يوسف غريب: شكرا يا أشقّاءنا الإيڨواريين

يوسف غريب: شكرا يا أشقّاءنا الإيڨواريين يوسف غريب
يحتاج المرء مسافة زمنيّة كي يخرج من سكرة الإفتخار بوطنه وهو يتابع رفع علم ورمز بلده بين قارتي آسيا وأفريقيا آخر هذا الأسبوع خلال حفل اختتام فعاليات كأس القارّتين، ومشاهدة جد استثنائية جعلت الأرقام تقارب أكثر من ربع ساكنة المعمور..
ليس الأمر عاديا أن يرفرف هذا العلم الوطني وسط هذه الحشود الجماهيرية وبشكل متزامن بين القارّتين، وكأني أجد إحدى تنبؤات المرحوم الملك الحسن قد تحقّقت على أرض الواقع حين قال:
شعبي العزيز، مما يثلج الصدر ويدخل الفرح أنك حينما ستسير غدا لن ترى العلم المغربي وحده، بل سيكون علمنا المغربي الأحمر ذي النجمة الخضراء في مسيرتنا الخضراء محفوفا أولا بعناية الله وألطافه، وثانيا بأعلام أخرى لأشقائه الدول العربية والإفريقية،أعلام لها تاريخها ولها مجدها وصولتها وجولتها، ولها حضارتها ومستقبلها)
هي نفس المسيرة بصيغة أخرى وقد ارتقت بعلمنا الوطني  من التوظيف الدبلوماسي والأعراف البروتوكلية إلى المستوى الجماهيري للشعوب بمختلف مللهم ونحلهم..
ليس عاديا أن يهدى عميد المنتخب القومي الأردني إنجازهم التاريخي بالوصول إلى المقابلة النهائية لكأس آسيا أن يهديه للشعب المغربي في ندوة صحفية وأمام كاميرات العالم.. تكريما منه للأرض والبلد الذي أنجبت المدرب الدولي المغربي الحسين عمّوتة وبجميع الأطقم المغربية المساعدة..
ليس الأمر عادياً أن يرفع العلم المغربي في الحفل الأسطوري لاستقبال منتخب النشامى بالأردن..
لأن الأمر بما فيه من اعتزاز وافتخار بمغربيتك، فيه الكثير من هذا الحب والإحترام والتقدير لهذه الشعوب لكل ما هو مغربي وأكثر حتّى قيل بانّنا نُحِبّ.. فنحَب..
وهي معادلة استثنائية في العلاقات الدولية بين الشعوب، خاصة إذا استحضرنا هذه السعادة والأفراح التي كان المغرب سببا في نقل عدواها إلى هذه البلدان في الأردن كما في ساحل العاج أيضا..
وكأنه استرجاع لدين سابق يوم تقاسموا معنا فرحتهم بإنجازات منتخبنا الوطني بكأس العالم..
لكن السابقة التي لن تتكرّر - على ما اعتقد - هي لحظة تتويج المنتخب الإيفواري الفائز بنسخة 23 وأمام ثلاثة رؤساء، فضلاً عن رئيس الدولة رئيس الفيفا العالمية بجانب رئيس الكاف والمغربي  فوزي لقجع وهم يتابعون مع بقية مشاهدي العالم كيف أن عميد الفريق الإيفواري لحظة تسليم الكأس يلتحف بالعلم المغربي عوض علم بلاده..
لا أعرف كيف شعور ممثلنا هناك  فوزي لقجع لكن أغطبه على تواجده في هذه اللحظة والزمن والسياق...
لحظة تاريخية بامتياز تجعله يشكر الله أنّه ولد مغربيا، بل نتقاسم معه كل الشكر والحمد حين جعل بلدنا محبوبا بهذه الدرجة والجنون..كجنون هذه البطولة التي خطّأت كل التكهنات والتوقعات المنجّمين والمحللين أبرزها هذا البلد المنظم الذي عاد بفضل منتخب المغرب ليفوز بالبطولة.
صحيح أن منتخبنا المغربي غادر باكراً  وفق منطق الرياضة، لكن بقى العلم المغربي وقميصه في ساحل العاجل، بل وفي قلوب كل هذا الشعب الطيب المضياف والكريم..
ذاك ما يبقى حين ننسى كل شيء..
وفي جملة واحدة.. فقد كانت لهم الكأس وكان الأثر الطيب هناك.. ولو طرح هذا السيناريو على الطاولة قبل البطولة لاقترحته بديلا عن الكأس..
لكن بمنطق العدالة الإلهية دارت بين إقصاء منتخب مؤهل في الأوراق وبين منتخب عاد من الإقصاء ليفوز بالبطولة عبر هدف للاعب الإيفواري "هالر"  الذي هو نفسه عاد من موت بسبب مرض السرطان الذي كاد أن يقضي عليه.
هذا هو المشهد الأفضل في تاريخ بطولة أمم أفريقيا بل في تاريخ اللعبة من خارج الملعب ثم يخبرونك أنها مجرد لعبة..
بل لم تعد لعبة بهذا التقارب والتآخي  بين الشعوب والأمم...
شكرا لكم يا أشقّاءنا الإيفواريين على هذا الدفء الإنساني العميق.. الما فوق اللغة والدين واللون.. لأنه نابع من القلب
شكراً لكم على هذا الإحتفال / الإحتفاء  بعلمنا الوطني وبقميص منتخبنا عربون وفاء وتقدير ودرس أخلاقيّ لأبناء شنقريحة هناك..
شكراً للأقدار الإلهيّة التي أصبغت علينا نعمة المحبة وسط الشعوب
هي نفس الأقدار الإلهية التي حمت بيت الله الحرام من تدنيسها بأرجل هذا الجنرال السفّاح وحرّمته من أداء العمرة بعد أن عرضت عليه قبل يومين..
هي الأقدار.. تُصرف حسب مشيئة الله تبارك وتعالى
وماكان ربّك نسيّاً....! صدق الله العظيم 
 
 
يوسف غريب كاتب /صحافي