والغريب في الأمر هو أن الذين من المفترض فيهم أن يُمَحِّصوا هذا التقويم وينتقدوه، ليجعلوا منه مغربيا قُحّاَ، سرعان ما جعلوا من الملك شيشونغ رمزا لهم، وبدأوا يؤرخون بهجومه الخرافي الأسطوري على مصر. وهذا ما نجده مُعْتَمَدا من طرف مدير المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أحمد بوكوس في موقع هذه المؤسسة المُحْدَثة بظهير شريف، والتي من أدوارها إبداء الرأي للملك في التدابير التي من شأنها الحفاظ على اللغة والثقافة الأمازيغيتين، والنهوض بهما في جميع صورهما وتعابيرهما.
لقد ترك بيان الديوان الملكي الخاص بترسيم هذه المناسبة الفلاحية الباب مفتوحا للحكومة، لكي تعمل على تنزيلها في إطار الحدود التي تضمن وحدة المغاربة وانسجامهم وتجذرهم في أرضهم. فهل ستعمل على تحقيق هذا الهدف النبيل؟ وجوابنا هو أن الحكومة عاجزة عن ذلك، لسبب بسيط هو أنها حكومة تنحاز إلى الطرح النزوعي العرقي العنصري. وليس أدل على ذلك، من إسناد رئيس الحكومة عزيز أخنوش ملف الأمازيغية إلى شخصية مسؤولة، التي ننقل تصورها عن الأمازيغية كما يتضح من خلال الكثير من أقوالها، والتي من بينها ما يلي:
- العلم المغربي علم صنعه الاستعمار
- نحن الأمازيغ لا صلة لنا باللغة العربية
- اللغة العربية الفصحى لا أساس لها في واقع أرض وسماء بلادنا”
- علال الفاسي ومحمد عابد الجابري من “الكائدين والماكرين والمتربصين بالأمازيغية
- عبد الله العروي مهووس بالعربية ومدافع عن مصلحة العرب المشارقة
- العرب قاموا بغزو شمال إفريقيا للاستلاء على الخيرات ونهب الثروات وسبي النساء
- عقيدة الغزو والنهب والسبي الراسخة لدى العرب تعود اليوم متمثلة في داعش
- أهل فاس يَحْظَوْنَ بالمناصب بسبب عرقهم ونسبهم
- أهل فاس ليسوا من هذا الوطن بل وافدين إليه من الشرق
- أغلب الأمازيغ “تنصلوا وتنكروا لجذورهم من أجل الحصول على وظيفة
- أغلب الأمازيغ يرتمون في حضن العروبة
- الأمازيغ جبناء وجهلاء ومتنكرون لذواتهم
- الأمازيغ يتميزون بـالغباء السياسي والاستكانة للذل واحتقار الذات
فهل من يقول مثل هذا الكلام العنصري، يُنتَظَر منه أن يقدم استشارة متوازنة فيما يتعلق بالتقويم الذي ظل المغاربة طوال تاريخهم يسمونه برأس السنة الفلاحية؟، وهل صاحب هذه التصريحات بإمكانه أن يراعي وحدة المغاربة ويعلي من شأن رموزهم التاريخية، ويراعي مصلحتهم جميعا دون استثناء ودون تمييز؟، وهل من يقول هذا الكلام يستحق صفة مسؤول؟
نختم ونقول: إن الطبيب الجراح السيء لا يجني إلا على مريض واحد، هو ذاك الذي وقع تحت يديه، بينما الأستاذ السيء فقد يجني على مجموعة من الطلاب بمختلف مستوياتهم، أما المسؤول السيء، فإن وضعه خطير، لأنه قد يجني على شعب كامل.