قبل أيام كنت قد كتبت مقالا بعنوان:" مشروع قانون 16.22 انتصار ام اندحار؟"، نشر بتاريخ 3 يناير 2024 ب "أنفاس بربس"، تنبأت فيه بإمكانية اندلاع شرارة الاحتجاجات بسبب التراجعات الخطيرة التي تضمنها مشروع قانون "مهنة التوثيق العدلي" الذي أحيل على القطاعات الحكومية في اطار مسطرة المصادقة.
هذه التراجعات التي تعتبر المداخل الأساسية لتطوير وإصلاح حالة مهنة التوثيق العدلي والتي كانت موضوع سؤال شفوي تقدم به فريق الاتحاد العام للشغالين بتنسيق مع النقابة الوطنية للعدول بالمغرب المنضوية تحت لوائه، والذي أجاب عنه وزير العدل برفض جهات معينة مطلب آلية الإيداع، وقد وافقت عليه وزارة العدل أثناء الحوار حسب تصريحات ممثلي هيئة العدول..! على اعتبار أن العدل ظل يعاني من إكراهات تشريعية على مستوى الممارسة المهنية.
وتعتبر آلية الإيداع " حقا للمواطن يضمن ويؤمن العملية التوثيقية، وتخوله الحق في ايداع ثمن البيع عند جهة مختصة تأمينا للمعاملة...".
والايداع أوصى به ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وهو من الآليات الأساسية لتحقيق جودة الخدمات التوثيقية تنزيلا للفصل 157 من دستور المملكة، وتطبيقا للقانون 19.54 بمثابة ميثاق للمرافق العمومية، والذي نص في مادته الثالثة، أنه يعتبر إطارا مرجعيا لجميع القطاعات الحكومية..
ومن المفارقات العجيبة أن المشروع الذي تبنته الوزارة الوصية في حوار مسؤول موثق بمحاضر حسب تصريحات ممثلي هيئة العدول تضمن هذه الآلية تنزيلا لدستور 2011، وتوصيات اصلاح منظومة العدالة، إلا أن قوى خفية" عفاريت" تدخلت من أجل عرقلة مسار تعديل قانون مهنة التوثيق العدلي خاصة، وتوصيات إصلاح منظومة العدالة عامة...
فكان أمرا طبيعيا أن يثور العدول في وجه لوبي التشريع الذي يمسك بخيوط التشريع بإحكام...، مطالبين السيد رئيس الحكومة بالتدخل لإنصاف هذه الفئة احتراما لدستور 2011 وتنزيلا لتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي أشرف عليه ملك البلاد محمد السادس..
وتفاعلا لما سبق ذكره، أعلنت هيئة العدول في سابقة أولى لها على مستوى الأشكال النضالية في بيان لها صدر يوم الأربعاء 24 يناير 2024 إضرابا وطنيا لمدة أسبوع ابتداء من 29 يناير 2024 الى غاية 5 فبراير 2024، تنديدا بالتراجعات الخطيرة التي تضمنها المشروع،وإجهازا للحقوق المكتسبة وعرقلة لتنزيل دستور 2011 وخاصة الفصل 157، وتوصيات إصلاح منظومة العدالة، ولا سيما "التوصية 52 التي نصت على: "مراجعة المقتضيات المتعلقة بودائع المتعاملين مع المهن القانونية والقضائية في اتجاه حمايتها وتحصينها".