انهزم الاسلاميون الليبيون في الانتخابات، وعوض أن يعترفوا بهزيمتهم ويرضوا بنتائج العملية الديقراطية التي ''انخرطوا'' فيها، انقلبواعليها بعد ما لم تكن في صالحهم كعادتهم فاستنجدوا بالسلاح واحتكموا إلى العنف ومحاولة فرض وجودهم بالقوة فعاتوا في ليبيا همجية وتقتيلا وإجراما.
النازحون من ليبيا الى تونس ذكروا أن تنظيم" داعش" قاتل إلى جانب عناصر''عملية فجرليبيا''، وكانت تقارير سابقة أوضحت أن عدد المنضويين تحت تنظيم داعش يناهز 800 عنصرا كانوا يقاتلون في سوريا وقاموا لاحقا بتنصيب المدعو المهدي الحركاتي عمدة لمدينة طرابلس.
ويثير الاقتتال الدائر في ليبيا مخاوف كثيرة من تداعياته وتأثيره على دول الجوا،رتحديدا تونس، التي تستعد لاستحقاقات برلمانية ورئاسية في أكتوبر ونونبرالقادمين والتي من المتوقع أن تخرج تونس من هذه المرحلة الانتقالية في الحكم ''التي لن تترك إجمالا انطباعيا في الذاكرة العامة ''، كما يؤكد أستاذ القانون الدستوري والعميد الأسبق لكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والخبير السياسي والقانوني الاستاذ الصادق بلعيد، الذي دعا جميع المواطنيين للتصويت وهو يناشدهم ''فردا فردا، بأخد العملية الانتخابية القادمة بفرعيها الرئاسي والتشريعي على محمل الجد..'' وليعلم كل المواطنيين أنهم في آخر المطاف هم المسؤولون الوحيدون على ما ستؤول إليه أمورهم غدا ، وأن الإسهام في القرار السياسي هو الأساس لكامل العملية الديمقراطية لكونه يعطي لكل فرد الحق والفرصة للإسهام في تقرير مصيره هو بالذات.
ويتخوف الاسلاميون في تونس من تأثير وانعكاس هزيمة '' الإخوان'' في ليبيا في الانتخابات الأخيرة على مسارهم ومستقبل حزبهم ونتائجه في الانتخابات التي ستجري أكتوبر القادم في تونس. وتتخوف النهضة، التي اضطرت لمغادرة الحكم بعد ضغوطات شعبية وبعد فشلها في قيادة حكومة انتقالية مؤقتة واتهامها بالسعي الى الاستيلاء على مفاصل الدولة وتأسيس نظام تيوقراطي مستبد يلتف على كل مكاسب الثورة والمكاسب التي حققتها تونس كدولة مدنية حديثة واتهامها بالتسامح مع المتطرفين وغض الطرف عن حملة استيلاء السلفيين على المساجد (استرجع أغلبها في عهد الحكومة التكنوقراطية الحالية ) واستقدامها لشيوخ الوهابية من دول الخليج (قبل أن يتم نسف ومنع لقاءاتهم والتصدي لهم حتى في المطارات من طرف الشعب خصوصا المرأة التونسية ) كما اتهمت باللامبالاة وغض الطرف وعدم التدخل لردع وتوقيف أصحاب الفتاوي ودعوات التكفير والتهديدات بالقتل من طرف الإرهابيين والتي نفذت بالفعل باغتيال الشهداء: شكري بلعيد والبراهمي وغيرهما ممن عارضوا بشراسة حكم النهضة.
وتحمل أطراف كثيرة من الشعب ومن القوى السياسية، نقابية، نسوية ومن المجتمع المدني حكومة النهضة سكوتها و تسامحها مع قوى التطرف والإرهاب في بداية تشكل خلاياه الأولى في تونس ما بعد الثورة، هذا الإرهاب الذي مازال يحصد أرواحا كثيرة من أبناء تونس من الجنود وقوات الحرس والأمن الوطني وبعد أن وجد في الجبال الحدودية التونسية الجزائرية والعمق الليبي ملاذا وسندا من طرف مجوعات منضوية تحت تنظيمات إجرامية عالمية.
وتتحرك عدة أحزاب وطنية يسارية وتقدمية على شكل تحالفات وتكثلات لتدارك سلبيات الماضي وتعثرها في تجربة الانتخابات الماضية كما تتخوف النخب وشخصيات سياسية ومن المجتمع المدني من مقاطعة شريحة كبيرة من المجتمع اليائس والغيرالمبالي الشيء الذي سيستفيد منه أعداء الديمقراطية والحداثة والتقدم. وفي هذا الاطار ناشد الصادق بلعيد بالخصوص '' كل المستنكفين أوالممتنعين عن المشاركة وهم مع الأسف كثيرون أن يقتنعوا بأن عدم مشاركة في الانتخابات هو في الحقيقة بمثابة إسنادهم لحقهم الشخصي في التصويت لأطراف لم يختاروهم وربما لاترتاح إليهم ضمائرهم لهذا السبب فإنه يجدر بهم المشاركة ولو كان ذلك بوضع '' ورقة بيضاء '' في الصندوق.
كم ناشد بحدة '' أولائك الذين تحملوا بجهلهم كلفة الشان السياسي الاتعاظ بإفلاس تجربتهم في الحكم وان يفهموا ان تونس اليوم لن تكون مرتعا للمتطرفين والظلاميين وأن عهد النبوءات والخلافات قد ولى و راح بلا رجعة، واضاف مسترسلا في مناشداته في مقال لافتتاحية جريدة ''المغرب'' التونسية عدد 920 ''أناشد بكل قوة اولائك الذين تاجروا بالدين وتاجروا في ارواح العباد وفي ضمائر المواطنيين وقد اشتروها بمال وسخ .. و أولائك الذين بالصوت والصورة وامام دعاة الجهل والبغضاء جلبوهم من الخارج يتوعدون أطفالنا وأحفادنا وكأنهم فوج من الملائكة فوض الله لهم الفصل في أمرهم ، ان ياخدوا العبرة من تاريخ الامة الاسلامية منذ عهد الدعوة الى يوم الناس هذا في انه ما نجح واحد في استعمال الدين لنيل مآرب دنيوية وان القدر ما تأخر أبدا في قلب الامور ''وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون''.