‮«‬الوطن‭ ‬الآن» ‬تكشف كيف أصبح المغرب يُصَدِّر الأمن إلى دول العالم

‮«‬الوطن‭ ‬الآن» ‬تكشف كيف أصبح المغرب يُصَدِّر الأمن إلى دول العالم الحموشي رفقة وليام بورنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وإسبيرانزا كاستيليرو ،مديرة المركز الوطني للاستخبارات بإسبانيا
منذ‭ ‬تعيين‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي،‭ ‬في‭ ‬ماي‭ ‬2015،‭ ‬مديرا‭ ‬عاما‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬مع‭ ‬احتفاظه‭ ‬بمنصبه‭ ‬كمدير‭ ‬عام‭ ‬لـ‭ ‬"الديستي" (إدارة‭ ‬مراقبة‭ ‬التراب‭ ‬الوطني)،‭ ‬دخل‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬حيز‭ ‬أمني‭ ‬مضيء،‭ ‬عنوانه‭ ‬العريض‭ ‬هو‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬تقعيد‭ ‬الاحترافية‭ ‬والمهنية‭ ‬والنجاعة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬تشمل‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمغرب،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬والإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كيفية‭ ‬استثمار‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬والمالية‭ ‬والعلمية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬واللوجيستية،‭ ‬والعمل‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬الدوليين‭ ‬وتشجيع‭ ‬روح‭ ‬المبادرة،‭ ‬وضمان‭ ‬الاستعداد‭ ‬والجاهزية‭ ‬ورفع‭ ‬الأداء‭ ‬المهني،‭ ‬وإقرار‭ ‬نظام‭ ‬متكامل‭ ‬للحوافز،‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬مضبوطة‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬فيها‭ ‬للعفوية‭ ‬أو‭ ‬الزبونية‭. ‬

وبالفعل،‭ ‬فإن‭ ‬إسناد‭ ‬هذين‭ ‬المنصبين‭ ‬في‭ ‬يد‭  ‬الحموشي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬يُقرأ،‭ ‬أولا،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تكريم‭ ‬لـ‭ ‬«حنكة‭ ‬الرجل‭ ‬وتجربته»؛‭ ‬وثانيا‭ ‬بوصفه‭ ‬تكليفا‭ ‬ملكيا‭ ‬لـ‭ ‬"إعطاء‭ ‬دينامية‭ ‬جديدة‭ ‬للإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬وتطوير‭ ‬وعصرنة‭ ‬أساليب‭ ‬عملها"،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬للديوان‭ ‬الملكي‭ ‬عقب‭ ‬قرار‭ ‬التعيين‭ ‬والاستقبال‭ ‬الذي‭ ‬حظي‭ ‬به‭ ‬الرجل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭.‬

كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الرهان‭ ‬الذي‭ ‬رفعه‭ ‬الحموشي:‭ ‬الانتقال‭ ‬بالجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الظل‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الضوء،‭ ‬حيث‭ ‬تمكن،‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تسلم‭ ‬مقود‭ ‬القيادة،‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬إدارته‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬دولية،‭ ‬وأصبح‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمنيون‭ ‬بأوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وحتى‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأسيوية،‭ ‬يترددون‭ ‬على‭ ‬الرباط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أمنية‭ ‬تهم‭ ‬التكوين‭ ‬والتنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الأمني،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الحموشي‭ ‬أبانت‭ ‬في‭ ‬منحى‭ ‬تصاعدي‭ ‬عن‭ ‬حرفية‭ ‬ومهنية‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬حاسمة‭ ‬تتصل‭ ‬كلها‭ ‬بمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والاتجار‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬المخدرات‭ ‬وتهريب‭ ‬البشر،‭ ‬وكل‭ ‬أشكال‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭. ‬
 
الحموشي مع مدير الأمن الفرنسي
 
الاعتراف‭ ‬الأممي
وقد‭ ‬سمح‭ ‬هذا‭ ‬المعطى‭ ‬ببروز‭ ‬«الديبلوماسية‭ ‬الأمنية»‭ ‬التي‭ ‬انعكست‭ ‬تأثيراتها‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬القرارات‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وشركائه‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تمتدح‭ ‬كفاءة‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭ ‬ونديتها‭ ‬واحترافيتها‭ ‬وعلو‭ ‬كعبها‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬«الإرهاب»‭ ‬و«الجريمة‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات»،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬شهادات‭ ‬أقوى‭ ‬المخابرات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬رؤساؤها‭ ‬ومديروها‭ ‬يشدون‭ ‬الرحال‭ ‬إلى‭ ‬الرباط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقامة‭ ‬تعاون‭ ‬ثنائي‭ ‬أو‭ ‬تطويره،‭ ‬سعيا‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬المغربية،‭ ‬وأيضا‭ ‬من‭ ‬الشبكة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬أقامها‭ ‬من‭ ‬خلال‭  ‬«بنك‭ ‬المعلومات‭ ‬الأمنية»‭ ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬لدول‭ ‬يشهد‭ ‬بعراقة‭ ‬أجهزتها‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬تجنب‭ ‬ضربات‭ ‬إرهابية‭ ‬وشيكة‭.‬

إنه‭ ‬معطى‭ ‬حاسم‭ ‬ومثير‭ ‬للانتباه‭ ‬يدل‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬جدارة‭ ‬واستحقاق،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬شتنبر‭ ‬2021،‭ ‬إلى‭ ‬افتتاح‭ ‬مقر‭ ‬مكتب‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بالرباط،‭ ‬وهو‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬ومن‭ ‬أهدافه‭ ‬«الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬والتجربة‭ ‬الكبيرة‭ ‬للمغرب،‭ ‬الذي‭ ‬يضطلع‭ ‬بدور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي»،‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬بذلك‭ ‬مساعد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المكلف‭ ‬بمحاربة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬فلاديمير‭ ‬فورونكوف‭.‬

ويتعاون‭ ‬البرنامج‭ ‬الأممي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬«بناء‭ ‬القدرات‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة،‭ ‬لاسيما‭ ‬مكافحة‭ ‬تحركات‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬وأمن‭ ‬وإدارة‭ ‬الحدود،‭ ‬والإرهاب‭ ‬المتعلق‭ ‬بأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬والمعدات‭ ‬الكيماوية‭ ‬والبيولوجية،‭ ‬والإشعاعية،‭ ‬والإرهاب‭ ‬النووي،‭ ‬والتدخل‭ ‬لمنع‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭..‬»‭. ‬وهو‭ ‬البرنامج‭ ‬الذي‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬«التعاون‭ ‬الدولي»،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬والعمل‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬ومحاربة‭ ‬الجريمة‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات‭ ‬يحظيان‭ ‬بمركزية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تفكير‭ ‬الدول‭ ‬العظمى،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وأيضا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الأمنية‭ ‬ذات‭ ‬البعد‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والجيو-سياسي‭ ‬المشترك،‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬استجابة‭ ‬أمنية‭ ‬ومقاربة‭ ‬مدروسة‭ ‬ومنسقة‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭.‬
 
الحموشي مع مدير المكتب الاتحادي الألماني
 
الريادة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية
لقد‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬رائدا‭ ‬معترفا‭ ‬بمقدراته‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ملاحقة‭ ‬الإرهابيين‭ ‬والعصابات‭ ‬المنظمة‭ ‬وجرائم‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬وغسل‭ ‬الأموال،‭ ‬بل‭ ‬أخذ‭ ‬يعرض‭ ‬مقاربته‭ ‬الأمنية‭  ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬وعلى‭ ‬مقاربة‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬واستباقية‭ ‬وشاملة‭. ‬ولهذا‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬اختيار‭ ‬المغرب‭ ‬بالإجماع‭ ‬ليتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬الرئاسة‭ ‬المشتركة‭ ‬للمنتدى‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬مرتين،‭ ‬أولا‭ ‬مع‭ ‬هولندا‭ ‬(2015)،‭ ‬وثانيا‭ ‬مع‭ ‬كندا (2020)؛‭ ‬وهو‭ ‬المنتدى‭ ‬الذي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬عضوا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭  ‬دول‭ ‬ومنظمات‭ ‬دولية‭ ‬شريكة،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

لقد‭ ‬بدا‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬الحموشي‭ ‬هو‭ ‬رجل‭ ‬التعاون‭ ‬والالتقائية،‭ ‬كما‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬عمله‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬«الديبلوماسية‭ ‬الأمنية»،‭ ‬لأنه‭ ‬أدرك‭ ‬أكثر‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬أخذ‭ ‬يحظى‭ ‬بمركزية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬للدول،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬واضحًا‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬الزيارات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأضواء،‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬عواصم‭ ‬العالم،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬وباريس‭ ‬ومدريد‭ ‬وبروكسيل‭ ‬وموسكو،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بالرياض‭ ‬وأبو‭ ‬ظبي‭ ‬والدوحة‭ ‬وغيرها‭. ‬حيث‭ ‬زار‭ ‬الحموشي‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬شهر‭  ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬وفد‭ ‬أمني‭ ‬ضم‭ ‬مدراء‭ ‬وأطر‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المركزية‭ ‬للمديرية‭ ‬العامة‭ ‬لمراقبة‭ ‬التراب‭ ‬الوطني،‭ ‬وتمحورت‭ ‬مباحثات‭ ‬الجانبين‭ ‬حول‭ ‬تقييم‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬والجهوي،‭ ‬ودراسة‭ ‬التهديدات‭ ‬والتحديات‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬العالم،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬استعراض‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬الارتباطات‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وشبكات‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭. ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬زار‭ ‬موسكو‭ ‬وبروكسيل (2016)،‭  ‬وباريس‭ ‬(2017)،‭ ‬والدوحة‭ ‬(2018)/ (2022)،‭ ‬ومدريد‭ ‬(2019)/ (2022)،‭ ‬والرياض (2022)،‭ ‬وأبو‭ ‬ظبي (2023)،‭ ‬ولشبونة (2023)،‭ ‬وفيينا‭ ‬(2023)‭..‬.

ولم‭ ‬يكتف‭ ‬الحموشي‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬العواصم‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬فتح‭ ‬مكتبه‭ ‬بالرباط‭ ‬لتعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬القائمة‭ ‬وتقاسم‭ ‬المعلومات‭ ‬والممارسات‭ ‬الجيدة‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬تبادل‭ ‬الزيارات‭ ‬نهجا‭ ‬قائم‭ ‬الذات،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الحليف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للمغرب‭ ‬«الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية»،‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬إسبانيا‭ ‬التي‭ ‬يجمعها‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬تعاون‭ ‬أمني‭ ‬وثيق،‭ ‬حيث‭ ‬أضحى‭ ‬المغرب،‭ ‬حاليا،‭ ‬هو‭ ‬البلد‭ ‬الأكثر‭ ‬تعاونا‭ ‬وثقة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمدريد‭. ‬
 
الحموشي مع أمير قطر
 
التوشيح‭ ‬الدولي
وهذا‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬تصريحات‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسبان‭ ‬أنفسهم‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إقدام‭ ‬إسبانيا،‭ ‬خلال‭ ‬عامي‭ ‬2014‭ ‬و2019،‭ ‬على‭ ‬توشيح‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي،‭ ‬أولا،‭ ‬بوسام‭ ‬«الصليب‭ ‬الشرفي‭ ‬للاستحقاق‭ ‬الأمني‭ ‬بتميز‭ ‬أحمر»؛‭  ‬ثم‭ ‬ثانيا،‭ ‬وسام‭ ‬«الصليب‭ ‬الأكبر»‭. ‬

وتعود‭ ‬آخر‭ ‬زيارة‭ ‬لمسؤول‭ ‬أمني‭ ‬إسباني‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬إلى‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭ ‬(13‭ ‬فبراير‭ ‬2024)،‭ ‬حيث‭ ‬استقبل‭ ‬الحموشي‭ ‬بمكتبه‭ ‬بالرباط‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬للاستعلامات‭ ‬بالمملكة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬«أوخينيو‭ ‬بيرييرو‭ ‬بلانكو»،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مرفوقا‭ ‬بوفد‭ ‬أمني‭ ‬مهم‭. ‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬ومدريد‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬العلاقات‭ ‬المثالية‭ ‬التي‭ ‬أنشأها‭ ‬الحموشي‭ ‬دوليا،‭ ‬فإن‭ ‬القطب‭ ‬الأمني‭ ‬المغربي‭ ‬قد‭ ‬أرسى‭ ‬علاقات‭ ‬متميزة‭ ‬مع‭ ‬الشرطة‭ ‬الألمانية،‭ ‬حيث‭ ‬استقبل‭ ‬عبد‭ ‬الطيف‭ ‬الحموشي،‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬يونيو‭ ‬2022‬وفدا‭ ‬أمنيا‭ ‬ألمانيا‭ ‬مهما،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للشرطة‭ ‬الاتحادية‭ ‬بدولة‭ ‬ألمانيا،‭ ‬دييتر‭ ‬رومان‭. ‬وجرى‭ ‬اللقاء‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬الأمنية‭ ‬وتقاسم‭ ‬الخبرات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومختلف‭ ‬صور‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭. ‬كما‭ ‬أرسى‭ ‬علاقات‭ ‬متميزة‭ ‬مع‭ ‬فرنسا‭ ‬وهولندا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬والكونغو‭ ‬وقطر‭ ‬والإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬والبرتغال‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وإسرائيل‭.. ‬إلخ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سمح‭ ‬للرباط‭ ‬بتمتين‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬وتقويته‭ ‬بشكل‭ ‬يسمح‭ ‬بضمان‭ ‬التصدي‭ ‬الحازم‭ ‬والفعّال‭ ‬للتحديات‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬الجريمة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬والتهديدات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتحديات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وأخطارها،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬تقاسم‭ ‬التجارب‭ ‬والجبرات‭ ‬في‭ ‬سائر‭ ‬المجالات‭ ‬الأمنية،‭ ‬ومكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬وجرائم‭ ‬المخدرات‭ ‬والاتجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬الأسلحة‭ ‬والجرائم‭ ‬المالية‭ ‬وغسل‭ ‬الأموال‭ ‬وجرائم‭ ‬الانترنيت،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬الميداني‭ ‬والاستخباراتي‭.. ‬إلخ‭.‬
 
الحموشي في اجتماع الانتربول بفيينا
 
الرؤية‭ ‬الاستراتيجية
وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬أرسى‭ ‬المغرب‭ ‬نظاما‭ ‬لنقل‭ ‬خبرته‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة‭ ‬والصديقة‭. ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السعودية‭ ‬«التكوين‭ ‬الجامعي‭ ‬بجامعة‭ ‬نايف‭ ‬العربيةللعلوم‭ ‬الأمنية»‭ ‬وقطر‭ ‬«تأمين‭ ‬المونديال»،‭ ‬عملت‭ ‬المديرية‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬بتعاون‭ ‬مع‭ ‬القيادة‭ ‬العامة‭ ‬لشرطة‭ ‬«أبو‭ ‬ظبي»،‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬دورات‭ ‬تكوينية‭ ‬متخصصة‭ ‬لفائدة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأطر‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬شرطة‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬دورة‭ ‬للتكوين‭ ‬النظري‭ ‬التخصصي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الشرطة‭ ‬القضائية‭ ‬ومكافحة‭ ‬الجريمة،‭ ‬ثم‭ ‬دورة‭ ‬للتكوين‭ ‬التطبيقي‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬الفرقة‭ ‬الوطنية‭ ‬للشرطة‭ ‬القضائية‭ ‬والمختبر‭ ‬الوطني‭ ‬للشرطة‭ ‬العلمية‭ ‬والتقنية‭ ‬والمكتب‭ ‬المركزي‭ ‬للأبحاث‭ ‬القضائية‭. ‬كما‭ ‬باشرت‭ ‬تنزيل‭ ‬برنامج‭ ‬الشراكة‭ ‬جنوب-‭ ‬جنوب،‭ ‬الذي‭ ‬يهم‭  ‬برامج‭ ‬تكوينية‭ ‬لفائدة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬الصديقة،‭ ‬مثل‭ ‬الدورة‭ ‬التي‭ ‬احتضنها‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭  ‬للشرطة‭ ‬بالقنيطرة،‭ ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬دجنبر‭ ‬2022،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تكوين‭ ‬60‭ ‬مفتشا‭ ‬وعميدا‭ ‬للشرطة،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬9‭ ‬سيدات،‭ ‬ينحدرون‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬غينيا‭ ‬كوناكري،‭ ‬وقد‭ ‬تضمن‭ ‬هذا‭ ‬التكوين‭ ‬دروسا‭ ‬نظرية‭ ‬وتطبيقية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬والتخصصات‭ ‬الشرطية‭ ‬«التدخل‭ ‬بالشارع‭ ‬العام،‭ ‬الإطار‭ ‬المهني‭ ‬والقانوني‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬النظام،‭ ‬آليات‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي،‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬الأبحاث‭ ‬القضائية،‭ ‬أمن‭ ‬النظم‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬تقنيات‭ ‬شرطة‭ ‬الحدود»‭.‬

لقد‭ ‬حوَّل‭ ‬الحموشي،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬9‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الاحترافي‭ ‬الدؤوب،‭ ‬القطب‭ ‬الأمني‭ ‬المغربي‭ ‬إلى‭ ‬رقم‭ ‬صعب‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬الأمنية‭ ‬الدولية،‭ ‬وإلى‭ ‬وجهة‭ ‬استراتيجية‭ ‬موثوقة‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬الإرهابية‭ ‬والجريمة‭ ‬الدولية‭ ‬المنظمة‭. ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬صاحب‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية،‭ ‬بل‭ ‬رجل‭ ‬ديبلوماسي‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الظل‭ ‬«الدق‭ ‬والسكات،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المغاربة»،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ترصيص‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬للبلاد‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العظمى،‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬إمكانات‭ ‬مالية‭ ‬ولوجيستية‭ ‬كبيرة‭ ‬«تكنولوجيا‭ ‬متطورة،‭ ‬أقمار‭ ‬صناعية،‭ ‬أجهزة‭ ‬تجسس،‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬هائلة‭... ‬إلخ»،‭ ‬تقصد‭ ‬المغرب‭ ‬كلما‭ ‬احتاجت‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭ ‬دقيقة‭ ‬وحاسمة‭ ‬على‭ ‬اتصال‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الدربة‭ ‬والنجاعة‭ ‬والمهنية‭ ‬والاقتدار‭ ‬هي‭ ‬«الرأسمال‭ ‬النفيس»‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بها‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬المغربي،‭ ‬وهي‭ ‬العنوان‭ ‬العريض‭ ‬لبلاد‭ ‬لا‭ ‬يتثاءب‭ ‬رجال‭ ‬أمنها‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬النوم‭..‬
 
تفاصيل أوفى في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
رابط العدد هنا