عرفت هيئة الدكاترة العاملين بوزارة التربية الوطنية محطات نضالية منذ تأسيس الهيئة الوطنية لدكاترة قطاع التربية الوطنية المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل منذ سنة 2005 بفاس، وعرف هذا الملف مدا وجزرا كبيرين وبعد اعتصامات ناهزت 68 يوما كان الاتفاق على إدماج الدكاترة، عبر ثلاث دفعات بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، فبعد إدماج الدفعتين الأوليتين تم التراجع على إدماج الدفعة الثالثة من طرف الوزارة مما خلف استياء كبيرا لدى هذه الفئة.
ويأتي سياق إطار أستاذ باحث كنتيجة هذه النضالات، ويمكن اعتبار إدراج إطار باحث في النظام الأساسي المنسوخ والمنتظر نقطة ضوء إيجابية، من خلالها سيرد الاعتبار لهذه الفئة التي ستعطي لمنظومة التربية والتعليم إضافة نوعية من أجل الرقي بها إن تم استثمارها أحسن استثمار.
يبقى السؤال المحوري والأهم: ماذا تستفيد الوزارة من إدماج الدكاترة في إطار أستاذ باحث؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من مساءلة مهام الإطار الذي جاء به النظام الأساسي سواء المنسوخ أو المنتظر.
حسب المادة 35 تسند للأساتذة الباحثين في التربية والتكوين المهام التالية:
-التدريس بمراكز تكوين الأطر العليا التابعة لقطاع التربية الوطنية، سواء في إطار التكوين الأساسي أو التكوين المستمر، ووفق أنماط التعليم المحدد في النصوص الجاري بها العمل.
هذه المهمة من شأنها ابراز المكانة التي سيحظى بها الأستاذ الباحث وهي مكانة علمية فكرية تأطيرية تجعل من المنظومة تتوفر على خلفية فكرية تربوية.
-إغناء البحث العلمي في مجالات ذات صلة بالتربية والتكوين والمساهمة في تطوير أساليب ومناهج التدريس.
من هنا يمكن العمل على ابراز خلفية بيداغوجية للمدرسة العمومية، فآخر ما كان في هذا الشأن بيداغوجية الإدماج التي بجرة قلم تم الاستغناء عنها دون إيجاد بديل لها. وهذه نقطة من النقاط التي يمكن الاشتغال عليها وتأسيس مراكز بحث ديداكتيكية متخصصة من أجل بناء معرفة بيداغوجية تعتمد على الهوية المغربية وكذا كل منطقة من مناطق المغرب المتنوعة.
-الإشراف على البحوث والتقارير والأعمال الميدانية والمساهمة العلمية والتربوية الخاصة بالطلبة والمتدربين المتابعين للتكوين بمراكز تكوين الأطر المذكورة.
-تتبع ومواكبة أطر التدريس المتدربين خلال السنة الألى من تعيينهم.
-تقييم المعارف والمؤهلات والكفايات المكتسبة والمساهمة في لجان الامتحانات والمباريات والمداولات، وكذا المشاركة في عملية الحراسة.
هذه المهمات ستجعل من أستاذ باحث تحريك المهارات والكفايات التي راكمها عند انجاز بحثه، وبالتالي تقاسمها مع الفئة المستهدفة من أجل إغناء المكتبة المغربية بإنتاجات بيداغوجية.
-انتاج الموارد البيداغوجية المادية والرقمية والعمل على تحيينها وتطويرها.
تبقى هذه المهمة غاية بيداغوجية قصوى، كما يعلم الجميع أيام توقف الدراسة الحضورية في أزمة كورونا وهنا تبين جليا أن التعلم الإلكتروني عن بعد كان ضرورة ملحة، حيث واجهت الوزارة عوائق كبيرة وكثيرة منها بنك التعلمات الأساسية، مما جعل من الأكاديميات الجهوية الإشراف على انتاج كبسولات لدروس وتمارين لجميع المستويات، وهنا نؤكد على أهمية هذه الانتاجات خاصة أن التعلم عن بعد هو مستقبل التعليم شاء من شاء أو أبى من أبى، فالأستاذ الباحث يكفيه هذه المهمة كي يكون إضافة نوعية داخل المنظومة التربوية.
من هنا يتبين أن المهمات المنوطة بالأستاذ الباحث مهمات جد مهمة وضرورية، ولا يمكن الاستغناء عنها من أجل تطوير المنظومة البيداغوجية والتربوية، والوقوف بشكل واضح وشفاف عند الهندسة البيداغوجية للمنظومة ككل.