هل الطريقة التي يتم بها تدبير الدعم التربوي برؤية بيروقراطية يغيب فيها صاحب القرار المركزي عن العملية في شموليتها كهيئة التفتيش والهيئة التربوية والهيئة الإدارية، ومجالس المؤسسة وخصوصا المجالس التعليمية المناط بها بنيويا صياغة خطة مؤسساتية للدعم... أقول هل هذه الطريقة فعالة أم أنها فقط إجراء لإنجاح محطة الامتحانات الإشهادية بأقل الخسائر...؟
للأسف... الرؤية قاصرة وعملية قيصرية قاسية لتعويض زمن تربوي كان بالإمكان استدراكه بإعطاء المبادرة لأصحاب القرار التربوي وتفعيل المجالس التعليمية..
حينما وضع الخبراء منظومة الدعم بصيغه المتنوعة أو كما يسميها البعض الأنماط... كان همهم الوحيد الجودة...
لا ندخل في نقاش المفاهيم..
نمط... صيغة... فالذي ينتج المعرفة هو من له الحق في وضع المصطلح...
نحن مترجمون تربويا... وناقل نماذج وبراديغمات تربوية وبالتالي كل ناقل للمعرفة له جهازه المفاهيمي التقريبي لما يقرأ ويفهم...
لا يهم المفاهيم إذن...فكم أضعنا من الوقت ونحن نزايد على بعضنا البعض في صراع المفاهيم والمصطلحات وهب لا تغدو كونها قرصنة ماكرة لمراكز بحث غربية...
الدعم عامة هو نتاج عمليات متنوعة من التقويم حسب الزمن الديداكتيكي والهدف منه.... عمليات تشخيصية أو تكوينية أو حتى إجمالية...
لنعد لبداية.. لم يكن يشغل بال الباحثين التربويين معطى الانتقال من مستوى إلى آخر، أو الإشهاد المدرسي، كانوا فقط يبحثون عن أجوبة عن سؤال عريض: ما الذي يؤثر على التمكين الجزئي أو الكلي من المستوى المتوقع من كفاية بنائية حلزونية التطور في مرحلة ما....
هذا يعني أن مؤشر التمكن بالتقويم يمنح رؤية واضحة للتخطيط وهندسة موارد جديدة من الكفاية نفسها ...
قياس درجة التمكن هاجس ديداكتيكي في كل هندسة بيداغوجية...
وتغييب ذلك يطرح إشكالية تطاول القرار الإداري على التخصص التربوي...
لقد انطلق الدعم التربوي وأعطيت الأسبقية للمستويات الإشهادية...
عبث ...ومقاربة سطحية... بلا رؤية شاملة للعملية التربوية...
مما يبرز أن وزارة بنموسى غير منشغلة بتحقيق جرعة الكفايات لكل منهاج، ولا بقياس درجة التمكن التربوي لكل مرحلة دراسية للانخراط في منهاج جديد...
بل هي منشغلة بهم سياسي هو الأمن التربوي...
سنة بلا شهادات يعني سنة بلا استقرار اجتماعي...
فجبهة الأسر أقوى ولا تقل شراسة في معركة كسر العظام..
وأحيانا يكون القرار الإداري الذي يقفز على القرار التربوي ترضية اجتماعية وإجراء تأميني للمجتمع.
نتفهم إذن هوس وزارة بنموسى بضرورة إنجاح الموسم الدراسي لا المسار البيداغوجي..
فما يقع الآن هو أجرأة للقرار البيروقراطي لا التربوي...
فاستهداف المستويات الإشهادية وتكييف الموارد مع الزمن يعكسان الغياب الفعلي لاستراتيجية لا أقول تربوية بل بيداغوجية، تتأسس على التمكين من الكفايات الاساس لا الانتقال من سلك إلى آخر.
الدعم التربوي محطة بيداغوجية بآليات وصنافات وخطاطات ديداكتيكية تقارب التعثرات والصعوبات في شموليتها وتتأسس على تقليص المسافة بين مؤشر مرحلة التشخيص ومؤشر مرحلة التقويم.. حسب الصيغة والأهداف المنتظرة منه.
الدعم التربوي هو هندسة دقيقة لدينامية ديداكتيكية تخفف على الأقل التعثرات ومعيقات نمو الكفايات، يتم فيها استحضار كل المعيقات المحتملة... معيقات تاريخية دراسية قاعدية....معيقات فسيولوجية ..معيقات سوسيولوجية معيقات سيكولوجية... ثم آخر معيق هو المرتبط بالموارد ...
وللأسف هذا المعيق الأخير... تمكين التلاميذ من موارد لاجتياز امتحان موحد إشهادي... هو الذي يشغل بال وزارة بنموسى ويتم تنزيله مع شركاء جمعويين ضمن رؤية الحشد المعرفي والتكرار النمطي اللذين لا ينتجان غير طفل بمعلومات مؤقتة في الزمن وطرق نمطية لا طفل بكفايات يتم تعبئتها ذهنيا للتعامل مع الوضعيات الجديدة ومع المشكلات الإبداعية بحس ابتكاري لا تدويري للمعرفة.
آخر رهان للمدرسة الحديثة هو المعرفة، فهي موجودة على قارعة الطريق
يتم تغيبب المهارات المعارف التأسيسية والقيم والقدرات لترسيخ كفايات نمائية تتجدد وتغتني من الحياة وبالحياة وفي الحياة.
الدعم التربوي ذو الطابع الإشهادي المنزل حاليا هو دعم سطحي وعبثي بمقاربة بيروقراطية لا بيداغوجية، يروم إنجاح موسم دراسي، بالتنقيح المنهاجي الكمي، لا بالتكييف المنهجي وفي غياب بيداغوجيا التدريس بالكفايات أو القيم أو أي بيداغوجية تراهن على طفل مبتكر منفتح قادر على التعلم الذاتي.
يؤسفني أن أقول لنموسى إن التربية غير قابلة للتفويض ...
"عندها موليها"
قطاع التربية لا يقبل للارتجال، لأنه قطاع حساس ويصنع المستقبل ويؤمن الحاضر ..
الفاعل الأساس في منظومة الدعم التربوي هي المجالس التعليمية والمفتشون والمدرسون، الذين تم تغييبهم أو إعطاءهم أدواء التنزيل لا التخطيط وهندسة الفعل التقويمي وفق مقاربة عقلانية واقعية...
الدعم التربوي ليس همه إنقاذ موسم دراسي بطريقة بيروقراطية على حساب منظومة بيداغوجية ديداكتيكية متكاملة محددة الأهداف...
قد ينجح الموسم الدراسي بإنجاز المحطات الإشهادية...
لكن باقي المستويات الدراسية.. سيحمل جيلها كل الاختلالات المعيقة لنمو تربوي سليم...
فالكفايات حلزونية... وكل مرحلة مؤسسة وبنائية لا بمفهوم بياجي بل بمفهوم النماء الداخلي التوسعي ..ولا يمكن القفز عليها...