ذا كانت القوانين الدولية تعطي الحق للضحايا في النسيان، فإن المغاربة ضحايا الترحيل القسري من الجزائر بعد مرور 48 سنة، يرفضون النسيان، وكل سنة وبالضبط في شهر دجنبر يستحضرون ما وقع لهم في خضم تخليد عيد الأضحى، عشرات الآلاف من المغاربة، كانوا يقيمون بشكل قانوني، تم اقتحام بيوتهم ومصادرة ممتلكاتهم، وتشتيت أسرهم، وترحيلهم وكأنهم مجرمين نحو الحدود المغربية الجزائرية، ردا على تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء.
شيوخ وأطفال ونساء ومرضى، لم يدر بخلدهم يوما، أنهم ذات يوم سيقع لهم ما وقع، وقد كانوا يعيشون بسلام وأمن، بل من المرحلين تعسفا، من حمل السلاح في وجه الاستعمار الفرنسي، وآوى المقاومة الجزائرية، حتى نالت هذه الأخيرة استقلالها، لكن ولحسابات انتقامية، قام نظام المقبور، بجريمته الإنسانية، بعد أن رأى ورأى العالم كله، مسيرة خضراء اجتمع فيها مغاربة الشمال لاسترجاع اراضي الجنوب..
بعد 48 سنة، هل ما زال الجرح عميقا؟ وما رسالة الضحايا بعد قرابة نصف قرن؟
جريدة "أنفاس بريس" تنشر شهادات صادمة للضحايا:
لست من المؤيدين لتخليد هذه التراجيديا وانحصارها في يوم أو يومين من السنة، ما وقع لنا في دجنبر 1975، هو مأساوي، ويجب أن يبقى محفورا في الذاكرة طوال السنة، ما دام أن المأساة مستمرة إلى اليوم بعد 48 سنة، بل وتزداد الجراح عمقا، ولن تمحوها السنين، إلا بعد اعتراف الجزائر بما اقترفته في حق عشرات الآلاف من المغاربة.
48 سنة التي مرت على الفاجعة، كلها جراح غائرة. مات الضحايا وهم يحملون غصة نتيجة الحكرة التي تعرضوا لها من قبل النظام العسكري الجزائري، وأيضا ما تعرضنا له نحن الأطفال الذين رافقوا أسرهم. ويزداد الجرح بالنسبة للزوج أو الزوجة التي فصلوها عن زوجها أو زوجته لأن الزواج مختلط "مغربي جزائري"، فتم فقدان الأبناء نتيجة هذا الفصل التعسفي للأزواج، كبرنا في ظل هذه المأساة والتشتت الأسري، ومصادرة الممتلكات، ونعيش مع جراحنا بشكل يومي. لم ولن ينمحي، وهذا ما يجعلنا في جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، نناضل باستمرار وطوال السنة وعلى مر السنوات، من أجل إنصاف الضحايا، نضال على الصعيد الوطني والدولي.
على الحكومة المغربية تبني هذا الملف، على المستوى الشعبي والرسمي والدولي، الإعلام بدوره مطلوب منه تسليط الضوء على هذه المأساة، على البرلمان والجمعيات الحقوقية والأحزاب السياسية لعب أدوارها والقيام بما يجب القيام به من أجل تحسيس الضحايا أنه بعد 48 سنة لم يتم التخلي عنهم ولا عن خلفهم. فملف المغاربة المطرودين من الجزائر، رديف لملف الوحدة الترابية، بل لهما علاقة جدلية، لأن حدث الطرد وقع نتيجة تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء. نحن نحاول قدر المستطاع رد الاعتبار للضحايا الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف.
بالنسبة للجزائر ستظل قضيتنا وصمة عار في جبينها. لقد اعترفت ضمنيا بحدث الطرد التعسفي، وعليها بالمقابل الاعتذار للضحايا، كما عليها سلك نهج المغرب حين تصالح مع ماضيه الأليم.
ميلود الشاوش، رئيس جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر