يونس بوبكري: طالما لن نفعل المحاسبة.. فإن المغرب سيبقى تحت رحمة الفساد والمفسدين

يونس بوبكري: طالما لن نفعل المحاسبة.. فإن المغرب سيبقى تحت رحمة الفساد والمفسدين يونس بوبكري
في‭ ‬غياب‭ ‬سياسة‭ ‬رادعة‭ ‬للمسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬تبث‭ ‬تورطهم‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬فساد‭  ‬سواء‭ ‬المنتخبين‭ ‬أو‭ ‬المعينين‭ ‬بإختلاف‭ ‬مناصبهم‭ ‬أو‭ ‬وظائفهم‭ ‬وعدم‭ ‬تفعيل‭  ‬المبدأ‭ ‬الدستوري‭ ‬بربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة،‭ ‬فإن‭ ‬إشكالية‭ ‬الفساد‭ ‬وتضارب‭ ‬المصالح‭ ‬ستظل‭ ‬آفة‭ ‬تهدد‭  ‬مستقبلنا‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬شبكات‭ ‬وتقاطبات‭ ‬تعمل‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكاسبها،‭ ‬واستغلال‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬ومناصبها‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬لنهب‭ ‬الميزانيات‭ ‬العمومية‭ ‬وموارد‭ ‬البرامج‭ ‬الإجتماعية‭ ‬ويصبح‭ ‬معه‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬غطاء‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬ذاتية‭ ‬ضيقة‭ ‬والإغتناء‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬والمس‭ ‬بمصداقية‭ ‬وسمعة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬بتاتا‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬تشريعات‭ ‬جديدة‭ ‬تعنى‭ ‬بمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬أو‭ ‬تجريم‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬وبالمقابل‭ ‬غياب‭ ‬إرادة‭ ‬حقيقية‭ ‬لدى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭  ‬لتفعيل‭ ‬صلاحيات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرقابية‭ ‬ومبادئ‭  ‬دستورية‭ ‬ظلت‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق‭  ‬بعد‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬13‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬دستور‭ ‬المملكة‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬احترام‭ ‬مبادئ‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة،‭ ‬وربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخليق‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬زلنا‭ ‬نعاين‭ ‬أحكام‭ ‬قضائية‭ ‬لا‭ ‬تصادر‭ ‬ممتلكات‭ ‬ناهبي‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬وأسرهم‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬إدانتهم‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬الأموال،‭ ‬ومؤسسات‭ ‬دستورية‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تقاريرها‭ ‬كلاسيكية‭ ‬لا‭ ‬تلامس‭ ‬عمق‭  ‬الفساد‭ ‬المستشري‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وتدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭
 
. ‬وهو‭ ‬مايكشف‭ ‬عدم‭ ‬افتضاح‭ ‬أمر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬المنتخبين‭ ‬إلا‭  ‬بعد‭ ‬تدبيرهم‭ ‬لسنوات‭ ‬وتصدرهم‭  ‬للمشهد‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬مناضلين‭  ‬في‭ ‬أحزابهم‭ ‬وحصلوا‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬المواطنين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬هدفهم‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭  ‬ثروات‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬السمسرة‭ ‬ونهب‭ ‬الميزانيات‭ ‬العمومية‭ ‬والريع‭ ‬والمحسوببة‭ ‬والتغطية‭ ‬على‭ ‬الإتجار‭  ‬في‭ ‬المخدرات‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬بالبلاد‭.  ‬
 
لا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬صدور‭ ‬العديد‭ ‬من‭  ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬والمصادقة‭ ‬على‭ ‬العدبد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬والقوانين‭ ‬بالبرلمان،‭ ‬ويعتبرون‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬التحالف‭ ‬الحكومي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬عجز‭  ‬الحكومة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬قطيعة‭  ‬حقيقية‭ ‬مع‭ ‬‭ ‬الفساد‭ ‬وعدم‭ ‬انعكاس‭ ‬السياسات‭ ‬والبرامج‭ ‬الإجتماعية‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬القروي‭ ‬أو‭ ‬الحضري،‭ ‬ويوضح‭ ‬جانبا‭ ‬أساسيا‭ ‬عن‭ ‬خلفيات‭ ‬قرارها‭ ‬بسحب‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬10.16‭ ‬المتعلق‭ ‬بتتميم‭ ‬وتغيير‭ ‬مجموعة‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬والذي‭ ‬يتضمن‭ ‬مادة‭ ‬حول‭ ‬تجريم‭ ‬الإثراء‭ ‬«الكسْب»‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬المحال‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة‭ ‬السابقة‭ ‬والتأخر‭ ‬في‭  ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬يجرم‭ ‬تضارب‭ ‬المصالح‭  ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬والمسارعة‭ ‬الى‭ ‬تمرير‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬لفائدة‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬بعقوبات‭ ‬سجنية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭  ‬مؤشرات‭ ‬كلها‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭  ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬العمل‭  ‬السياسي‭.‬
 
وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬اليوم‭ ‬ينتظرنا‭ ‬عمل‭ ‬كبير‭   ‬لمواجهة‭ ‬هاته‭ ‬المعضلة‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭  ‬الأوان‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬مبدأ‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭. ‬والإعلان‭ ‬على‭ ‬حملة‭ ‬تطهيرية‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬أوجه‭ ‬الفساد‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬في‭ ‬انخراط‭ ‬فعلي‭ ‬وجدي‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬رئاسة‭  ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬ومختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬وبصورة‭ ‬تشاركية‭ ‬لمحاربة‭ ‬هاته‭ ‬الجريمة‭  ‬والمشاركين‭ ‬فيها‭ ‬بدون‭ ‬هوادة‭ ‬ولا‭ ‬انتقائية‭ ‬أو‭ ‬تمييز‭ ‬ومصادرة‭ ‬الممتلكات‭  ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬إعادة‭ ‬هيبة‭ ‬دولة‭ ‬الحق‭ ‬والقانون‭ ‬وإعادة‭ ‬الثقة‭ ‬للمواطن‭ ‬ومؤسساته‭.‬
يونس بوبكري، المنسق الوطني للجنة الوطنية للخبراء والقوانين بالهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب