بالشيء ينبغي إثباتُه بالوثائق والمستندات التاريخية الرسمية والخصوصية.. بل هو مشكل سلوك استعماري قديم ودفين يرفض اصحابُه التخلّي عنه بعنجهية قياسية تستحق التمتع بموقعٍ طليعيٍّ في سِجِلّ "غينيس" للأرقام القياسية!!!.
 
إذَنْ.. فعلى الذين يُمسِكون وثائقَ تُثْبِت مغربيةَ صحرائنا الشرقية أن لا يستمرّوا في عرضها كما لو كانوا بذلك "يُعَرّفون الماء بالماء" (!!!).. بل عليهم أن يُجاهِدوا في فضح الموقف الجزائري/الفرنسي المتمثل في التشبث بمفاهيم استعمارية يتقزّز منها الضمير الإنساني.. وترفضها الأعراف الدولية... وعليهم أيضاً.. أن يَكِدّوا ويجتهدوا في الدفع باتجاء إيداع ملف هذا الرُّبْعِ المغربي الشرقي لدى اللجنة الأممية الرابعة لتصفية الاستعمار.. باعتباره مازال تحت نير "الاستعمار الفرنسي المُقَنَّع تحت يافطة جزائرية".. وهذا هو الوضع الحقيقي لعلاقة الأمومة والبُنوّة "الجزائرية/الفرنسية" كما يعرفها العالم برمّته!!!.
 
بقيت هناك ملاحظة لابدّ منها.. وهي أن علينا.. قبل ضمّ هذه القضية إلى ملفات اللجنة الأممية الرابعة.. أن نُسرع في سحب الملف الذي سبق لنا أن أوْدَعناه لديها منذ ستينات القرن الماضي حول تصفية الاستعمار الإسباني بصحرائنا الجنوبية/الغربية.. لأن بقاءه هناك إلى غاية يومه لم يعد له أيُّ معنى.. منذ أن أبرمت بلادُنا مع إسبانيا اتفاقيةَ إنهاء ذلك الاستعمار سنة 1975.. غداةَ المسيرة التاريخية الخضراء المظفرة...
 
نعم.. لا معنى الآنَ مُطلقاً لبقاء ذلك الملف المغربي/الإسباني مَرْكوناً في تلك اللجنة.. وخاصة بعدَ ما صارت عليه وسارت إليه علاقات الصداقة وحُسْن الجوار المغربية/الإسبانية.. عقِب الاعتراف الإسباني الواضح والصريح بمغربية صحرائنا الجنوبية/الغربية...
 
إن الواقع والمنطق السياسي الدولي يقتضيان السير في هذا المنحى.. الذي ينبغي بداهةً أن يًتوَّج.. كما سبقت الإشارة.. بوضع ملف تصفية الاستعمار الفرنسي لصحرائنا الشرقية لدى اللجنة الأممية ذاتها.. والذي يعلم المجتمع الدولي.. قاطبة.. بأنه استعمار مقَنَّع.. يتنكّر تحت جُبّة الجزائر يستعملها بمنتهى الغباء السياسي والدبلوماسي كغطاء فضائحي لم يعد يُخفي تحته أيَّ شيء!!!.
 
محمد عزيز الوكيلي/ إطار تربوي