صدر كتاب للدكتور محمد الدرويش تحت عنوان “ إبستمولوجيا النظر اللغوي: بعض قضايا النمذجة والتمثيل قضايا النظر” والكتاب من الحجم المتوسط 206 صفحة،نشر بكلية الآداب و العلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط ومؤسسة فكر للتنمية والثقافة و العلوم، ودعم قطاع الثقافة،وقد حلل الكتاب من زوايا نظر متعددة، الأبحاث التي تناولت مجالات العلوم الحقة من فيزياء وكيمياء ورياضيات وعلوم إنسانية من نحو و غيره من ابحاث لغوية ؛وهو ما يشير اليه الدرويش في مقدمة الكتاب إذ يقول :
يستخدم الباحث في العلوم الإنسانية، والإجتماعية، وعلوم الأرض، والفيزياء، والكيمياء، وغيرها من العلوم، لغة ذات مقدمات نظرية، وتصورية، وتمثيلية، تقوم على التجانس بين مكونات الإطار النظري الذي تستعمل فيه. ومهمة هاته اللغة هي الوصف والتحليل والتفسير لمكونات موضوع الدراسة بمفاهيم نظرية تصورية موضوعة وضعاً،
قائمة على التجانس بين المقدمات والنتائج .وللغة النظرية حدود نذكر منها:
تناهي مكونات الوصف والتفسير؛ جواز بناء جهاز لغوي تصوري وصفي تفسيري لجهاز تصوري تفسيري آخر. كونها لغة مصنوعة صنعاً نظريا ليس لها صلة بالواقع المادي .
والناظر في تاريخ الفكر البشري يلحظ أن الباحثين لم يهدأ لهم البال في أمور البحث عن أجوبة لأسئلة انطولوجية وجودية تطرح في كل عصر بأخلاقه الكتابية. وهو أمر لم تخل منه الثقافات سواء العربية منها أم غير العربية. وبناء عليه، نجدهم )أي الباحثين (ألفوا وأبدعوا في كل الميادين المعرفية؛ حيث عملوا على السعي لإتمام نواقص كتابات سابقيهم، أو شرح ما استغلق على الدارسين في كتابات سبقتهم أو عاصرتهم، أواختصار ما طال من أبحاث، أو تصحيح ما عدوه خطأ عند أصحابه، أوطرح أجوبة عن أسئلة لم يجب عنها في نظرهم.
ونعتقد أن النظر وإعادة النظر في ثنائية الفكر والعالمين، والعلاقة أو العلائق الرابطة بينهما، أمر واكب ويواكب وسيواكب الكون من جهة وجوده، وتاريخه، ومستقبله. فكل أمر ينقسم إلى أقسام كثيرة، ومتعددة من جهات مختلفة. فقد اختلف – مثلا – النظار في قضية ثنائية القديم والحديث، وتفرقوا قبائل وشيعا وفرقا. والحال أن ما هو قديم اليوم، كان حديثاً بالأمس، وما هو حديث اليوم فسيصبح قديماً غداً، لأن لكل عصر متطلباتِه وحاجياته؛ كما اختلفوا في قضايا أخرى..
ولتعميق هاته المقاربة يضيف الدرويش وضعنا مجموعة من الأسئلة، نطرح بعضها في هاته المقدمة، والبعض الآخر نبينه في ثنايا الرصد والتحليل قلب أبواب وفصول الكتاب. أسئلة لقضايا نعدها بوصلة توجيهية وخارطة طريق، تمكننا من إضفاء صفات المقبولية على طرحنا، وذلك بتوفر شروط ومعايير البحث العلمي الجاد، لدرجة تجعل نتائجه تدخل سوق النظر، وتكون جزءا من عمليات النظر وإعادة النظر، وذلك من مثل: ما هي الأصول، والأسس التي أقام عليها النحاة، واللغويون قواعدهم النحوية لضبط سيرورات الكلام العربي؟
وما هي الأصول التي كانت الأساس الذي انطلقوا منها في صياغة نظرياتهم اللغوية؟ هل أسسوا نماذجهم اللغوية على هاته الأصول بوعي منهم أم دون وعي منهم بها؟
ومن بين الأهداف والغايات التي نسعى إلى تحقيقها استخلاص المعالم المطموسة في الخرائط النظرية التي أقام عليها هؤلاء أنظارهم، حتى نتمكن من ملامسة الفضاء التصوري، وعمارته للنظر عموما، والنظر اللغوي خصوصا ."