روتيني اليومي بين ما هو رياضي و روحي :
لم يكن مجال كرة القدم في معزِل عن باقي المجالات التي سطع فيها نجم المغرب واهتمت به محركات البحث في مختلف المواقع الإلكترونية على غرار مشاركاته الأخيرة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم سواء في قطر أو باستراليا، بل سبق وتسيد لسنوات عدة العالم والعالم الإسلامي خاصة في المجال الروحي.
فوفقا لإحصاء منظمة "اليونسكو"، تتبوأ المملكة المغربية المرتبة الأولى على قائمة حفظة القرآن بأزيد من مليون ونصف المليون شخص، 40% منها تتمركز في جهتي سوس- ماسة و مراكش-آسفي .
فإذا كانت كرة القدم هي ثمرة عمل قاعدي أُسّسَ له مند أكثر من عقدين من أجل التجويد والرقي بمستوها على اعتبارها أحد الأعمدة لما بات يعرف بالدبلوماسية الناعمة، والتي من شأنها الدفع بالمغرب والمضي قدما إلى الأمام في ظل التموقعات الجيوستراتيجية الحالية، فمن جهة أخرى، تفوق المغاربة في كبريات المسابقات الدولية في حفظ القرآن وكانت ماليزيا، الإمارات، قطر والسعودية بعض المحطات الشاهدة على هذا التفوق، بل أكثر من ذلك أصبح النموذج المغربي رائدا في مجال التكوين الديني العتيق. فبدأ يصدر أطره إلى عدة أقطار إسلامية بل جل القارات، ليتم بذلك الدفع بحدوده الروحية في أعماق أفريقيا ؛ وتأتي تصريحات وزيرة خارجية السينغال في مارس 2023 لتؤكد تمدد إمارة المؤمنين إلى الأراضي السينغالية ولتثمن بذلك النموذج المغربي كرائد في المنطقة.
وبعيدا عن أي استقراء فطري للمسألة، فإن هذا النفوذ الروحي الذي يزخر به المغرب دون غيره من بلدان الغرب الإسلامي لا يمكن أن يكون سوى مسألة ربط الحاضر بتاريخه الذي يرجع إلى عهد المرابطين حيث حرص في ذلك الحين على ضبط علاقات تجارية منتظمة وإرساء تواصل روحي بين ملوك المغرب وقبائل وشعوب هذه المنطقة، وعلى غرار ذلك يمكننا فهم سياق هذا الربط العمودي والأفقي الذي يؤسس له المغرب في الآونة الأخيرة مع أشقائه الأفارقة بغرض العبور إلى مستقبل مشرق.