محمد بنطلحة الدكالي: اللعب على الحبال

محمد بنطلحة الدكالي: اللعب على الحبال محمد بنطلحة الدكالي
الخرجة الأخيرة لوزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف عبر موقع لقناة الجزيرة القطرية، شكلت مفاجأة للملاحظين وكثير من القنوات الإعلامية الوطنية والدولية، حيث تحدث بلغة رومانسية مؤثرة موغلة في الطوبى، إنه" حلم" بناء المغرب العربي وأن" هذا الحلم لايمكن أن يقضى عليه"، وأنه ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يبنى فيه هذا الاتحاد..!! وزاد موضحا أنه فيما يخص العلاقة مع المغرب أن" الجزائر هي الأكثر ميولا إلى الإسراع في إيجاد حل".

كلام لايشبه الكلام سمعناه من حضرة هذا الشيخ العارف حتى خلنا أنفسنا في خلوة تشع نقاء وصفاء وطهرانية... ولم نكن نحن الوحيدين الذين استلذوا بهذه الخمرة الروحية..حيث إن مجلة" أتالايار" الإسبانية وصفت هذا التصريح ب" التغيير الذي يأمله الملايين من الجزائريين والمغاربة".

هذا الحلم/ البروباغندا سيتحول بعد أيام قليلة إلى كابوس،حيث عرى النظام العسكري الجزائري عن وجهه الحقيقي في الخطاب الذي كلف الرئيس تبون بتلاوته أمام غرفتي البرلمان والذي كان من المنتظر أن يبث مباشرة قبل أن يتقرر الاكتفاء ببث مقاطع منتقاة منه،لقد ردد على مسامع العالم أجمع أن بلاده تدافع عن انفصال الصحراء في إطار" دعمها للشرعية الدولية"،وربط الأمر أيضا ب" مبادئ الثورة الجزائرية" واصفا المغاربة ب" الأشقاء" وأن دفاعه عن مرتزقة البوليساريو " ليس كرها للمغاربة"..!!.

ترى ماهو سياق هذا العشق الممنوع؟ وكيف انتقلتم من خطاب " مرحلة اللاعودة" إلى الرغبة في " الإسراع بإيجاد حل"..!؟.

لقد ذهب شهريار يبحث عن معنى هذا الكلام المباح حتى أدركه الصباح، فوجد أن الأشقاء يخوضون هذه الأيام حرب مواقع ضارية في كل المنتديات والهيئات الإقليمية والدولية حتى لايظفر المغرب بمقعد أو مسؤولية، وأنهم يمولون جماعة إرهابية لزعزعة استقرار المغرب، وإنهم يسابقون الزمن في شراء وتكديس أسلحة الخردة من أجل مواجهة عدو هلامي إسمه المغرب، وأن نظام العسكر قد هالته الانتصارات الدبلوماسية المغربية المتتالية، لذا نجده يرغد ويزبد محاولا جاهدا فرملة هذا التفوق المغربي عبر دبلوماسية الغاز، وسلك كل الطرق اللامشروعة من أجل معاكسة المملكة المغربية وعرقلة كل المساعي التي تروم إنهاء ملف الصحراء المغربية وذلك على حساب قوت وكرامة الشعب المغلوب على أمره، وأنهم يتخذون من عداوة المغرب عقيدة وإيديولوجية ثابتة تدرس في الحضانات والمدارس والجامعات، بل لقد أصبحوا يمزجونها حتى مع حليب الأمهات.

إن اللعب على الحبال أضحى مشهدا مقرفا في سينما الخيال.  تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم تنتصر لرابطة الدم والتاريخ الحقيقي، العالم يسير نحو الاتحادات والتكتلات، تعالوا لنجعل من تحويل " المغاربية"  Maghrebinité  من مجرد شعار إلى ضرورة مجتمعية عبر ترسيخ أدلوجة دولتية Idéologie étatique تتوفر على إجماع عاطفي ووجداني وفكري بين أبناء المغرب العربي.

إن تحقيق هذا الرهان يرتبط بالإرادة الصادقة وليس برغبات إنشائية يمحوها واقع النهار.
تعالوا نمد الأيادي بصدق لأن لنا موعدا مع الزمن،يجب أن لانخطئه، والتاريخ فرص تستغل أوتهدر وليس مجرد كلام منمق ووقت يمر...