عبد الرحيم الوالي: يمكن لنعمان أن يغني لبنكيران "فيرتاح وينام" أما النمر السيبيري فلا وألف لا

عبد الرحيم الوالي: يمكن لنعمان أن يغني لبنكيران "فيرتاح وينام" أما النمر السيبيري فلا وألف لا عبد الرحيم الوالي
المُسَمَّى نعمان لحلو شخصٌ يقول عن نفسه إنه يغني ويُلَحِّن. ولا مانع من تصديق ما يقوله عن نفسه عملاً بالقول المنسوب إلى الجاحظ: "كُلٌّ يُعجِبُه طنينُ رأسه". فمن حق هذا الشخص أن يعتبر طنين رأسه غناءً وتلحيناً حتى وإن كنتُ لا أعرف شخصياً أي شخص يستمع لهذا "المغني" و"الملحن" المزعوم.
غير أن الشخص إياه لم يتوقف عند حدود ادعاء الغناء والتلحين لبنات وأبناء آدم، وإنما خرج قبل يومين ليزعُم لنفسه أنه يغني للنمور أيضا. وليتها كانت أيَّ نمور! بل يتعلق الأمر ـ حسب ما قاله المسمى نعمان لحلو ـ ب"نمر سيبيريا" الذي هو ـ حسب تصريحه دائما ـ أكبر النمور و"أصعبُها"، أي أكثرُها شراسةً. وتبعاً لذات التصريح فإن المسمى نعمان لحلو قد دخل على هذا النمر وغنى له. وحينما غنى له "ارتاح ونام".
كان من الممكن أن يبدو الأمرُ عاديا لو أن المسمى نعمان لحلو حرص على تنبيهنا إلى أن النمر المعني نمرٌ مُرَوَّض، وأنه دخل عليه بحضور مُرَوِّضِه أو مُرَوِّضَتِه، وعزف له مقطوعة موسيقية هادئة، وأن النمر تفاعل مع هذه المقطوعة واسترخى ثم نام. فتفاعل الحيوانات مع الموسيقى أمرٌ معروفٌ وليس المسمى نعمان لحلو هو مَن اكتشفَه.
لكنه ـ وعلى العكس من ذلك تماماً ـ حرص على أن يُظهر للناس شراسة النمر وضخامته، بل وأصر على أن يخبر الجميع بأنه أضخم  النمور وأكثرُها شراسة. وهذا ما يُخرج تصريحَه من دائرة المألوف والمعتاد، والمنطقي، ليُدخله في مدارات "الخوارق" و"الكرامات". ولعل هذا هو ما يرمي إليه هذا الشخص بالضبط. ولمَ لا؟ فالمغرب ـ كما يقال ـ هو "بلد المائة ألف ولي". ولا بأس إن انضاف إلى هؤلاء المائة ألف وليٌ جديد من "أولياء الله" وصارت لدينا زاوية جديدة تحمل اسم "الزاوية النعمانية". فهذا أحد أصناف التجارة الأكثر رواجا ونجاحاً في البلاد.
لكنْ، وعكسَ ما قد يذهب إليه العقلُ المسكون بالخرافة، فالعقول التي شحذها المنطق وصقَلَها العلم لن تقبل بهذه الخزعبلات. وستعتبر ما قاله المسمى نعمان لحلو ـ في أقل الأحوال ـ انفلاتاً تعبيرياً أو تصريحاً يفتقر إلى الدقة. أما في أسوأ الحالات فسيُعتَبَرُ الأمرُ بمثابة "سَلُوقية" سافرة. وما يعزز هذه القراءة الأخيرة هو أن صاحب هذه السلوقية ليس من عيار موزارت، أو بيتهوفن، أو شوبان، أو باخ. ولا هو من طراز أحمد البيضاوي أو عبد الوهاب الدكالي أو محمد عبد الوهاب أو فريد الأطرش. بل لقد فضح نفسَه بنفسِه في حلقة من برنامج التفاهة القصوى، المُعَنْوَن ب"رشيد شو"، حينما قام ب"تلحين" كلمات وجُمَل تم التقاطها في عين المكان من أفواه الحشد الذي كان يتابعه داخل الاستوديو. وهو ما جعل المهتمين بالموسيقى يقفون لأول مرة على ما يمكن تسميتُه ب"المدرسة الطاكوسية" في التلحين. 
وإذا كانت أنغام بيتهوفن وموزارت والذين من طرازهم لمْ تُنَوِّم جرواً، ولم يرد في سِيَرِهِم وآثارهم أنها قد رَقَّصَت عنزةً أو خروفاً، فهل تصدق عقولُنا أن "طاكوسيات" المسمى نعمان لحلو قد أنامت أضخم نمر في العالم وأكثر نمور الأرض شراسة؟
يصعُبُ عليَّ شخصياً أن أصدق الأمر إلا إذا ثبت لي أن المسمى نعمان لحلو أضخمُ من نمر سيبيريا المزعوم وأكثر شراسة وافتراساً منه. فهذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن يخاف فيها النمر السيبيري على ضلوعه من هذا "المفترس المغربي" فيستسلم للنوم أو يتظاهر بذلك حرصاً على سلامته. لكن المسمى نعمان لحلو ـ حسب علمي ـ لم يفترس في حياته غير أموال الدعم العمومي التي ظلت تقدمها له وزارة الثقافة بسخاء غير مفهوم، لكي ينهش بعد ذلك آذاننا بما يردده عن "هذا الدرب" و"تلك الدار" و"ذلك الزقاق"، حتى أنني كدت أتساءل أكثر من مرة هل هو "فنان" أم "مقدم".
ولعل كثيرا من الأسئلة تترامى أمامنا بخصوص السخاء الحكومي الذي تمتع به المسمى نعمان لحلو، على صعيد الدعم، خلال الفترة التي كان فيها المدعو عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة. فحين سُئِلَ الأول عن الثاني يوماً ما على شاشة التلفزة أجاب بما يكاد يكون لكنة مصرية: "ده حبيبي". ومع أنني لا أعرف نوع الحب الذي يربط بين هذا وذاك فسأصدق المسمى نعمان لحلو إذا خرج ليقول يوماً ما بأنه دخل على المدعو بنكيران، وغنى له، ف"ارتاح ونام". أما النمر فلا وألف لا. ولذلك فسأحتسب أمري عند الله وسأقترح أن يتم ضبط التاريخ الذي صدر فيه هذا التصريح وإعلانه رسمياً بمثابة "يوم وطني للسلوقية".