على قدر التفاهة... والريع الخفي...
على قدر الغنيمة سنسمع عن رجل السنة... وامرأة السنة...
سيفوض هذا القرار الملتبس للحمقى...
سيرتفع صوت الولاءات
والخوف والمقايضات...
والعلاقات والشهوات....
من هي شخصية السنة....؟
من يدخل المزاد...؟
قد يتم اختيار من يهربون من الضوء...ومن الزوم.... ومن التقارير..
لأن من الضوء ما هو قاتل .....
لا عيب في شيء من الضوء مالم يخف أصل الضوء...
فالضوء بالمغرب كالكهرباء له ضباط وعدادات ومقاييس...
فلا تقتلوهم باسم المحبة.... فالمحبة في المغرب نقمة لا نعمة... لأنها لا تقبل التقاسم كالولاء والعهود...
وسيُختار من لا نعرف... رجالا بقبعات وآخرين أكثر أمانيهم أن يظلوا في الظل...
ففي المغرب ثمن التميز أحيانا العودة للظل ولو دون ضوضاء ولا جنازة.
نعم.. ثمن أن تكون الأول والمتصدر والمبادر في المغرب أن تختفي... أن تشي بك نخبة خدام الدولة، ويقرر فيك مصير الخروج من دائرة الضوء...
عليك... أن تقيس نجاحك...
عليك أن تقيس بهاءك...
عليك أن تعرف قدرك...
عليك ألا تكون الأول... ولو على صفحات الغرب..
فالثمن سيكون إحالتك على المعاش...
مع حفل تكريم وسلام على المكرمين والمتوجين والمنسيين..
لهذا... تم تفويت هذا الوهم الجديد لقبائل الفيسبوك....
يختارون شخصيات السنة...
ويتفاوت التهافت حسب التهاطل.....
سيتم تمييع هذا التقليد في طين التفاهة حتى نفقد ثقافة الرموز...
سيختار التافهون التافهين...
وسيكون علينا أن نتقبل من لا نعرف... ولا ندرك قيمتهم الإنسانية والحضارية... حتى لا يرمى بنا خارج الإجماع القاتل...
سيتم ملء الصفحات بشخصيات العام...
من كل صوب وفج كالفطر...
سنجلس نحن الذي يقتلنا الضجر...
ونختار... في هدوء شخصيات السنة...
نحن... نختار يا سادة....
أمهات الجبال الباردة اللواتي تحملن كل أوغاد الوطن..
هن شهداء الأسرة البيضاء حين يرحلن وهن يحلمن ببسمة رضيع مات على الطريق...
هن كل النساء اللواتي يطفن ببطاقة الرميد من أجل طبيب يكشف عن أوجاعهن... عن أرحام تنزف... عن أثداء تتصحر... عن مفاصل تتحجر... عن شرايين تتبدد... عن قلوب منفطرة من وجع الأيام ووجع الأسقام...
هن النساء اللواتي... يتنظرن كل عيد أن تفتح السجون لأبنائهن ويعودون للحياة التي سلبت منهم لأنهم كانوا يحلمون فوق العادة...
سنجلس معا بهدوء لنختار نساء العام...
سنختار أمهاتنا اللواتي مازلن يتحملن أوغاد الوطن ويهتفن باسم الملك....
سنختار أمهاتنا اللواتي ما زلن لم يفقدن الأمل رغم أنهن يهن ويبكين حجرا حيث حللن فقط لأنهن مجرد نساء عاديات وهن في العمق معجزات... استثنائيات...
فمن المعجزات أن تكون أما بالمغرب... وتلد... وترضع... وتسهر وتموت على الرصيف....
أمهاتنا.... هن شخصيات العمر... هن الحيطان والكروم وحقل الزيتون والخيام وطلعة الربيع ولبن الطريق..
هن رغيف الغبش... وكعك المساء... ودفء الأسرة...
هن... الوطن والحلم والطريق...
هن الشهيدات اللواتي لا يمشي في جنائزهن الكبار... ولا تطلق المدفعيات النار.... ولا تنكس الرايات.... لكن تحمل نعوشهن الملائكة و يشبع في رحيلهن الصغار والغرباء...
هن جبهة العودة ... وكحل البندقيات... ودموع الحزانى والضائعات..
هن آخر اختبار الحضارة المزيفة.. هن عار الإنسانية المنمق وراء أسوار دور العجزة ... وعلى الطرقات....
وطن متصالح سوي لا يستثمر في دور انتظار الموت.... ولا في الموت..
هن فضيحتنا حين ندفنهن حيات... وننسى ضجيج سرتنا...
هن الجميلات اللواتي لا يشخن حتى نختفي في أوهام الحياة... وننسى نبع الحياة... متحججين بالفراغ والتعويذات والمتاهات...
سنختار أمهاتنا... اللواتي.. ما زلن حيات في زمن متن فيه مليون مرة...
سنختار الأمهات اللواتي رحلن لأن أوغاد الوطن باعوهن الوهم والسم والموت البطيء...
وسنختار كل الآباء...
الآباء ياسادة...
يا لهم من معجزة...
كيف يتحملون كل هذا القرف....
كيف يصلون للوطن وهم في المحن...؟
كيف يتحملون أعطاب أجسادهم ولا ينعلون الغفر...؟
كيف لهم هذه القدرة على الصفح والغفران والمضي بسلام...؟
سنختار من رحل منهم...
فكل أب رحل قبل الأوان...
شهيد محتمل بيد الموت الخفية... بخنجر الخذلان والعجز... والتجاهل والخديعة...
الآباء لا يقتلهم الفقر... بل تقتلهم صفعة لا ترد... شتيمة لا تتبدد.. قهر أثقل من صخرة القدر...
أمهاتنا... مرة أخرى...
سنكرم أمهاتنا...
من ما زلن حيات يتحملن كل هذا العبث ويضحكن في وجوهنا حول طعام لا يبور... ورجاء لا يكسد... لأنه يعطى ولا يباع ....يقدم مع الطعام والوجع... مع الدعاء والسفر.... وحدهن القادرات على البسمة والوجع يقطع أحشاؤهن... على الشبع بلا وليمة... والفرح حين تفرح زوايا الدار والجار....
سنكرم من رحلت منهن... فكل أم ترحل تترك فقدا قدر الوطن...
أما أنتم...
فاختاروا ما شئتم...
اختاروا الحمقى والمجانين...
اختاروا الجلادين والعطارين..
اختاروا عسس المواخير والقوادين..
اختاروا المؤخرات والمقدمات...
نحن هذا اختيارنا...
ومعنا المسيح وكل الأنبياء...
ومعنا السكارى والمتصوفة...
ومعنا القادة والشعوب...
ومعنا ... الله...
ومن غير الله يقدر الأمهات حق قدرهن...
لأن الشهداء أحباب السماء...
والأمهات شهيدات برصاص القهر...
الأمهات لا يقدمن رشوة لأخذ صورة على الطريق...
ولأننا لسنا مزيفين....
ونكاية بالتافهين سنضع صور الأمهات والآباء جميعا...
هم أحق بالتكريم في زمن التفاهة...