بالمناسبة... حينما أتحدث بالمذكر فالقاضية حاضرة بقوة...
القاضية التي لا يريدها البعض أن تكون قاضية...
وهي قاضية بالفطرة كزوجة وكأم وأخت وجدة...
كإمرأة تجيد التحكيم المجتمعي منذ زمن...
تجيد خطاب المصالحة وتحديد الخلافات...
في الأحياء قبل أن تلج دهاليز المحاكم...
الوقار هو أنه يقول المغاربة حين تعبر الشارع " لي عمرها دار... معقول.."
" قاسية...ما تعقل على تا وحد..."
الوقار هو ألا تكون فاسدا...
الوقار هو العدل ومساواة المواطنين والمواطنات أمام القاضي..
هو الانصاف.... فالإنصاف هو جوهر العدل
الوقار هو ألا يرجح قاض كفة على أخرى متأثرا بعامل خارجي مادي ومعنوي...
بعاطفة أو رأي عام جموح...
الوقار هو أن يكرس القاضي حياته للقضاء...
الوقار... هو..
أن تكتفي بأجرة لا تغني ولكنها تصنع الكرامة...
ألا تجمع بين القضاء والتجارة... بين القضاء البيع والشراء...
الوقار هو أن تجمع بين الكتابة والفكر والفعالية الفكرية المدنية...
الوقار هو أن تحارب الفساد أينما حل...
تطارد السماسرة وتجار الوهم...
الوقار هو تحكم باسم الملك ووفقا للقانون بتجرد تام..
الوقار هو أن تجتهد حين ترى أن العدالة أكبر من محضر، وأن الأحكام تصنع المصائر..
الوقار هو أن تنام... وتحلم كالناس...
وتفرح... وتحزن كالناس...
الوقار أن تكون صانعا للأمل... أن تعيد الثقة في العدالة لأنك مقتنع بأنها مدخل التنمية ودولة الحق والقانون...
ليس الوقار أن تعزلوا القاضي عن مجتمعه...
عن الناس.. عن صخب الحياة...
عن فضاءات شعبية هي مدرسة مستمرة لثقافة القاضي..
ليس الوقار ألا يركب القاضي المواصلات العمومية...
فهي مصدر يومية لإنعاش الفهم القانوني للقاضي..
ليس الوقار ألا يسكن القاضي بين الشعب ومع الشعب...
فهو ابن الشعب... ومن حياة الشعب أتى...ومدرسة الشعب لا تغلق..
ليس الوقار ألا يتبضع القاضي في أسواقنا... ونتقاسم معه فضاءات عطلنا...
فمن أمال الشعب تتجدد في القاضي روح الحق... والفهم العميق لكل المفارقات وللعمق الاجتماعي للجريمة...
ليس الوقار أن نعزل القاضي عن المجتمع...
ونصنع منه مواطنا بلا امتداد شعبي...
الوقار هو ما يرسخه الجيل الجديد من قضاة وقاضيات المملكة..
وقار يتأسس على محاربة الفساد والريع والمساهمة في النقاش العمومي...
هو الوطنية حين تمشي على قدمين، لا وطنية ربطات العنق والبدلات والسفريات الأسطورية...
أن يناقش القاضي قضية مجتمعية ذات عمق قانوني ضمن نقاش سياسي عام وبمقاربة علمية تضع مسافة بين الصفة والعالم والمفكر قمة الوقار...
وقار ووطنية ودفق فكري في نهر التنمية..
القاضي الوقور ليس الذي يغلق عليه نوافذ تطل على الفكر وقضايا المجتمع ويكتفي بعطلة موسمية في مكان بعيد...
القاضي الوقور هو الذي امتحنه الريع والفساد وكل إغراءات فنجا من الغواية...
هم قلة قليلة جدا من أكلت التفاحة...
والشاذ لا يقاس عليه... ولا يقبل التعميم بمنطق الاستقراء..
القاضي الوقور..
هو من يركب معنا الحافلة...
يقاسمنا فنجان قهوة في مقهانا...
يصلي معنا...
يصل الأرحام... يهنئ ويعزي... ويواسي..
هو الذي لا يبخل على المجتمع الفكري برؤيته وعلمه...
هو الذي لا يهمه لون قاعة ندوة أو حوار مجتمعي بقدر ما يهمه نقاش يرقى بالوطن...ويصنع الأمل..
هو قاض...
هي قاضية...
كلاهما منا ومن الشعب...
فلا تعزلوهما عن الشعب...
بحجة الوقار...
فأعظم وقار هو الانصاف والمساواة وتحقيق العدالة...
لا تعزلوهما..
لأن الشعب ليس مرضا معديا...
ولأن القاضي رأسماله هو الثقة...
ونحن الشعب....نثق فيه...
فلا تحاسبوه إن عاش بيننا...
وحضر أعراسنا...
وجنازاتنا...
وساهم بفكره في إنعاش مجتمع فكري معطوب...
الاستقلالية تبدأ من الثقة... لا من القهر المعنوي.