خالد الشّيات: لهذه الأسباب لم يكن مفاجئا سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع.. وهذا ما ينبغي فعله 

خالد الشّيات: لهذه الأسباب لم يكن مفاجئا سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع.. وهذا ما ينبغي فعله  خالد الشّيات
نعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬الحكومات‭ ‬السابقة‭ ‬إشكالات‭ ‬كبيرة‭ ‬بخصوص‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬المغرب‭. ‬ليس‭ ‬كقانون‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬كممارسة‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬متعدّدة،‭ ‬وذلك‭ ‬عندما‭ ‬أتت‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬وسحبت‭ ‬المشروع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئا،‭ ‬قيل‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬نضج‭ ‬وإنضاج‭ ‬النقاش‭ ‬القانوني‭ ‬والواقعي‭ ‬المرتبط‭ ‬بهذا‭ ‬القانون‭.‬‮ ‬في‭ ‬نظري،‭ ‬أن‭ ‬مكافحة‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬هو‭ ‬منظومة‭ ‬وليس‭ ‬قانون،‭ ‬وإنما‭ ‬يرتبط‭ ‬بإيجاد‭ ‬صيغة‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬تركيبة‭ ‬قانونية‭. ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬موجودا‭ ‬بأدوات‭ ‬وتركيبات‭ ‬التنزيل‭ ‬قانونية‭ ‬وزجرية‭ ‬مناسبة،‭ ‬أو‭ ‬يوجد‭ ‬بأدوات‭ ‬هلامية‭ ‬فضفاضة‭ ‬يثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التأويلات.‬‮ 
 
 ‬لذلك،‭ ‬فالإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬منظومة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة،‭ ‬وإنما‭ ‬فالقانون‭ ‬نتيجة‭ ‬وليست‭ ‬أداة‭ ‬للمكافحة‭.‬‮ ‬والدّولة‭ ‬صارت‭ ‬تعي‭ ‬بأنه‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتغيير‭ ‬النّمطيات‭ ‬المتعددة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬الجوانب‭ ‬المرتبطة‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬اقتصادي‭. ‬وتغيير‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬ووقت،‭ ‬لكنه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تنزيل‭ ‬آني‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬التزامات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدّولي،‭ ‬وتحويلات‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬القيمية‭ ‬وفي‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أشكال‭ ‬متعددة‭ ‬للمحاسبة‭ ‬لشخصيات‭ ‬مرموقة‭ ‬في‭ ‬المجالين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬لذلك‭ ‬هي‭ ‬مقدمة‭ ‬لضوابط‭ ‬قانونية‭ ‬لربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬لما‭ ‬فيها‭ ‬تلجيم‭ ‬الفساد‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصوّرها‭.‬‮ ‬
 
لذلك،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الدّولة‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬مكافحتها‭ ‬لهاته‭ ‬المنظومة‭ ‬الرّيعية‭ ‬الفاسدة‭ ‬بأشكالها‭ ‬المتعدّدة‭ ‬سيكون‭ ‬بذلك‭ ‬مقدّمة‭ ‬لوضع‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬عام‭ ‬ومناسب‭ ‬ولمكافحة‭ ‬كل‭ ‬الظواهر‭ ‬الإجرامية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمالية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬‮ ‬اليوم،‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬أعذار‭ ‬كثيرة‭ ‬لمن‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬"تجميده"‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬ثلاجة‭ ‬القوانين‭. ‬اليوم‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬اقتصاد‭ ‬تنافسي‭ ‬منفتح‭ ‬قويّ‭ ‬ومندمج‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬العالمي‭ ‬والإقليمي‭.
 
‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أيّ‭ ‬نموذج‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نموذج‭ ‬يعاكس‭ ‬كل‭ ‬الأساليب‭ ‬الرّيعية‮ ‬‭ ‬وغير‭ ‬المشروعة‭ ‬لاكتساب‭ ‬ومراكمة‭ ‬الأموال‭.‬‮ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬المناسبة‭ ‬شرط،‭ ‬فإن‭ ‬إمكانية‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النّسق‭ ‬ستكون‭ ‬مقدّمة‭ ‬لإيجاد‭ ‬القانون،‭ ‬باعتباره‭ ‬تعبيرا‮ ‬‭ ‬لدخول‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬نموذج‭ ‬أنساق‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والإبتزاز‭ ‬المالي‭ ‬بالمغرب‭.
الدكتور خالد الشّيات، أستاذ القانون الدّولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة