مجلس وزان يصادق على اطلاق مسلسل قضم الاختيار الديمقراطي!

مجلس وزان يصادق على اطلاق مسلسل قضم الاختيار الديمقراطي! محمد حمضي ومشهدين للمحطة الطرقية الجديدة والحالية
تذكير بلمسة دستورية
يبدو أن "صناع القرار" بمجلس جماعة وزان قد فقدوا البوصلة ، واختلطت أمامهم الأوراق ، وتاهوا في دروب زمن ليس زمانهم ، وشدهم الحنين لأم الوزارات التي قطع معها المفهوم الجديد للسلطة الذي أطلقه الملك محمد السادس في بداية اعتلائه للعرش ، وكرسه دستور " ربيع الديمقراطية " في نسخته المغربية الأصيلة ، المنتصر للديمقراطية التشاركية لإعطاء دفعة للديمقراطية التمثيلية التي أصابها الاختناق بعد أن أكملت دورتها حتى في الدول الديمقراطية العريقة .
  لا بأس من الاحتكام لدستور المملكة في مواجهة خصوم "الزمن الديمقراطي" بمؤسساته وآلياته ، الذي تعيشه البلاد حتى في أعطابه ، حتى لا يتمادوا في القضم من مساحة هذا الزمن القائم على توسيع المشاركة المواطنة التي من دونها لن يستقيم للبلاد حال . الاختيار الديمقراطي هو صمام أمان اللحمة الوطنية واسمنتها ولذلك ارتقى به  دستور 2011  لمصاف ثوابت الأمة التي لا يمكن مراجعتها . وها هو الفصل 175 بين أيديكم " لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي ، والنظام الملكي للدولة ، واباختيارها الديمقراطي للأمة ، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور " .

 
المحطة الطرقية بوابة الاجهاز على الاختيار الديمقراطي    
 يوم الجمعة 22 فبراير سيلتئم مجلس جماعة بوزان ( بعد جهد جهيد توفر النصاب القانوني ، وهذا موضوع تفاصيله سنعود لها لاحقا) في دورة استثنائية ، وذلك من أجل دراسة جدول أعمال من 4 نقط ، تتصدره المصادقة على النظام الأساسي لشركة التنمية المحلية " وزان- المحطة الطرقية للمسافرين " . ونفتح هنا قوسا لإحاطة القراء علما بملف المحطة الطرقية التي تعتبر من المشاريع التي تم توقيعها تحت أنظار الملك محمد السادس في زيارته التاريخية لوزان نهاية 2006  ولم تفتح أبوابها لليوم.
للتذكير قبل الخوض في تفاصيل دورة 22 فبراير الاستثنائية ، فقد سبق لمجلس الجماعة أن تناول نفس هذه النقطة في دورة استثنائية في شهر يناير الأخير ، وصادق بإجماع حضوره ( موالاة ومعارضة) على احداث الشركة المذكورة وعلى النظام الأساسي المؤطر لها ، الذي تم اعتماده بعد الرجوع لمجموعة من التجارب على الصعيد الوطني .
 ولأن تسيير المرفق العمومي ( المحطة الطرقية ) من اختصاص الجماعة الترابية فلم تم اسناد رئاسة شركة التنمية لرئاسة مجلس الجماعة ، وبجانبه كمشة من الأعضاء والعضوات ، وقلة من ممثلي أرباب النقل .
 المقرر الجماعي ترك ارتياحا في صفوف الساكنة وفعالياتها المدنية النزيهة التي رأت فيه احتراما للاختيار الديمقراطي ، رغم كل الضربات تحت الحزام التي كان مسرحا لها الاستحقاق الانتخابي ليوم 8 شتنبر 2021 . وكذلك رد الاعتبار للوجه الفاتن للمدينة الذي تلطخه "المحطة الحالية " الصادم فضائها البشع لزوار دار الضمانة.
ماذا حدث إذن بعد شهر ليعود مجلس جماعة وزان لمراجعة ما صادق عليه بالإجماع ؟ ما نوع المياه التي قد تكون مرت تحت الجسر واندفعت بعنفوان ، وتماهى معها البعض الذي منهم/ن من بلع لسانه ، ومنهم/ن من انقلب 180  درجة على موقفه الذي عبر عنه في يناير الأخير ؟ لماذا استهداف مؤسسة رئاسة المجلس وليس شخصه ؟ ومن أفتى بالانقلاب على ما فاض عن صناديق الاقتراع ( الاختيار الديمقراطي ) حتى ولو كان هذا الفيضان مخدوما ؟
 ما حدث هو أن وزارة الداخلية حسب رئيس الجماعة ( ولا وثيقة مكتوبة) طلبت من مجلس الجماعة تعديل المادة الخاصة بتركيبة شركة التنمية ( تمت الاشارة لها أعلاه ) من دون تقديم أي تفسير له مرتكزات قانونية . وعليه وجب اسناد رئاسة شركة التنمية لعامل الإقليم ، ويليه في الترتيب رئيس المجلس الإقليمي ، وبالرتبة الثالثة رئيس مجلس جماعة وزان صاحب 5996 سهم ( الباقي سهم للواحد ) . والاكتفاء بمنتخبين في التركيبة .
  سؤال عريض يطرحه المتتبع الموضوعي لهذا الانقلاب على مرتكزات الزمن الديمقراطي ، هو لماذا غاب عامل الإقليم عن أشغال الدورة ليترافع عن توجيه ادارته المركزية ؟ أليس لأن التوجيه لا شرعية دستورية وقانونية له ، وبالتالي فإنه يغرد خارج الزمن الديمقراطي الذي يتدافع المجتمع بكل قواه الحية من أجل تحصينه وتجويده ؟ هل تشاطر وزارة الداخلية وجهة نظر من قال في أشغال الدورة بأن وجود العامل على رأس شركة التنمية المحلية " وزان-المحطة الطرقية للمسافرين" سيضمن الأمن ؟ هل الوضع الأمني بالمدينة ، وبهذا المرفق هش لهذا الحد ؟ ولماذا اقحام مؤسسة المجلس الإقليمي في شخص رئيسه في تركيبة الشركة ، علما بأن هذا يتعارض جملة وتفصيلا مع اختصاصات المجلس الإقليمي المحددة بقانون تنظيمي ؟

 
 الوطن لا يحتمل لعب عيال يا ناس
علامة استفهام كبرى مطروحة على ما حدث لأن الأمر يتعلق بخنق التدبير الديمقراطي على المستوى الترابي ، وتعطيل للديمقراطية التشاركية مادامت الديمقراطية التمثيلية تتنفس تحت الماء ، وحنين لزمن وصاية أم الوزارات على المجالس الجماعية( مفهوم تردد على لسان أكثر من متدخل بدورة 22 فبراير ) . وصاية قطع معها القانون 14/113 الذي حولها الى رقابة ادارية بعدية ، تنتهي إلى رقابة قضائية في حالة الإحالة على القضاء الإداري.
 من اجتهد ولم يصب فله أجر واحد ومن اجتهد وأصاب فله أجران " هل من الممكن أن يؤطر هذا الحديث النبوي الشريف ما حدث ، فيتدارك المجتهد الاداري ( إن كان فعلا) والمنتخب(ة) الذي زكى طرحه ، فتكون العودة لجادة الصواب ،وذلك بعقد دورة استثنائية جديدة تلغي ما تمت التعديل المصادق عليه مع والابقاء على النسخة الأصلية للنظام الأساسي لشركة التنمية " وزان-المحطة الطرقية للمسافرين" المصادق عليها في دورة يناير 2024 .