علينا أن نفهم أن عملية سحب مشروع المرسوم حول" الأثراء غير الشرعي " أو بلغة التعادليين" من أين لك هذا" لم تكن بريئة...
ربما كان ضمن مقايضة سياسية...
أو خوفا من الانهيار السياسي..
فمن الصعب في المغرب أن تصير من المليارديرات منطلقا من الصفر إلا في حالات قليلة، حالفها الحظ...
المغاربة يعرفون رائحة الصرف الصحي المالي حد القرف...
فالذين راكموا الثروة، في زمن قياسي... يخافون من قانون تجريم الأثراء غير المشروع...
يخافون... ويهربون نحو أحضان الاستجارة الحزبية أو تشكيل شبكات متعددة المواقع...
من يخاف من تجريم الإثراء غير المشروع...
والسؤال عن مصدر الثروة...؟
من...؟
غير الفاسدين... والمرتشين... والنصابين... والوسطاء... وتجار المخدرات...
سحب هذا القانون... أثلج صدر الفاسدين طبعا.. وكان في زمن قياسي..
كأنه كابوس وأزيح...
فلا يخاف منه غير فاسد أو مرتش... أو مجير لفاسد...
كما أنه لا يخاف من مساءلة المجتمع المدني عن أصل الثروة غير فاسد أو داعم للفساد...
المجتمع المدني قوة رقابة وقوة ضاغطة... ودورها أن تسلط الضوء على الفساد حين يرتبط بالسياسة والسلطة والنفوذ.
ما يعرفه المغرب الآن من كشف لملفات الفساد... واستغلال النفوذ والسلطة للاغتناء غير المشروع، يعيد سؤال قانون تجريم الأثراء غير المشروع للواجهة...
والسؤال الجوهري... هو السياق الذي تم فيه سحبه، مع تهديد المجتمع المدني بالمتابعة وسحب الأهلية منه للترافع ضد الفساد...
هي أسئلة جوهرية تلامس جوهر الديمقراطية في البلاد...
وعلاقة الانتخابات بالمال والفساد وتدوير النخب الفاسدة....
لا يمكننا أن نخاف من الديمقراطيين ومحاربتهم ومحاباة تجار الانتخابات سياسيا ضمن منظومة تبادل المصالح دون أن نغتال الأمل...
فصناعة اليأس تبدأ من رؤية الفساد والإفلات من العقاب، والخوف من السياسي الآخر المستقل الإرادة السياسية
لنكن صادقين... فإما أن نمضي نحو المستقبل بحزم مهما كانت العملية مؤلمة ومعلقة سياسيا أو نرهن المستقبل المغربي في أياد المهربين وتجار المخدرات والفاسدين، وأغنياء الانتخابات...
من يخاف من سؤال " من أين لك" ويبخسه تهريجا... هو الآن محط مساءلة مجتمعية...
من حاول أن يضيق على المجتمع المدني وظيفته في فضح الفساد هو نفسه محط مساءلة جماعية....
فالأحزاب تخدم الوطن وتؤطر المواطنين، وليست ملاذا لحماية اللصوص المهربين والفاسدين...
يغلبنا المال الفاسد في كل محطة انتخابية...
يغلبنا فقر شعبنا...
لكننا ما يقتلنا حقا أننا وحدنا...لأننا لا نملك مكر الفاسدين ورضا المهرولين نحو السلطة...
فلا تسرقوا من أبنائنا وبناتنا المستقبل..