سعيد بنيس: مأسسة أخلاقيات البحث العلمي تظل شرطا أساسيا للإنتقال الجامعي بالمغرب

سعيد بنيس: مأسسة أخلاقيات البحث العلمي تظل شرطا أساسيا للإنتقال الجامعي بالمغرب يشدد سعيد بنيس على أن مأسسة أخلاقيات البحث العلمي تظل شرطا أساسيا للإنتقال الجامعي بالمغرب
اعتبر سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن بحث الدكتوراه يتجاوز المنطق العلمي والبحثي والجامعي إلى المنطق الأكاديمي، حيث تتموقع من هذه الزاوية مسألة الأخلاقيات قبل جدوى النتائج، فيما تمثل لجنة الأخلاقيات، لجنة محورية تبث في قبول، أو رفض المواضيع، وهي اللجنة التي تقرر في الجانب الأخلاقي للبحث، واحترام، وضمان حقوق أفراد مجتمع البحث، وكذلك في جدوى المنهجية وجدة مشروع البحث، مشددا أن مأسسة أخلاقيات البحث العلمي، تظل شرطا أساسيا للإنتقال الجامعي بالمغرب حيت  تفرض هذه المسألة لزاما إحداث لجنة، وطنية للأخلاقيات تتبعها مناظرة، وطنية لتدبير، وضبط ممارسة البحث الأكاديمي بالمغرب في أفق خلق لجنة للأخلاقيات داخل كل جامعة بموزاة اللجنة العلمية، ومجالس المؤسسات.
جاء ذلك في مداخلة لـ"سعيد بنيس" حول "الأطروحة في الجامعات الأنجلوساكسونية : تجارب مقارنة ودروس مستفادة"، قدمها في إطار الورشات التكوينة في مهارات إعداد أطروحة دكتوراه في العلوم الاجتماعية المنظمة من طرف كلية الآداب والعلوم الإنسانية، يوم الخميس 21 دجنبر 2023، بتنسيق مع مجموعة الأبحاث، والدراسات السوسيولوجية والأنثروبولوجية. 
وأضاف بنيس أن موافقة لجنة الأخلاقيات، أو رفضها شرط أساسي للترشح لمشروع الدكتوراه، كما أن هناك عدة أمثلة على دور هذه اللجن في ضبط ايقاع البحث الأكاديمي، ففي سنة 2003 تم منع أطروحة دكتوراه حول علاقة المثليين المورمون بكنيستهم، تم المنع من طرف لجنة أخلاقيات جامعة Brigham Young University. وفي نفس السنة تم منع أطروحة حول الحماية الاجتماعية التي توفرها الكازينوهات لعمالها المكسيكيين والفلبنيين من طرف لجنة الأخلاقيات لجامعة أوكلا UCLA بعد أن رفعت دعوة ضد الأطروحة. ننتقل في هذا الصدد من من أخلاقيات البحث إلى الأخلاقيات في البحث. كما أن الأخلاقيات ترتبط أساسا بحيثيات البحث الكيفي على أساس أن البحث الكمي يضمن بصورة نسبية شرط السرية وهناك يالموازاة حاجة للضبط الأخلاقي للبحث الأكاديمي في أفق إطار يوجه ويحمي ويشجع على البحث العلمي الرصين. 
سعيد بنيس أبرز أيضا أن العلوم الاجتماعية، تصير لهذا السبب في محك حقوق الإنسان، وارتباطها بها هو ارتباط عضوي، من خلال وثيقة موافقة المبحوثين، وأفاد أنه بحسب المعايير، والأساسيات الأخلاقية المعتمدة بالجامعات الأكثر تصنيفا، يبدو أنه من الضروري على الباحث الأكاديمي أن يبرم اتفاقا مكتوبا مع أفراد مجتمع البحث أو مسجلا يدلون فيه بموافقتهم الانخراط في البحث من خلال وثيقة موافقة المبحوث أو ما يسمى بالأنجليزية "Consent Informant Form"، وعلى الباحث كذلك أن يطلعهم على جميع حيثيات البحث وماهية مضمونها، وبهذا ينتقل مجتمع البحث إلى مشارك ومساهم في تقدم وتعميق البحث وجدته وجدواه. وفي بعض الحالات يصبح لزاما مشاركة المبحوث نتائج البحث وقراءتها وإبداء موافقته أو تحفظاته على بعض تداعياتها ، لاسيما عندما يتعلق البحث بمجموعات مغلقة، أو بأقليات، أو بمواضيع يمكن أن تعرض المشاركين فيها للخطر. 
ومن هذه الزاوية أضحى البحث العلمي والأكاديمي، يضيف المتحدث ذاته، مرتهنا بمصفوفة من الحقوق الفردية والجماعية تفضي إلى انخراط إرادي ومسؤول للمبحوث من خلال اطلاعه وإلمامه بفحوى أهداف البحث، وعامة تتأرجح هوية الباحث في نص الأطروحة  بين  الأنا والنحن وصيغة الغائب (المدرسة الفرنكوفونية  ) لكن في المدرسة الأنجلوساكسونية يتم اعتماد صيغة " الباحث" مثل " يقترح الباحث اعتماد نظرية ..."   و'' يرتكز الباحث على فرضية ..." 
أما الكتابة الأكاديمية ( AcademicWriting  )، يقول بنيس، فتعتمد إجمالا على مبدأ  النسبية وتتم تنحية وتجنب الوثوقيات واليقينيات وتجنب خطر التداخل بين الصحفي والسياسي والافتراضي والتفاعلي وكذلك عدم النشر في المجلات المفترسة  لأن النشر في هذه الأخيرة يمكن أن يعرض صاحبه لرفض أطروحته وإلغائها، مشددا أنه من الضروري كذلك إعتماد فصل يخصص لسياسة البحث يوضح فيه الباحث اختيارته النظرية والميدانية وجدوى الموضوع وجدته من خلال مرافعة علمية وسردية أكاديمية . كما تحتل صياغة الأدبيات والمقدمة والتمرين على ضبطها والتمكن من آلياتها  حيزا مهما في قبول مشروع الأطروحة ، حيث يخصص لتدريسهما السنة الأولى من الزمن القانوني للأطروحة والنجاح في هذا التكوين يعد أساسيا لتقديم مشروع البحث للمشرف ولجنة التتبع والمناقشة. ذلك لأن بناء وصياغة  أسئلة البحث والفرضيات والاستنتاجات الأولية تمثل محور مشروع البحث وتبنى من خلال أبحاث ميدانية قبلية وقراءات معمقة في أدبيات موضوع البحث وهي التي تحدد أهدافه ومآلاته. 
وقال في هذا الصدد:"فيما يتعلق بالخطوات الإجرائية لإنجاز بحث الدكتوراه فهي كالتالي.  يتم أولا اختيار موضوع البحث لتليه مرحلة تحضير مشروع البحث و التي تتضمن عدة عناصر من الفصل الأول والفصل الثاني والفصل الثالث ومناقشته مع لجنة التتبع فيما يقوم الباحث باختيار المشرف : اختيار المشرف بحسب الموضوع والاهتمام العلمي يساعد في فهم الإشكالية ومآلات البحث وتتبعه مرحلة  اختيار أعضاء لجنة الفحص والتتبع ويتم اختيارها من طرف الطالب بحسب الاختصاصات وعناصر البحث وهي التي ستتبع أطوار البحث والمنهجية. ويقدم مشروع الدكتوراه على نسخ ( Draft ) بحسب ملاحظات اللجنة " والعقد العلمي" المبرم بينها وبين الطالب ، وهو غالبا يتضمن الفصل الأول والثاني والثالث ليتم بعدها في حالة القبول المصادقة على المشروع.
وارتباطا بإنجاز البحث، يقوم الباحث في هذه المرحلة  بضبط المنهجية وآليات الاشتغال الميداني بالتوافق مع اللجنة العلمية من خلال القيام بأبحاث قبلية . لتتبعها مرحلة البحث الميداني المعتمد لجمع وتحليل وتأويل المعطيات. أما فيما يمت إلى كتابة وتحرير البحث فيتوجب على الباحث التمكن من الكتابة الأكاديمة وفي حالة عدم تمكنه منها يلجأ الطالب إلى متخصصين في المراجعة، لأن هم لجنة التتبع والمناقشة ليس الشكل بل المضمون والإضافات الأكاديمية والصنعة العلمية ( في المغرب لا تخلو مناقشات الدكتوراه  من ملاحظات مستفيظة حول الشكل).
وتكون آخر مرحلة في إنجاز الدكتوراه هي برمجة الدفاع عن الأطروحة حيث يقرر المشرف على الأطروحة برمجة الدفاع عنها بحضور أعضاء لجنة التتبع الذين يقررون في نهاية المناقشة من خلال خمسة اختيارات: ينجح ( يمر) بدون تعديلات، ينجح (يمر) مع تعديلات طفيفة، ينجح (يمر) مع تعديلات مهمة، يتابع الاشتغال والدفاع عن الأطروحة، يرسب (لا يمر). وفي حالة النجاح مع شرط التعديلات يتوجب على الطالب القيام بالتعديلات والمراجعات طبقا لما هو معمول به في الجامعة  لكي يتمكن من الحصول على الدبلوم والانتقال إلى صفة دكتور".