الشرقاوي الروداني: قراءة مجلس الأمن لنزاع الصحراء، بين مسار المغرب الآمن ومسار الجزائر الفوضوي!

الشرقاوي الروداني: قراءة مجلس الأمن لنزاع الصحراء، بين مسار المغرب الآمن ومسار الجزائر الفوضوي! الشرقاوي الروداني
لا‭ ‬تزال‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬صراع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬ينته‭ ‬بسقوط‭ ‬حائط‭ ‬برلين‭. ‬فقد‭ ‬خلق‭ ‬صراع‭ ‬المعسكرين‭ ‬الشرقي‭ ‬والغربي‭ ‬تقلبات‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناطق‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬جيوسياسيا‭ ‬بـ‭ ‬"الجنوب‭ ‬الكبير"،‭ ‬حيث‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬منسوب‭ ‬الصراع‭ ‬والعنف‭  ‬ثابتا‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬والوسطى‭ ‬وحتى‭ ‬آسيا‭. ‬مناسبة‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬هو‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬مشروع:‭ ‬لماذا‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬المخول‭ ‬لهما‭  ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬سياسية‭ ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬سياسية‭ ‬تنفيذية‭ ‬تبعد‭ ‬شبح‭ ‬الصراع‭ ‬والحروب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬التصدعات‭ ‬الجيوسياسية؟‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬مسار‭ ‬استراتيجي‭ ‬مرسوم‭ ‬في‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬لهذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬حاسمة‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بلعبة‭ ‬شطرنج‭ ‬يحكمها‭ ‬خمسة‭ ‬لاعبين،‭ ‬لكل‭ ‬منهما‭ ‬أجندته‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تحركها‭ ‬مصالح‭ ‬استراتيجية‭ ‬والبقية‭ ‬فقط‭ ‬بيادق‭ ‬تتحرك‭ ‬حسب‭ ‬رغبة‭ ‬اللاعب‭ ‬ومصالحه؟
إن‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬والصراعات‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬العالم‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬كمؤسستين‭ ‬دوليتين‭ ‬ضامنتين‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬العالمين،‭ ‬أصبحا‭ ‬يتحركان‭ ‬على‭ ‬هوامش‭ ‬المصالح‭ ‬للاعبين‭ ‬الدوليين‭ ‬الكبار‭. ‬فالحرب‭ ‬الروسية-الاوكرانية،‭ ‬أزمة‭ ‬كوسوفو،‭ ‬الحركات‭ ‬الانفصالية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬وما‭ ‬تعيشه‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬كلها‭ ‬أحداث‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬هامش‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحلول‭ ‬مرتبط‭ ‬مباشرة‭ ‬بمصالح‭  ‬استراتيجية‭ ‬معينة‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دائماً‭ ‬تكتيكات‭ ‬لإعاقة‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬يصبو‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬متوافق‭ ‬عليه‭.‬
في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬إذن،‭ ‬يعتبر‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬العالقة‭ ‬التي‭ ‬تتقاذفها‭ ‬مصالح‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬ضمن‭ ‬لعبة‭ ‬شطرنج‭ ‬تتنافس‭ ‬فيها‭ ‬الدول‭ ‬الخمس‭.  ‬فالمغرب‭ ‬لم‭ ‬يتوان‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حسن‭ ‬النية‭ ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬التسويات‭ ‬السياسية‭ ‬المتوافق‭ ‬عليها‭ ‬دولياً‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مبادراً‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتوازن‭ ‬الجيوسياسي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوار‭ ‬المسؤول‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الجزائر‭. ‬
لقد‭ ‬دخلت‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬مخطط‭ ‬نسف‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية؛‭ ‬والمتمثلة،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬منفذ‭ ‬بحري‭ ‬نحو‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وقد‭ ‬اتضح‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رفضها‭ ‬للقرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬1309‭  ‬الذي‭ ‬تضمن‭ ‬المبادرة‭ ‬الفرنسية-‭ ‬الأمريكية‭ ‬للسنة‭ ‬2000،‭ ‬والتي‭ ‬اقترحت‭ ‬حلاً‭ ‬سياسياً،‭ ‬إذ‭ ‬دعا‭ ‬آنذاك‭ ‬ممثل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المكلف‭ ‬بنزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬جيمس‭ ‬بيكر،‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬تفاوضي‭ ‬مستبعداً‭ ‬خطة‭ ‬الاستفتاء‭. ‬وًقد‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بالحل‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬الاقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬استقلالية‭ ‬ذاتية‭ ‬موسعة‭. ‬واقترح‭ ‬المشروع‭   ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الجزائر‭ ‬وموريتانيا‭ ‬بمثابة‭ ‬شاهدتين‭ ‬عليه‭ ‬وفرنسا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بمثابة‭ ‬ضامنتين‭ ‬لتعزيز‭ ‬التسوية‭ ‬وتنفيذ‭ ‬الاتفاق‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬قبل‭ ‬المغرب‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬الثالث‭ ‬ورفضته‭ ‬البوليساريو‭ ‬والجزائر‭.  ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬الذي‭ ‬تنادي‭ ‬به‭ ‬الجزائر‭ ‬هو‭ ‬رواية‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العرفي‭. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬على‭ ‬إسبانيا‭ ‬مبدأ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬كأساس‭ ‬لحل‭ ‬النزاع‭ ‬معها‭ ‬سلمياً‭ ‬دون‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬سنة‭ ‬1966،‭ ‬ولم‭ ‬تبد‭ ‬إسبانياً،‭ ‬آنذاك،‭ ‬أي‭ ‬حماس‭ ‬للتفاوض‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬المغربية‭. ‬إذ‭ ‬رفضت‭ ‬مدريد‭ ‬المقترح‭ ‬المغربي‭ ‬(الاستفتاء)‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اجراؤه‭ ‬سنة‭ ‬1967‭. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬صاحب‭ ‬الأرض‭ ‬يطالب‭ ‬دولة‭ ‬استعمارية‭ ‬بالاستفتاء،‭ ‬فلأنه‭ ‬كان‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬وفق‭ ‬مبدأ‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬مع‭ ‬إسبانيا‭. ‬ومن‭ ‬تم،‭ ‬وحسب‭ ‬اتساق‭ ‬الممارسة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العرفي،‭ ‬استغلت‭ ‬الجزائر‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬لتجعل‭ ‬"تقرير‭ ‬المصير"‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬الحل‭.‬
وأمام‭ ‬انسداد‭ ‬الأفق‭ ‬السياسي‭ ‬مع‭ ‬الجزائر،‭ ‬اقترح‭ ‬المغرب‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬سنة‭ ‬2007،‭ ‬وهو‭ ‬المقترح‭ ‬الذي‭ ‬لقي‭ ‬ترحاب‭ ‬دول‭ ‬عديدة،‭ ‬وكانت‭ ‬قرارت‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬تشيد‭ ‬بالمبادرة‭ ‬المغربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬انطونيو‭ ‬غوتيرس‭ ‬يؤكد‭ ‬في‭ ‬تعقيبه‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2440‭ ‬للسنة‭ ‬2018‭ ‬والقرارات‭ ‬السابقة‭ ‬1754،‭ ‬1783،‭ ‬مروراً‭ ‬بالقرارات‭ ‬الأخرى‭ ‬2044،‭ ‬2152…‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬2654،‭ ‬والقرار‭ ‬الأخير‭ ‬2703،‭  ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭.‬
في‭ ‬نفس‭ ‬السياق،‭ ‬أتت‭ ‬الاعترافات‭ ‬الدولية‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬مجموعة‭ ‬منّ‭ ‬القنصليات‭ ‬العامة‭ ‬للدول‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬المغربية،‭ ‬تعبيرا‭ ‬صريحا‭ ‬وواضحا‭ ‬من‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬مغربية‭ ‬الصحراء‭.‬
‭ ‬وإذا‭ ‬أخدنا‭ ‬كذلك‭ ‬مسألة‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬متجاوزا‭ ‬كمفهوم‭ ‬وممارسة،‭ ‬فان‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجماعية،‭ ‬البرلمانية‭ ‬والجهوية‭ ‬التي‭  ‬تنظم‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬كل‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬هي‭ ‬الأقوى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬جميع‭ ‬جهات‭ ‬المملكة،‭  ‬هي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬استفتاء‭ ‬شعبي‭  ‬للساكنة‭ ‬على‭ ‬مغربية‭ ‬الصحراء‭. ‬
كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬تطرح‭ ‬عدة‭ ‬أسئلة‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬تردد‭ ‬القوى‭ ‬الغربية،‭ ‬خاصة‭ ‬دول‭ ‬الشمال‭ ‬الكبير،‭  ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬مماثل‭ ‬للموقف‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬اعترفت‭ ‬بموجبه‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء‭. ‬فواشنطن‭ ‬أدركت‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬اليه‭ ‬المبعوث‭ ‬الشخصي‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بيتر‭ ‬فان‭ ‬ولسوم‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬رؤية‭ ‬الجزائر‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتحقيق‭ ‬وغير‭ ‬عملية‭ ‬ولا‭ ‬منصفة‭. ‬فالجزائر‭ ‬تريد‭ ‬خلق‭ ‬دويلة‭ ‬تابعة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اجندة‭ ‬توصلها‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬قادة‭ ‬جزائريون‭ ‬غير‭  ‬ما‭ ‬مرة،‭ ‬عبر‭ ‬مقترحات‭ ‬تم‭ ‬رفضها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭.‬
لقد‭ ‬أصبح‭ ‬لزاما‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬أمام‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الأفريقي‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬من‭ ‬تنامي‭ ‬التهديد‭ ‬الإرهابي‭ ‬والتقارير‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬وجود‭ ‬علاقات‭ ‬وطيدة‭ ‬بين‭ ‬الحركات‭ ‬الانفصالية‭ ‬والارهاب‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬(تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬وتنظيم‭ ‬البوليساريو)‭. ‬
فإذا‭ ‬كان‭ ‬المغرب،‭ ‬ومنه‭ ‬خلال‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬لا‭ ‬يتوانى‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تصورات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة،‭ ‬فقد‭ ‬افتضح‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬أمر‭ ‬الجزائر،‭ ‬حين‭ ‬كشفت‭ ‬دولة‭ ‬مالي‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الجزائريون‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬مالي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬باتفاق‭ ‬الجزائر‭ ‬للسنةً‭ ‬2015‭. ‬
فهل‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬قراءة‭ ‬مسارين‭ ‬مختلفين‭ ‬لصراع‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬جيوسياسي‭. ‬فالمسار‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬تقترحه‭ ‬الرباط‭ ‬وتتبناه‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بسيادة‭ ‬الدول،‭ ‬ولهذا‭ ‬لم‭ ‬تتواني‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬شراكات‭ ‬جديدة‭ ‬واعدة‭ ‬تلعب‭ ‬فيها‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬داخل‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬الإفريقي‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬ودول‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬مقابل‭ ‬مسار‭ ‬آخر‭ ‬تطرحه‭ ‬الجزائر،‭ ‬ويدعم‭ ‬خلق‭ ‬بنية‭ ‬فوضوية‭ ‬ستدخل‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬براثن‭ ‬الصراعات‭ ‬و‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬إلا‭ ‬بسقوط‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭. ‬
فهل‭ ‬من‭ ‬سامع‭ ‬للأجراس‭ ‬التي‭ ‬تُقرع؟
 
الشرقاوي الروداني/ خبير في الدراسات الجيواستراتيجية والأمنية